04-نوفمبر-2022
زملاء الطفل الشهيد ريان سليمان في مدرسة تقوع

لم يكن الطفل ريان سليمان (7 سنوات) -أواخر شهر أيلول/سبتمبر 2021- الضحية الأولى في سجل جرائم جيش الاحتلال بحق طلاب المدارس. ففي محافظة بيت لحم وحدها، استشهد ستة طلاب منذ بداية العام الحالي، في حين أن 42 طالبًا استشهدوا في جميع المحافظات خلال الفترة ذاتها، بحسب معطيات أفادنا بها نائب مدير التربية والتعليم في المحافظة بسام جبر.

في محافظة بيت لحم وحدها، استشهد ستة طلاب منذ بداية العام الحالي، في حين أن 42 طالبًا استشهدوا في جميع المحافظات خلال الفترة ذاتها

وبعد استشهاد الطفل ريان من مدرسة ذكور الخنساء الثانوية التي تقع على الشارع الرئيس الذي يمر منه المستوطنون والجيش في بلدة تقوع، وفرت مديرية التربية والتعليم حافلات خاصة لنقل الطلاب من المدرسة وإليها، في محاولة لحماية الطلبة من اعتداءات الجنود والمستوطنين.

زملاء الشهيد ريان سليمان في مدرسة ذكور الخنساء الأساسية في تقوع

وأوضح بسام جبر لـ الترا فلسطين، أن المسافة التي يقطعها الطلبة للوصول إلى المدرسة تقرب من ثلاثة كم، ما يجعلهم عرضة لاعتداءات المستوطنين وخطر الدهس على هذا الطريق. وعينت الوزارة مرشدًا تربويًا إضافيًا للمدرسة، ومعلمًا سيتواجد باستمرار على الشارع لمراقبة الوضع ومساعدة الطلبة في ركوب الحافلات والترجل منها.

يقول جبر إن هذه الحلول هي المتاحة لمحاولة حماية الطلبة من الجنود والمستوطنين، في ظل عدم القدرة على تنفيذ الحل الأمثل، وهو منع المستوطنين من المرور عبر هذا الشارع.

وإضافة إلى مدارس تقوع، تعيش مدارس معاناة مشابهة، مثل مدرسة جب الذيب في بلدة بيت تعمر شرقي بيت لحم، ومدرسة النبي زكريا، الواقعة في قلب التجمع الاستيطاني "غوش عتصيون" جنوبي بيت لحم، حيث يمنع الاحتلال بناء غرفة واحدة إضافية على المدرسة، ما يضطرهم لنقل الطلبة بعد الصف التاسع إلى مدارس بلدة بيت فجار المجاورة، وعبر حافلات مخصصة.

حافلة طلاب مدرسة ذكور الخنساء الثانوية في تقوع

وأوضح جبر، أن وزارة التربية والتعليم توثق الانتهاكات بحق المدارس بالتعاون مع مجلس الوزراء، لتقديمها للمحاكم الدولية، مؤكدًا أن اعتداءات الجيش والمستوطنين على المدارس سجلت ارتفاعًا هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة. فالعام 2021 -مثلاً- انتهى باستشهاد 15 طفلاً ومعلم، في حين أن عدد الضحايا من الطلاب في 10 شهور هذه السنة تضاعف مرتين.

اعتداءات الجيش والمستوطنين على المدارس سجلت ارتفاعًا هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة. فالعام 2021 -مثلاً- انتهى باستشهاد 15 طفلاً ومعلم، في حين أن عدد الضحايا من الطلاب في 10 شهور هذه السنة تضاعف مرتين

وأفاد جبر أن 3450 طالبًا مدرسيًا أصيبوا في اعتداءات لجنود الاحتلال والمستوطنين، وإصاباتهم بالرصاص الحي أو المطاطي أو رصاص الدمدم أو التوتو، واختناقًا بقنابل الغاز، ورضوض وكسور بسبب الدهس أو الضرب، وبالخوف والهلع بسبب الاقتحامات وتهديدات جيش الاحتلال والمستوطنين للطلبة. كما أصيب 70 معلمًا ومعلمة وموظفًا إداريًا في اعتداءات متنوعة للجنود والمستوطنين.

وإلى جانب الأثر المباشر لهذه الاعتداءات على الطلبة، فإن أثرها على العملية التعليمية "واضحٌ للعيان" بحسب منى عبد الله، مديرة مدرسة ذكور الخنساء الأساسية في بلدة تقوع، فهي تسبب تأخر الطلبة عن مدرستهم، وتعرقل تقدمهم في المنهاج والخطة الدراسية، عدا عن حالات التوتر والخوف التي تنتاب الطلبة الأطفال في حال وقوع مثل هذه الاعتداءات.

وأفادت منى عبد الله بوجود "خطة طوارئ" لتأمين حياة الطلاب في اعتداءات الجنود والمستوطنين، فيتم إغلاق البوابات بشكل محكم، ولا يتعجلون في قرار إخلاء المدرسة لأنه قد يشكل خطرًا على حياتهم، كما يحاول الطاقم التعليمي والإداري تهدئة الطلاب وطمأنتهم والحفاظ على صحتهم النفسية.

مدرسة ذكور الخنساء الأساسية في تقوع

وأضافت، أن إدارة المدرسة تتواصل مع وزارة التربية والتعليم والجهات ذات العلاقة سواء الرسمية أو من المجتمع المحلي لإبعاد الجيش والمستوطنين من محيط المدرسة، والسيطرة على الوضع.

وأوضحت منى عبد الله، أن إدارة المدرسة والهيئة التدريسية يواصلون العمل على زيادة وعي الطلبة بكيفية التصرف في حال تعرضهم لاعتداءات من قبل المستوطنين وجيش، سواء في المدرسة أو في الشارع، مثل تجنب سلوك بعض الطرق الخطيرة، ومحاولة الوصول لأماكن أكثر أمنًا للاحتماء بها، والابتعاد قدر الإمكان عن الطريق العام الذي يسلكه المستوطنون.

وأكدت، أن الاحتلال يعمل على طمس أي إشارة تدل على المدرسة، فالطريق الالتفافي السريع الذي يمر بمحاذاة المدرسة يشكل خطرًا كبيرًا على الطلاب، "وعملت المدرسة والمجتمع المحلي على تقديم العديد من الطلبات عبر التربية والتعليم والارتباط الفلسطيني، للإدارة المدنية الإسرائيلية، لرسم ممر للمشاة قرب المدرسة، ونصب شواخص مرورية تدل على وجود المدرسة والطلبة، إلا أن هذه الطلبات  قوبلت بالرفض أكثر من مرة".

عدد كبير من طلبة مدرسة ذكور الخنساء خضعوا لجلسات تفريغ نفسي ومعالجة، بمساعدة خبراء نفسيين، تم الاستعانة بهم خصيصًا لهذا الغرض بعد حادثة استشهاد الطفل ريان، حيث عاش الطلبة حالة نفسية سيئة بعد الحادثة

ونتيجة لذلك عمل نشطاء -مجهولون لغاية هذه اللحظة- على رسم ممر للمشاة على سطح الطريق في المنطقة القريبة من المدرسة، لتنبيه السائقين لوجود المدرسة والطلبة، "حيث تنحدر الطريق من أعلى الجبل إلى المدرسة، وتمر الشاحنات والسيارات مسرعة منها، ما يشكل خطرًا كبيرًا على الطلبة والمشاة" وفقًا لمنى عبد الله.

ونوهت أن عددًا كبيرًا من طلبة مدرسة ذكور الخنساء الأساسية خضعوا لجلسات تفريغ نفسي ومعالجة، بمساعدة خبراء نفسيين، تم الاستعانة بهم خصيصًا لهذا الغرض بعد حادثة استشهاد الطفل ريان، حيث عاش الطلبة حالة نفسية سيئة بعد الحادثة، أثرت على جميع من كانوا في المدرسة من الطلبة والمعلمين.

وبحسب معطيات لوزارة التربية والتعليم، فقد اعتقل جيش الاحتلال 90 طالبًا و31 معلمًا وموظفًا إداريًا خلال العام الماضي، وتم وضع طالبين في الحبس المنزلي. كما بلغ عدد حالات التأخير ومنع الطلبة من الوصول لمدارسهم 6759 حالة؛ إضافة إلى 983 حالة لمعلمين وإداريين.

وأظهرت معطيات وزارة التربية والتعليم أن سلطات الاحتلال سلمت 10 إخطارات بهدم مدارس في عام 2021. كما تسبب الاحتلال بضياع 5781 حصة تعليمية بالكامل، من خلال إغلاق الحواجز وإعاقة مرور الطلبة واقتحام المدارس.