افتتحت الفنانة الفلسطينية هديل الرملي مشروعها الفني "أنا الهندي الأمريكي الأخير" في العاصمة البلجيكية بروكسل بالتزامن مع الذكرى التاسعة والأربعين للنكبة الفلسطينية، ويتضمن المشروع، الذي يستمر حتى الـ 17 من حزيران/يونيو الجاري، معرضًا للصور الفوتوغرافية التوثيقية التي تقدم للجمهور الأوروبي صورًا من الذاكرة الفلسطينية للحياة اليومية في مدينة القدس، والمدن الفلسطينية الأخرى، تعود للقرن التاسع عشر وتقاربها مع توثيق الحياة اليومية للإنسان الفلسطيني في الوقت الراهن.
تقدم هديل الرملي للجمهور الأوروبي صورة لم يعتد عليها لكون إعلامه يكرس صورة "إسرائيلية فلسطين"
مشروع الرملي يقدم للجمهور الأوروبي صورة لم يعتد عليها كون إعلامه يسعى لتكريس صورة "إسرائيلية فلسطين"، وبالتالي لا يتاح له الفرصة للتعرف على فلسطين ما قبل الاحتلال الإسرائيلي لها. يرافق المعرض الفوتوغرافي عرضًا لفيلم وثائقي عن حياة الفلسطينيين في القرن الـ19، والمتغيرات التي طرأت على حياتهم اليوم.
اقرأ/ي أيضًا: مسرحية "الراحلة".. الألم بالجملة
توضح الفنانة هديل الرملي لـ"الترا صوت" أن فكرتها في إعادة إحياء الأرشيف الفلسطيني في القرن التاسع عشر، تأتي تأكيدًا على غنى وتنوع الهوية الفلسطينية ما بين المدينة والقرية، جنبًا إلى جنب مع التنوع المذهبي (الإسلامي، المسيحي، اليهودي) في نسيج المجتمع الفلسطيني مع التركيز على توثيق حياة للإنسان الفلسطيني في الوقت الراهن، وذلك خلال فترة إقامتها في قطاع غزة ما بين عام 2007-2012، لترصد مختلف الظروف اليومية التي يعيشها الفلسطيني في أوقات النزاع والهدنة.
حين نسأل الرملي عن المغزى من بدء فيلمها الوثائقي بصورة لمدينة القدس لم تدنسها الحدود والحواجز، في حين أن الجدران العازلة تغزو المدينة اليوم، وتقضي على فكرة التنوع الحضاري الذي كانت تعيشه، فما هي الرسالة وراء ذلك، تقول: "لأنني عندما أسافر بمخيلتي إلى مدينة القدس وفلسطين في القرن التاسع عشر، أجد فيها شعور المنزل الآمن، الذي تزدان جدرانه بالتنوع والغنى المذهبي، وهذا المعنى الحقيقي للوطن وما يساهم في تطوره، ولأنه من خلال سفري إلى ذلك الزمن الجميل، أهرب من واقع مؤلم تغزو فيه الحدود والحواجز منطقة الشرق الأوسط ويسود التطرف والانقسام بين أجزاء الوطن".
اقرأ/ي أيضًا: محمد دحة.. أن تحارب الإسمنت بقيثارة
وتضيف: "في الوقت ذاته، كوني فتاة مسافرة في هذا الوطن الكبير (الأرض)، كثيرًا ما أصطدم بمظاهر العنصرية المختلفة، والتي تزيد من حنيني إلى أماكن وطرقات لا تضعنا تحت عدسة المجهر، ولا تطلب منا توضيح وتبريرات، ولا تسألنا من أين أنت؟ ولا تختزل هويتنا في مذهب أو منطقة جغرافية، أو لون بشرة. إنما وطن يرى في إنسانيتك وتنوعك هوية ومواطنة، حيث أرى في القدس وفلسطين في القرن التاسع عشر ذلك المكان".
هديل الرملي: أرى في حكاية الأرض الفلسطينية حكاية السكان الأصليين للقارة الأمريكية
وهذا بدوره يقودنا إلى أن نسألها: هل معرضك اليوم حالة سخط ورفض لهذا الواقع؟ أم رسالة سلام لتغير هذا الواقع دون صدام، وكيف؟، فتجيب: "بالتأكيد لا، إنما هي حالة ورسالة حب، وتأكيد على أننا قادرون على صناعة مستقبل إيجابي وثري، استنادًا إلى الماضي العريق والثري، وإدراكًا لقيمة التنوع في نهضة المعمورة".
وعن سبب اختيار "الهندي الأمريكي الأخير" كعنوان للمشروع، تقول: "كـ ابنة لتلك المنطقة، فإنني أرى في حكاية الأرض الفلسطينية بعيدًا عن مختلف الروايات سواء الفلسطينية، أو العربية، أو حتى الإسرائيلية، حكاية السكان الأصليين للقارة الأمريكية، حكاية شعب كريم استقبل ضيفه ورأى في الهجرة أو المهاجرين حقًا إنسانيًا وطبيعيًا في التفاعل مع الأرض، وفي المقابل قوبل كل ذلك بالسرقة والتنكيل، وتزوير التاريخ. اخترت هذا الاسم لأني أرى في الصراع في فلسطين صراع خير وشر لا صراع دين أو اعتقادات أخرى، ولأنني أرغب بأن أؤكد أن كل إنسان وكل حضارة يحتمل أيضًا أن تلقى مصير السكان الأصليين للقارة الأمريكية، في حال لم نعمل سويًا على تعزيز قيمة التنوع".
اقرأ/ي أيضًا: