على مواقع التّواصل الاجتماعي، نُشِرت مئات الصّور لعائلاتٍ فلسطينيةٍ وهي تقضي إجازة عيدِ الفطر في مدن السّاحل الفلسطيني والمنتزهات والمنتجعات في شمال فلسطين، في ظلِ افتقار مدينة القدس لأماكن ترفيهية.
في مدينة يافا، يبدو المشهد وكأن هجرة جماعية حدثت إلى بحرها، أطفالٌ ونساءٌ ورجالٌ ومسنون، جميعهم اجتمعوا على ساحل البحر في اليوم الأخير من الإجازة، وقد تكرر المشهد في الجولان المحتل وقرى الجليل في شمال فلسطين على الحدود مع لبنان.
يلجأ أهل القدس إلى يافا وقرى الجليل والجولان المحتل بحثًا عن الترفيه نتيجة انعدام أماكن الترفيه بالمدينة
على بعدِ عدة كيلومتراتٍ من ساحل يافا، وفي حديقة حيوانات "رامتغان" المقامة على أراضي تابعة ليافا، امتلأت الحديقة بالأطفال وذويهم في ثالث أيام العيد، رغم الحرارة الشّديدة والرطوبة العالية، وهو ما وصفته الشابة ولاء بكري التي جاءت مع زوجها وأطفالها للحديقة قائلة "القدس انتقلت هنا".
اقرأ/ي أيضًا: نورة التي تنتظرُ إسرائيلُ موتَها
وأضافت، "توّقعنا أنّ يكون العدد أقل ولكنّ الناس لمْ يجدوا مكانًا لاحتضان أطفالهم سوى حديقة الحيوانات خارج القدس. أنا حامل، وأشعر بالتعب الشديد بالذهاب لمكان خارج القدس مع أطفالي، ولكن لا يوجد مكان آخر، وجيل اليوم لا يمكن إقناعهم بالبقاء في البيت في العيد، الحلّ بناء أو تخصيص مناطق آمنة مناسبة لأطفالنا في القدس".
تذمر العائلات والأطفال من افتقار القدس للمنتزهات والمنتجعات يُضاف إليه أيضًا تذمر الشباب من نُدرة المقاهي والمطاعم التي يُمكن التوجه إليها خلال فترة العيد.
الشابة والصحافية سندس عويس قالت إنها لمْ تجد مكانًا لقضاء العيد مع ارتفاع درجة الحرارة وتوّجه الفلسطينيين من القدس والضفة الغربية إلى يافا وحيفا، فقررت الذهاب إلى قريةٍ من قرى الجليل، للتمتع ببعض الراحة والهدوء بعيدًا عن "صخب المدن".
وأشارت عويس إلى أن القدس تفتقر لمتنزهاتٍ ومنتجعاتٍ وأماكن تحتضن أُسر المدينة في العيد والإجازات، معتبرةً السّبب الرّئيسي هو الاحتلال الاسرائيلي ومنع بناء أو تخصيص مناطق لقضاء وقتٍ مع العائلة بعيدًا عن روتين المنزل والمدينة، رغم إصدار رخص بناء حدائق توراتية للمستوطنين.
تُصدر بلدية الاحتلال في القدس رخصًا لبناء حدائق توراتية للمستوطنين وتمنع إقامة أماكن ترفيهية للفلسطينيين
وأضافت، "بلدية الاحتلال تمنع إصدار رخص لبناء مسابح ومنتجعات بالقدس، تحاول من خلال هذه السّياسة ترحيلنا والضغط علينا لترك القدس، لكننا لا نتركها، قدّ نذهب لقضاء عطلة لعدة أيام خارجها لكنّا نعود إليها، وهي فرصة لاكتشاف مدننا وقرانا المحتلة".
اقرأ/ي أيضًا: الحرب على مؤسسات القدس.. الأخطر قادم
وقبل عدة أشهر هدمت بلدية الاحتلال المسبح الوحيد الموجود في مخيم شعفاط شمال القدس بحجة عدم التّرخيص، وهو الملاذ الوحيد لأهالي المخيم في الإجازات والأعياد. كما هدمت جرافات البلدية قبل رمضان الأخير نادي للفروسية في حي وادي ياصول ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، كان الأطفال يعتبرونه فرحة العيد باللهو وركوب الأحصنة.
يرى أحمد الصفدي عضو هيئة العمل الأهلي والوطني في القدس، أن تعطّش الفلسطينيين بالضفة الغربية والقدس لقضاء وقت استجمام بالعيد وامتلاء الساحل بهم، يعكس مدى حرمانهم من الأماكن الترفيهية، بسبب محدوية المتنزهات والمرافق لديهم.
وبيّن الصفدي أن هناك بعدًا سياسيًا لهذا الواقع، وهو اقتصاديٌ أيضًا، "فالاحتلال يسيطر على سواحل الشاطىء الفلسطيني في البحر المتوسط والبحر الأحمر، وهذا يُنعش اقتصاد الاحتلال، سواءً في قطاع النقل والمواصلات أو المطاعم والمرافق والخدمات الإسرائيلية".
وأضاف، "صحيحٌ أنّ هناك مطاعم ومرافق وأكواخ خاصة بفلسطيني الداخل المحتل، إلا أنّ الحكومة الإسرائيلية تضيّق عليهم وتمنعهم من تطوير مشاريع استثمارية ترفيهية".
وأكدّ الصّفدي أنّ مشكلة القدس لا تتمثل فقط في منع البناء، وإنما أيضًا قلة المساحة، بسبب سياسة مصادرة أراضي أبناء المدينة ومنعهم من التصرف فيها.
اقرأ/ي أيضًا:
شوارع القدس بأسماء "أبطال إسرائيل".. هل نجح التهويد؟