21-يونيو-2017

عراب أبناء زايد توني بلير مع تسيبي ليفني (أ.ف.ب)

تنطلق عصر اليوم، الثلاثاء 20 حزيران/يونيو 2017، وقائع أعمال مؤتمر الأمن القومي الإسرائيلي "مؤتمر هرتسيليا" حاملًا عنوان "على عتبة العام الـ70 لإسرائيل فرص وأخطار". في باب الأخطار فالإسطوانة الإسرائيلية باتت معهودة وهي دائمة التكرار منذ سبعة عقود، بتباينات نسبية في مستويات الحديث بالخطر بين هذه الأخطار المتوزعة على جبهات ثلاث. داخلية تختص بالفلسطينيين والصراع معهم، بشكل خصوصي جبهة غزة، دون نسيان تحليل خارطة الحال في الضفة الغربية ومستويات الاشتباك. شماليًا على الحدود مع جنوب لبنان والجولان المُحتل، وثالثهما على الساحة الدولية باتساعها فيما يختص بصورة إسرائيل والتحديات الدبلوماسية والاقتصادية التي عادة ما تختصرها إسرائيل كجزء أصيل من أمن "الشعب اليهودي" الذي تحافظ السردية الصهيونية على أنشودة استهدافه والعداء له منذ الحرب العالمية الثانية حتى اللحظة.

للفلسطيني في هرتسيليا، صورة وهندام أخرين. فهو يجيد إحكام ربطة العنق، ويحب  السلام  ما طُلب إليه سبيلا 

أما باقي الجبهات، فلا خوف ولا وجل. الجبهة الشرقية، مكفولة بمعاهدة وادي عربة منذ عهد الراحل الملك  حسين، وأقصى الجنوب، تبارك السيسي ومشروع نخر سيناء وتقويض الحياة فيها، دونًا عن حصار غزة. أما إذا تم إطلاق الحديث للفضاء العربي "الأرحب" فهنيئًا لقيادة أركان الجيش الإسرائيلي كما لوزارة الخارجية. وهنا يبدأ الحديث عن "الفرص" الحقيقية التي تفهم تل أبيب تمامًا ما تتيحه من مستويات لعب على تجريم الفلسطىني وإخراج صورة مسرحية له يتربع "الإرهاب" على عرشها. 

لكن، وقبل الادعاء على أي أحد، يحضر الفلسطيني مجددًا. وهو هنا ليس ذلك الفلسطيني بسكّينه في "زواريب" البلدة القديمة في القدس، ولا ممتهن التصنيع اليدوي للعبوات الناسفة وبنادق الضاغط والارتداد الهوائي. وهو بالقطع ليس من بين فتية حي المكبر أو سلوان وعبواتهم الحارقة تجاه شذاذ جهاز حرس الحدود الإسرائيلي. للفلسطيني هنا، في هرتسيليا، صورة وهندام آخرين. فهو يجيد إحكام ربطة العنق، ويحب "السلام" ما طُلب إليه سبيلًا. ويعرف بروتوكولات المصافحة الدافئة عن ظهر يد. 

إذ جرت العادة لدى السلطة الفلسطينية في هرتسيليا أن يتم ابتعاث وزير، أحمد مجدلاني وغيره، أو رجل أمن،  من أولئك المحظيين بالإشادة الأمريكية - الإسرائيلية على جهودهم في حفظ "الاستقرار"، في عموم ما لا يتجاوز 1.7٪ من فلسطين، أي مسؤولية السلطة الخدماتية و"الأمنية"، من داخل بالوناتهم في رام الله. لكن هذا العام، وفي ظل أجواء لم يسبق أن كان مثيل لأريحيتها لتل أبيب وتطبيع العرب معها، يحضر مستشار رئيس السلطة الفلسطينية إلى مؤتمر هرتسيليا.

اقرأ/ي أيضًا: عشقي في تل أبيب.. تعقيب بشأن التطبيع

يحل نبيل شعث مبعوث سلام وتضامن، وهو الذي لم يكل من إضاعة الوقت والتسويف لدى كل سؤال تعرض  له في آخر لقاء صحفي له، محاولًا مراوغة المحاور الأكثر مراوغة، تيم سباستيان، قائلًا إن كل معضلات الفلسطينيين إنما تنبع من وجود الاستيطان، فقط الاستيطان، وليس إسرائيل برمتها، وأمنها القومي على رأس تلك المعضلات. لكن المستشار الرئاسي معفي من اللوم، فهكذا يكون التضليل عن الرد على الانتهاكات الجدية لحقوق الإنسان والحريات الفردية والصحفية التي تسلكها السلطة بدواع لم تعد تقنع حتى الإسرائيلين أنفسهم، وهي التي ترتكب لصالحهم بحق مقاومين وصحفيين وفلسطينيين، جل قضيتهم رفض إسرائيل وتوابعها. إذ حتى وريث داعية التفوق الأشكنازي يائير لبيد بات يعيب على السلطة ملفها الحقوقي،  ويطالبها بالانتباه له قبل التفكير بكيل أدنى انتقاد لإسرائيل!

share

في عقد إسرائيل السابع،  صار الفلسطيني على بينة كافية بشأن مازوشية العواصم العربية تحت مظلة الرياض في حب تل أبيب

وعليه، رحلة آمنة سيد شعث إلى مؤتمر الأمن القومي الإسرائيلي، الأمن ضروري بلا أدنى شك، لا سيما عندما يكون الطرف المهدَّد إسرائيل، لكن بالتأكيد إن لم تسعف إنجليزية أو عبرية السيد شعث في تسجية وقته، فلن يمل، لأن هناك في هرتسيليا من لديه لسان عربي فصيح في المؤتمر أيضًا، وإمكانيات المسامرة قائمة مع سعد الحمر، رئيس هيئة مياه وادي الأردن من الطرف الأردني. 

أما الأكثر لفتًا للانتباه، فلن يكون خطاب أفيغدور ليبرمان، وزيرًا للأمن، ولا في مداخلة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، هرتسي هليفي، كما من المؤكد أن المفاجئة لن تكون لدى قائد سلاح الجو الإسرائيلي. بل في الاستدلال على بعد الخدمات الإقليمية لأمن تل أبيب وتطبيع حضورها "عربيًا". يتضح هذا الاستدلال عبر المساحة المعطاة لخطاب عراب أبناء زايد، توني بلير، وجهوده بشأن "المبادرة الإقليمية" لتحقيق السلام، عبر عبد الفتاح السيسي، بغطاء من الرياض، ومشاركة زعيم المعارضة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ، وثالثهما بنيامين نتنياهو، الذي كما بدا من تسريبات "هآرتس" الشهيرة أنه لم يكن راضيًا عن مستوى السقف المعروض في العام الماضي فأفشل المسعى حينها. 

لكن هذا العام، ووسط الأنباء المتتالية عن الاتفاقات الاقتصادية السعودية - الإسرائيلية، وأفق التعاون البحري والجوي بين الرياض وتل أبيب، بعد تيران وصنافير، وعلى درب استئناف التطبيع الكامل برعاية ترامب وظل "الجزية" التي جباها في قمة الرياض الأخيرة، والمشاريع الاقتصادية والأمنية لدواع ومزاعم "الطاقة والبيئية" المتعاظمة بين تل أبيب وأبوظبي، الحاضرة بخطة مستشارها، توني بلير، سيسجل هرتسيليا في عقد إسرائيل السابع، عبور عتبة جديدة صار الفلسطيني فيها على بينة كافية بشأن مازوشية العواصم العربية تحت مظلة الرياض في حب تل أبيب.


اقرأ/ي أيضًا: 

كيف أصبحت أيّامنا بعد حزيران كُلّها حزيران؟

لا تنتظر أن يطرقوا جدار الخزان.. افتحه!

عن موظف الدعم الفني: المقموع والقامع