أعرب زعماء العالم ومنظمات الإغاثة الدولية عن مخاوفهم بشأن تسليم المساعدات الحيوية في غزة بعد تصويت الكنيست الإسرائيلي على حظر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، حيث قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مساء الإثنين: "لا يوجد بديل للأونروا".
وقال غوتيريش إن الوكالة التابعة للأمم المتحدة سوف تُمنع من القيام بالعمل الذي تقرره لها الجمعية العامة للأمم المتحدة إذا نفذت إسرائيل القوانين، التي من شأنها أن تحظر على الوكالة القيام "بأي نشاط" أو تقديم أي خدمة داخل "إسرائيل"، بما في ذلك مناطق شرق القدس التي ضمتها إسرائيل وغزة والضفة الغربية.
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: "لا يوجد بديل للأونروا".
ودعا غوتيريش إسرائيل إلى "التصرف بشكل متسق مع التزاماتها" بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، قائلًا: "لا يمكن للتشريعات الوطنية أن تغير تلك الالتزامات".
ومن المقرر أن يدخل تشريع الكنيست حيز التنفيذ في غضون التسعين يومًا القادمة، فمن المتوقع أن يؤدي إلى إغلاق مقر الأونروا في شرق القدس، الذي ينوي الاحتلال بناءً أحياء استيطانية مكانه، ومن شأنها أن تمنع فعليًا تسليم المساعدات الإنسانية إلى غزة. ومن شأن قطع العلاقات الدبلوماسية أن يمنع إسرائيل من إصدار تصاريح الدخول والعمل لموظفي الأونروا الأجانب، ويمنع التنسيق مع الجيش الإسرائيلي للسماح بشحنات المساعدات.
وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن المملكة المتحدة "تشعر بقلق بالغ" إزاء إقرار مشروع القانون في الكنيست، مضيفًا: "هذا التشريع يخاطر بجعل العمل الأساسي الذي تقوم به الأونروا للفلسطينيين مستحيلًا، مما يعرض الاستجابة الإنسانية الدولية بأكملها في غزة وتقديم الخدمات الصحية والتعليمية الأساسية في الضفة الغربية للخطر".
وأضاف: "الوضع الإنساني في غزة غير مقبول على الإطلاق. ونحن في حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن، وزيادة كبيرة في المساعدات المقدمة إلى غزة. وبموجب التزاماتها الدولية، يتعين على إسرائيل أن تضمن وصول المساعدات الكافية إلى المدنيين في غزة".
وفي وقت سابق من يوم الإثنين، اقترح وزير خارجيته ديفيد لامي أنه قد تُفْرَض عقوبات على السياسيين الإسرائيليين إذا تم "إجبار الأونروا على الركوع" بسبب قرار الكنيست.
وحذرت مفوضة ألمانيا لسياسة حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية لويز أمتسبيرج من أن هذه الخطوة "ستجعل عمل الأونروا في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية مستحيلًا ... مما يعرض المساعدات الإنسانية الحيوية لملايين الأشخاص للخطر".
وفي يوم الثلاثاء، حثت وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ على استمرار المساعدات الإنسانية في المنطقة. وقالت وونغ على وسائل التواصل الاجتماعي: "تقوم الأونروا بعمل منقذ للحياة. وتعارض أستراليا قرار الكنيست الإسرائيلي بتقييد عمل الأونروا بشدة".
وأضافت: "تدعو أستراليا إسرائيل مرة أخرى إلى الامتثال للأوامر الملزمة لمحكمة العدل الدولية لتمكين تقديم الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية على نطاق واسع في غزة".
وأصدرت حكومات إسبانيا وسلوفينيا وأيرلندا والنرويج بيانًا مشتركًا تدين فيه الحظر الإسرائيلي وحذرت من أنه يشكل سابقة "خطيرة للغاية" لعمل الأمم المتحدة وجميع منظمات النظام المتعدد الأطراف. وقالت بلجيكا إنها "تأسف بشدة" على تصويت الكنيست.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، في حديثه للصحافيين في واشنطن قبل تصويت المشرعين الإسرائيليين، إن الإدارة "قلقة للغاية" إزاء التشريع وإن الأونروا تلعب دورًا "لا يمكن الاستغناء عنه" في تقديم المساعدات لقطاع غزة. وأضاف: "لا أحد يستطيع أن يحل محلهم الآن في خضم الأزمة".
وأدانت منظمات إنسانية مثل أوكسفام وأكشن إيد والمجلس الأسترالي للتنمية الدولية الخطوة الإسرائيلية. وقالت نعومي بروكس من المجلس الأسترالي للتنمية الدولية إن التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة سيكون مستحيلًا تقريبًا بدون مساعدة الأونروا.
وأضافت: "هذا القانون يقوض العملية الإنسانية الدولية في غزة، حيث يواجه الملايين الجفاف والجوع والمرض".
ونزح أكثر من 1.9 مليون فلسطيني في غزة، ويواجه قطاع غزة نقصًا واسع النطاق في الغذاء والمياه والأدوية. وقدمت الأونروا المساعدات والتعليم والرعاية الصحية والمساعدة في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية وللاجئين الفلسطينيين في أماكن أخرى لأكثر من سبعة عقود.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان: "يجب محاسبة موظفي الأونروا المتورطين في أنشطة إرهابية ضد إسرائيل"، وفق زعمه. وأضاف "بما أن تجنب الأزمة الإنسانية أمر ضروري أيضًا، فلابد من استمرار توفير المساعدات الإنسانية في غزة الآن وفي المستقبل. وخلال التسعين يومًا التي تسبق دخول هذا التشريع حيز التنفيذ وبعده نحن على استعداد للعمل مع شركائنا الدوليين لضمان استمرار إسرائيل في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في غزة بطريقة لا تهدد أمن إسرائيل". فيما تشير تقارير عدة إلى إسرائيل تعرقل دخول المساعدات، وتخلق مجاعة في قطاع غزة.
وقال ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن الحظر قد "يترتب عليه عواقب بموجب القانون الأميركي". ويمنع القانون الأميركي واشنطن من تقديم مساعدات عسكرية للدول التي تقيد المساعدات الإنسانية الأميركية، رغم أن هذا التشريع نادرًا ما يُطَبَّق.
وقال رئيس الوكالة المفوض العام فيليب لازاريني إن هذه الخطوة "غير مسبوقة" بعد التصويت، وأضاف أن مشاريع القوانين "لن تؤدي إلا إلى تعميق معاناة الفلسطينيين، وخاصة في غزة حيث يعيش الناس أكثر من عام من الجحيم".
ويعتمد سكان غزة البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة بشكل شبه كامل على المساعدات للبقاء على قيد الحياة. وقد نزح نحو 90% من السكان. ويعيش مئات الآلاف في مخيمات خيام ومدارس تحولت إلى ملاجئ، تديرها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). ويقول الخبراء إن الجوع مستشري.
وتشير التقارير إلى أن إسرائيل تفكر في تولي توزيع المساعدات بنفسها أو التعاقد من الباطن مع شركة يديرها إسرائيلي-أميركي.
وتقول وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الأخرى إنه لا يوجد بديل للأونروا، التي تدير أيضًا 96 مدرسة تستضيف حوالي 47 ألف طالب، وثلاثة مراكز للتدريب المهني، و43 مركزًا صحيًا في الضفة الغربية المحتلة.
وقالت وكالات تابعة للأمم المتحدة، إن قرار إسرائيل حظر الأونروا قد يؤدي إلى مقتل المزيد من الأطفال ويمثل شكلًا من أشكال العقاب الجماعي لسكان غزة إذا نفذ بالكامل.
وأوضح المتحدث باسم اليونيسيف جيمس إلدر، الذي عمل على نطاق واسع في غزة منذ بدء الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر: "إذا لم تتمكن الأونروا من العمل، فمن المرجح أن نرى انهيار النظام الإنساني في غزة. لذا فإن قرارًا مثل هذا يعني فجأة أنه تم العثور على طريقة جديدة لقتل الأطفال".
وقالت وكالات الأمم المتحدة الأخرى في نفس الإحاطة، إنه سيكون من المستحيل ملء هذا الفراغ. وقال ينس ليركه المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية: "إنه أمر لا غنى عنه، ولا يوجد بديل له في هذه المرحلة".
وردًا على سؤال حول ما إذا كان الحظر يمثل شكلًا من أشكال العقاب الجماعي ضد سكان غزة، قال: "أعتقد أنه وصف عادل لما قرروه هنا، إذا نُفِّذ، فإن هذا من شأنه أن يضيف إلى أعمال العقاب الجماعي التي رأيناها تفرض على غزة".
وقالت رئيسة المنظمة الدولية للهجرة، إن المنظمة لا تستطيع أن تحل محل الأونروا في غزة، لكنها تستطيع أن تقدم المزيد من الإغاثة لأولئك الذين يعانون من الأزمات. وقالت إيمي بوب المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة: "هذا دور نحرص بشدة على القيام به، وهو الدور الذي سنعمل على تعزيزه بدعم من مختلف أصحاب المصلحة".