07-أكتوبر-2015

غرافيتي لـ كوازيمودو في بالما ديمروقة في إسبانيا

حسنًا، لم أعد أتذكر اسم أي لاعبٍ آخر من فريق الكابتن ماجد عدا "الكاتبن ماجد"، كنت أقول لأمي: "ليش ع طول الأبطال بيكونوا حلوين، يعني أنا ما رح صير بطل!"، وأصبح تركيزي ينصبُّ في كل ما أتابع على الشخصيات الثانوية، وأردت أن أكون كذلك... لكنني صرت أكره البطل أكثر، لأن كل القصص الجانبية غير معنية بها الكاميرا إلا إن صبت في قصة البطل، الوسيم بالضرورة!

صرت أكره البطل أكثر لأن كل القصص الجانبية غير معنية بها الكاميرا إلا إن صبت في قصة البطل

لم أعد أريد أن أكون المغني أو الممثل الأول، الطالب الأول أو حتى رئيس البلاد! أردت أن أصبح كاتبًا يعيد للشخصيات الجانبية حقها من البطل الغبي، الذي مع الوقت أصبحت أنظر إليه بعين الشفقة.

عندما كان مدرس التاريخ في الإعدادية يخبرنا عن أبطال الحروب والفتوحات، كصلاح الدين الأيوبي، كنت أصرخ فورا بأنه لم يحرر القدس، إنما الناس الذين لا نعرف أسماءهم، وكنت بارعًا في نبش مصائب أولئك الأبطال، وكنت أحدث أصدقائي عن مجازرهم، عن قمعهم، وعن امتيازاتهم من النساء والجواري والملذات التي لا يرتضيها جمهورهم لأنفسهم لكنهم يبررون، بأن الأبطال يحق لهم مالا يحق لغيرهم! أو استخدام اللازمة "التاريخ مزور". لكأن التاريخ لم يزور إلا المصائب! وأن أبطال الدرجة الأولى منّ الله عليهم ... بحسن المظهر والبنية الجسدية الاستعراضية!

غالبًا ما كنت أبحث خلف الأفلام السينمائية المأخوذة عن قصص حقيقية، ودائمًا ما كان الأبطال الحقيقيون غير وسيمين، لكن على المخرج أن يحضر أكثر الممثلين وسامةً ليكون ملائمًا للشاشة وليحقق الفلم ايراداته، حتى أن أكثر الشخصيات الروائية دمامة في "أحدب نوتردام"، وهو كوازيمودو الأحدب، استطاع المخرج أن يقدمها جميلة في المسرحية الغنائية الفرنسية التي عملت عن الرواية وكانت من أعظم المسرحيات الغنائية! إحدى الصديقات كنت أتسكع معها في دمشق، وارتعبت من منظر رجلٍ أحدب، وابتعدت عن طريقه، ضحكت كثيرًا بوجهها آن ذلك، وأخبرتها أن "كوازيمودو" التي بكته وأحبته كثيرًا في المسرحية، كان أكثر دمامة!

كل تلك التراكمات في عقولنا منذ أول فلم كرتوني تابعناه مرورًا بكل أبطالنا التاريخيين والسينمائيين، مرورًا بممثلي الدعايات الذين لا يملكون إلا وسامتهم حتى أنهم يستبدلون أصواتهم بأصوات جميلة لأصحابها غير الجميلين! كل ذلك أورثنا التعاطف مع الجمال الخارجي لينعكس على أعمق مشاعرنا، لنصل إلى الهاوية بأننا نحب صور الشهداء الجميلين ونضعهم على صفحاتنا الشخصية في وسائل التواصل الاجتماعي ونحرص على اختيار أكثر الصور حرفية واظهارًا لتفاصيل الشهداء الجميلة... خارجيًا... خارجياً فقط.

اقرأ/ي للكاتب: طلب انتساب إلى مخيم اليرموك

لنبكيهم بمرارة ونصرخ دائمًا "مو حرام يموت هالجمال" وتقوم المواقع الاخبارية بعمل مواد عن جمال أولئك وصورهم، ليحققوا مشاهداتٍ أعلى! كما حصل مؤخرًا مع منفذ عملية الطعن في فلسطين فادي علون، ليصبح الاهتمام الإعلامي أخف بكثير مع الشهداء الذين قضوا في ذات الفترة الزمنية، كما يحصل مع صور الأطفال السوريين في مخيمات اللجوء لتنتشر صور الأجمل منهم، ويُنسى الأطفال الأكثر معاناة والأقل وسامة! 

لا تزال صديقتي تريد أن تكون كـ"أوسكار" أو "ساندي بيل" ولا تزال تبكي بمرارة موت أي طفلة تشبههما، حسنًا هناك أطفال يحبون أن لا يكونوا في الصفحة الأولى، ولا يحبون الكابتن ماجد، بل أصدقاءه الذين يفوزون، لكننا لا نذكر أسماءهم.