لم توفِّر وزيرة العدل في الحكومة الإسرائيلية الحالية، وعضو الكنيست عن البيت اليهودي سابقًا، ايليت شاكيد أيّ فرصة، خاصة في الأسابيع الأخيرة، إلّا وصبّت جهدها في التحريض والدعوة وتقديم مقترحات لفرض قواعد مراقبة ومعاقبة أكثر صرامة على ما يدور في ساحات المواقع المخصصة للتواصل الاجتماعي؛ وفيسبوك تحديدًا.
إغراق شاكيد لخطابها بكلاسيكيات العنصرية الأشكنازية يختص بتعقيدات هوياتية إسرائيلية عامّة، قائمة مؤسسيًا كخطاب عنصري يبرر الحالة الاستعمارية
الدعوات تختص بالمحتويات التي تعتبرها الوزيرة -المتحدرة من عائلة مهاجرة من يهود العراق- معادية للسامية ولإسرائيل، وتضم قائمتها أي دعوة لمقاطعة إسرائيل أو سحب الاستثمار أو فرض العقوبات، وخوض تحرك قانوني على صعيد المنظمات الدولية العاملة في المجال.
كما ويحتل نشطاء الانتفاض الفلسطيني المفتوح على الظرف التاريخي المستمر، مساحة فضفاضة لدى شاكيد، وصولًا لدعواتها المتكررة لإبادة العرب بالمطلق، وتنظيف إسرائيل منهم، واقتباسها لمن سبقوها في تبني هذه الموجات الخطابية ضدّ العرب، كلّ العرب، وللمصادفة لا تستعمل شاكيد أي تقنية تخصيص، ليفهم عنها العداء للفلسطينيين فقط، بل المسألة من وجهة نظرها متعلقة بالعرب، دونًا عمّا يتخلل هذه التقنية من وصم دوني استعلائيّ ضدّ من تحتل دولتها أرضهم ومن انحدرت هي منهم أصلًا، فلم يُذكر قبل الصهيونية أن يهود بغداد ليسوا عربًا. لكن المحرك الموروث والمنتحل لدى شاكيد يدلل على إرث الدعاية النازية تمامًا، وهو الإرث الذي يمكن القول أنّه بات أصيلًا في حالة الصهيونية بعد الحرب العالمية الثانية وصولًا لليوم.
إغراق شاكيد لخطابها بكلاسيكيات العنصرية الأشكنازية ضد "الأغيار" يختص بتعقيدات هوياتية إسرائيلية عامّة، قائمة مؤسسيًا كخطاب عنصري يدأب في تبرير الحالة الاستعمارية في ذات الوقت الذي يستمر بتصعيد عدائيته بوتيرة طويلة الأمدّ ضدّ كلّ ما سواه في الأرض.
إذًا شاكيد تريد حرق العرب قبل أن يحرقوها "مجددًا" وتعاد "كارثة وبطولة" الأشكناز. شاكيد تتبنى المسألة على عاتقها، تريد حرق كلّ شيء، وكلّ شيء خاضع للحرق من زاوية نظرها؛ من صفحات النشطاء والأكاديمين والمحامين في فيسبوك وغيره، حتى تذكيرها بدعوات إزالة شعفاط مثلًا، أو إغراق غزة والتخلص من هذا "الشيء".
وبالإتيان على ذكر غزة، ومرورًا بتصنّت المقاومة في كتائب القسام وأذرعها الإلكترونية على قواعد ومعلومات وصور وتقارير كانت مصنّفة سرية، وفق الشين البيت/الأمن العام، فيجدر بشاكيد أن تهدأ قليلًا، وتتخلى عن ميكانزماتها النازية ذات المحتوى الصهيوني قليلًا أثناء النظر، المجنّدة السابقة في وحدة جولاني الاحترافية، كان وسيكون أجدر بها دومًا التلهي بشؤون جرائم وفساد جيش احتلالها، ليبقى تركيزها على جرائمها التي سبقت بحق الفلسطينيين، بل بحق العرب.
فخيوط المحاكمات الدولية التي تجرّم شاكيد بدورها أي دعوات لها أو تطرُّق لمحتويات اللوائح والشرعات الدولية من منطلقات أولية. من شأنها على الأقل أن تثير توتر أمثال شاكيد في تنقلاتها الأوروبية بملامحها واضحة الشرقية، وحنجرتها الطافحة بالفاشية المضادة على قاعدة "نحن ولا أحد غيرنا" شديدة القرب من "الأسد أو نحرق البلد" أو مقولات وحدانية "الفوهرر" وكل إيقاعات الشعبويات الشبيهة، ليس أخرها الترامبية الصادحة التي توفر لشاكيد وأشباهها وصلات وقاحة تغذي مخزوناتهم في حربهم الانعزالية.
اقرأ/ي أيضًا: