شهدت الأيام الماضية تصاعدًا في اعتداءات القوات البحرية الإسرائيلية على الصيادين أثناء عملهم قُبالة سواحل قطاع غزة. يوم الثلاثاء الأخير من شهر أيار/مايو، اعتقلت قوات الاحتلال سبعة صيادين. ويوم السبت 4 حزيران/يونيو، اعتقلت أربعة صيادين آخرين وصادرت قواربهم وأتلفت شباكهم، بينما أصيب صيادون آخرون بالرصاص المطاطي خلال مطاردتهم في البحر قبالة شاطئ مدينة غزة وفي شمال القطاع أيضًا.
تصاعد الملاحقة الإسرائيلية يرجع لعدة أسباب، أبرزها، أن قطاع الصيد يعيش هذه الأيام أحد أهم مواسم الصيد، وهو "موسم السردين" الذي يبدأ في شهر نيسان/ أبريل من كل عام ويستمر لأربعة شهور
زكريا بكر، منسق اتحاد لجان الصيادين، أوضح أن تصاعد الملاحقة الإسرائيلية يرجع لعدة أسباب، أبرزها، أن قطاع الصيد يعيش هذه الأيام أحد أهم مواسم الصيد، وهو "موسم السردين" الذي يبدأ في شهر نيسان/ أبريل من كل عام ويستمر لأربعة شهور، ويعتمد عليه الصيادون في سداد بعضٍ من ديونهم وإصلاح معداتهم المتهالكة.
وقال بكر، إن الاحتلال يسعى بصورة مستمرة إلى السيطرة على مصادر الغذاء وعدم استدامتها، سعيًا في "منع أدنى مقومات الحياة لشعبنا حتى نبقى تحت رحمة القرار الإسرائيلي".
وأضاف، أن الزوارق الحربية الإسرائيلية باتت تستمد شرعيتها من القرار القضائي الصادر بتاريخ 25 كانون ثاني/يناير الماضي، الذي يسمح بمحاكمة مراكب الصيادين والمطالبة بمصادرتها أمام المحاكم الإسرائيلية، مؤكدًا أن قطاع الصيد يتعرض إلى "تدمير ممنهج وتدريجي".
وبحسب بكر، فقد اعتقلت بحرية الاحتلال منذ بداية العام الجاري 40 صيادًا، مايزال خمسة صيادين منهم قيد الاعتقال. بينما تم تدمير سبعة قوارب ومصادرة 11 قاربًا آخرين، وإتلاف مئات قطع الشباك.
وأوضح، أن سلطات الاحتلال في غالبية عمليات الاعتقال تُفرج عن الصيادين في ذات يوم الاعتقال أو في اليوم التالي، بسبب عدم وجود أي أدلة بحقهم، في حين تستمر معاناة الصيادين بسبب مصادرة قواربهم لفترات طويلة.
أمجد بكر، أحد الصيادين الذين تعرضوا للاعتقال مؤخرًا بعد ملاحقة قاربه أثناء قيامه بالصيد في البحر شمال قطاع غزة. قال أمجد لـ الترا فلسطين، إنهم كانوا في المنطقة المسموح بالصيد فيها عندما حاصرتهم زوارق البحرية الإسرائيلة، وبدأت بضخ المياه العادمة داخل المركب في محاولة لإغراقه، بينما أمطر الجنود محيط المركب بالرصاص، وأطلقوا الرصاص المطاطي نحوهم، مبينًا أن هذا الحال استمرَّ نصف ساعة تقريبًا "شاهدنا فيه الموت بأم أعيننا" على حد قوله.
وأضاف، أن الجنود طلبوا منهم عبر مكبر الصوت نزع ملابسهم والقفز في الماء واحدًا تلو الآخر والسباحة نحو أحد الزوارق، ثم بعد وصولهم الزورق تم تقييدهم وطرحهم على الأرض، والتوجه بهم إلى ميناء أسدود، حيث تم التحقيق معهم، مبينًا أن ضابط المخابرات الإسرائيلية عرض عليه خارطة لمكان سكنه، وسأله إن كان يعرف بهوية ناشطين في العمل المقاوم في تلك المنطقة، وعن بعض الأماكن فيها.
قال أمجد إن ضابط المخابرات الإسرائيلية عرض عليه خارطة لمكان سكنه، وسأله إن كان يعرف بهوية ناشطين في العمل المقاوم في تلك المنطقة، وعن بعض الأماكن فيها
وأفاد أمجد بأن الضابط عرض عليه العمل معه مقابل الحصول على المال، "لكني رفض وأخبرته أني صياد ولا علاقة لي بأحد".
وتابع: "سألت الضابط عن سبب اعتقالنا رغم أننا كنا في المنطقة المسموح بها، فأجاب بأن الأجواء غائمة وممنوع العمل في تلك الظروف".
أفرج الاحتلال عن الأشقاء في مساء اليوم الذي تم اعتقالهم فيه، ثم أفرج عن قاربيْهم، لكن محركات القاربين مازالت محتجزة رغم مرور أكثر من شهرين على الحادثة. "ومازالت معاناتنا مستمرة بسبب ذلك" قال أمجد.
وبالعودة إلى منسق اتحاد لجان الصيادين زكريا بكر، فهو يرى أن عملية الملاحقة الإسرائيلية لقطاع الصيد تتركز في ثلاثة اتجاهات رئيسية: الأول هو استمرار التلاعب بمساحات الصيد المسموح بها وتقليصها بصورة مستمرة.
والاتجاه الثاني، هو تقسيم شاطئ بحر قطاع غزة الممتد على مسافة 40 كم من شمال القطاع إلى جنوبه، إلى عدة أقسام تبدأ من مسافة ثلاثة أميال شمال القطاع، إلى ستة أميال مقابل مدينة غزة، و12 ميلاً في المنطقة الوسطى، و15 ميلاً في المناطق الجنوبية. واستدرك بكر: "في الحقيقة ما يمتلكه الصياد هو صفر ميل، لأن الاحتلال يحتل البحر بشكل كامل، وزوارقه الحربية منتشرة بكثافة وعلى مدار الساعة وتلاحق مراكب الصيادين وتعتدي عليهم وتتلف مراكبهم ومعداتهم حتى في المنطقة المسموحة".
ينفي بكر بشدة وجود أي خلفيات أمنية وراء ملاحقات الاحتلال، مؤكدًا أن الملاحقة والاعتقالات تتم في مسافة قريبة من الشاطئ، وفي المناطق المسموح لهم بالصيد فيها
أما الاتجاه الثالث، وفق بكر، فيتمثل بمنع إدخال معدات الصيد منذ عام 2006، مثل الشباك، ومحركات القوارب، وكذلك مواد تصنيع القوارب وإصلاحها، ما ضاعف من معاناة الصيادين الذين باتت غالبية معداتهم ومراكبهم غير صالحة للعمل.
وينفي بكر بشدة وجود أي خلفيات أمنية وراء ملاحقات الاحتلال، مؤكدًا أن الملاحقة والاعتقالات تتم في مسافة قريبة من الشاطئ، وفي المناطق المسموح لهم بالصيد فيها، بعيدًا عن المناطق التي يُمكن أن تثير مخاوف الاحتلال أو اشتباهه تجاه عمل الصيادين.
يشار أن مركز الميزان لحقوق الإنسان وثق 315 انتهاكًا إسرائيليًا بحق الصيادين في بحر قطاع غزة، خلال عام 2021. وأوضح في تقرير، مطلع العام الجاري، أن عدد العاملين في الحرف المرتبطة بالصيد عام 2021 في قطاع غزة بلغ 5606 شخصًا، من بينهم 3606 صيادًا، يعانون من ظروف مادية صعبة.