06-فبراير-2018

مفهوم "صورة النصر" مدخل مهم لتفسير السلوك الإعلامي والسياسي داخل إسرائيل، وفي حربها النفسية المتواصلة على الفلسطينيين، وجهودها للحفاظ على معنويات المستوطنين. وتزيد أهمية "صورة النصر" في المواجهات التي يتخللها "صور خيبةٍ وهزيمة"، مثل مطاردة الشهيد أحمد نصر جرار، الذي فرض على الاحتلال تجرع صور الهزيمة على مدار شهر كامل منذ عملية نابلس، مروراً بالمعركة التي خاضها ليلة استشهاد ابن عمه وانسحابه وإصابة جنديين.

خلال حرب لبنان الثانية؛ حرص جيش الاحتلال على التقاط صورة لجنوده يرفعون العلم الإسرائيلي من الشرفة التي ألقى منها الأمين العام لحزب الله الخطاب الذي وصف فيه إسرائيل بأنها بيت العنكبوت، بعد انسحاب الاحتلال من لبنان عام 2000. كان جيش الاحتلال يعتبرها "صورة النصر".

تزداد أهمية "صورة النصر" في إسرائيل في المواجهات التي يتخللها "صور خيبةٍ وهزيمة"، مثل مطاردة الشهيد أحمد جرار

وفي حرب 2014 على قطاع غزة، التقط جيش الاحتلال صوراً لجنوده وهم يرفعون رجالاً مدنيين عن الأرض، وزعم أنهم مقاومون استسلموا لقواته. تلك الصور لم يكن لها أثراً إيجابياً بالنسبة لإسرائيل على الجانب العربي والفلسطيني، ولكنها حُفرت في أذهان الإسرائيليين، كان ذلك بسبب تجاهل الإعلام العربي لتك الصور، وعوامل أخرى.

اقرأ/ي أيضاً: فلسطين تبكي نصرها

رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، يتصرف بناء على منطق "صورة النصر"، بحسب الكثير من الخبراء الإسرائيليين. وعلى سبيل المثال، بعد الإفراج عن الجندي جلعاد شاليط، أصر نتنياهو على أن تكون الصورة الأولى للجندي  بصحبته، وفي سبيل ذلك أجبر مكتبه الطائرة التي تقل شاليط على التحليق في السماء حتى يتم ترتيب الظروف واستبعاد وزير جيشه من المشهد.

صور الشاب الوسيم المبتسم التي نشرها الفلسطينيون من كل الفئات العمرية على وسائل التواصل الاجتماعي؛ انتشرت كالنار في الهشيم. في الاشتباك الأول الذي أعقب هجوم نابلس، أثارت قلق الاحتلال من حالة التعاطف مع أحمد، ومع كل مداهمة فاشلة كان يتعاظم فخر الفلسطينين بالفدائي، مثلما جرى مع الشهيد نشأت ملحم.

مقابل ذلك، فإن صور عجز "الشاباك" وهزيمته في مطاردة أحمد جرار وصلت إلى الجمهور الإسرائيلي عبر مواقع التواصل الاجتماعي. مثلاً نشر حساب يحمل اسم "الظل" وهو مغني مشهور بعنصريته في إسرائيل، صورة الشهيد وهو يركب سيارة رافعاً شارة النصر، وزعم أن تلك الصورة التُقطت للشهيد بعد العملية الفاشلة في واد برقين؛ التي أسفرت عن إصابة جنديين بجروح، وذلك في إطار التحريض على تدمير مدينة جنين، بزعم أن الشهيد يتجول فيها محتفلاً بالنصر، وتداول الإشاعة آلاف الإسرائيليين.

"الشاباك" خير من يدرك أن نشر الآلاف من الفلسطينين على مواقع التواصل الاجتماعي صور  أحمد المبتسم،  تعني السخرية من قدراته الاستخبارية التي عجزت على مدار أكثر من شهر في الوصول إليه وقتله، وتُكرسُهُ في وعي الأطفال الذين نشأوا بعد الانتفاضة الثانية نموذجاً للاقتداء في التضحية، ودليلاً على أن المقاومة ممكنة رغم انعدام الإمكانات.

"الشاباك" خير من يدرك أن نشر الآلاف من الفلسطينين صور  أحمد المبتسم، تعني السخرية من قدراته الاستخبارية، وتكرّسه نموذجاً للاقتداء في التضحية

ومن أجل محاصرة ذلك، سعى "الشاباك" إلى نفى صورة جرار المبتسم، بنشر صورته مضرجاً بدمائه، عبر تسريبها بواسطة حسابات المستوطنين على وسائل التواصل الاجتماعي، فيما امتنعت وسائل الإعلام العبرية عن نشرها لجمهورها.

وللاسف تناقل الصورة قسم من الفلسطينيين بحسن نية؛ ليقدموا خدمة لـ"الشاباك" في حرب "صورة النصر"، علماً أن تلك الصورة لم ينشرها جيش الاحتلال مع بياناته الرسمية، لكنها لم تكن لتجد طريقها إلى النشر دون سماح الرقابة العسكرية بذلك، وهذا يؤكد أنها موجهة لإلحاق الأذى بمعنويات الفلسطينيين، وبهدف تحقيق انتصار على صورة ابتسامة الشهيد أحمد جرار.


اقرأ/ي أيضاً:

فيديو | إنّا من الصابرين

الشاباك: قتلنا أحمد جرار

كيف تُلاحق إسرائيل المقاوم جرار؟