الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير
نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية تقريرًا حول جهود المستوطنين الرامية للاستيلاء على ينابيع المياه في الأغوار، لحرمان المزارعين الفلسطينيين من ريّ حقولهم.
نشاط استيطانيّ متسارع في الأغوار لحرمان الفلسطينيين من مياه الينابيع، بتحويلها إلى مناطق استجمام للمستوطنين
وحمل التقرير عنوان "على حساب الفلسطينيين، يحاول المستوطنون تحويل الغور إلى أرض الينابيع"، وقالت إن مزارعين من قرية عين البيضا شمال غور الأردن، اكتشفوا أن المستوطنين حوّلوا الينابيع التي تُستخدم منذ سنوات لريّ حقولهم، إلى مشروع سياحيّ.
وأضافت أنّ سكان قرية عين البيضاء الفلسطينية الواقعة شمال غور الأردن، اضطروا إلى التخلي عن جزء كبير من أراضيهم الزراعية على مر السنين، وخاصة في العقد الأول بعد حرب حزيران 1967، وبفعل إجراءات الاحتلال تمّ تحويل هذه المناطق إلى مستوطنات، أو لمناطق عسكرية، وبات أهالي القرية الآن يخشون على مستقبل النشاط الزراعي في المناطق التي ظلّت بأيديهم، بعد أن قرر المستوطنون تحويل الينابيع التي تستخدمها القرية إلى مواقع سياحية.
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أنّ المستوطنين تصرّفوا دون أي تنسيق مع أهالي القرية الذين يملكون المناطق المحيطة بالينابيع، وبالطبع لم يحصلوا على موافقتهم.
ووفقًا لـ "هآرتس" فإنه في الأشهر الثلاثة الماضية، بدأ المستوطنون القيام بأعمال لجعل الينابيع مواقع ملائمة للزيارة والسياحة والاستجمام، وفي اثنين من الينابيع تم نصب منصات خشبية، ووضع مدرجات تؤدي إلى حوض سباحة متصل بالنبع، كما تم وضع الطاولات والكراسي و الأراجيح. وبالقرب من تلك الينابيع،وكذلك على شارع 90 -شريان المواصلات الرئيس في الغور- تم نصب لافتة توضح أن هذا هو مشروع "أرض الينابيع".
واللافتات التي تُروّج لـ "أرض الينابيع" في الغور، منسوبة إلى "المجلس الإقليمي الاستيطاني في غور الأردن، وجاء في الشروحات التي كُتبت على اللافتات أنّ "أرض الينابيع مشروع تربوي يربط الأطر التربوية بحب الأرض ومُثل الصهيونية والاستيطان وازدهار البرية".
وجاء في أحد النصوص المكتوبة على أحد اللافتات: "نرى أهمية كبيرة في الكشف عن الينابيع وتطويرها وجعلها في متناول عامة الناس لفائدة ارتباط شعب إسرائيل ببلدهم، من خلال التنزّه والغطس في المياه الطبيعية لأرض إسرائيل".
وبحسب "هآرتس" فإن النشاط المحموم الذي يبذله المستوطنون مؤخرًا لتحويل الينابيع في المناطق الزراعية الفلسطينية في الضفة الغربية إلى مواقع سياحية استيطانية، وثّقه الناشط الحقوقي "درور اتيكس" من منظمة "كيرم نبوت" التي تراقب سياسة الاستيطان في الأراضي خارج الخط الأخضر.
ومنظمة "كيرم نبوت" تأسست عام 2012، وهي متخصصة بمراقبة ونشر حقائق وتقارير تتعلق بسياسة الاستيطان في الضفة، ويتركّز الجزء الأكبر من نشاطها في المناطق المصنفة "ج" وفق اتفاق أوسلو، وتشكّل مساحتها 61 في المئة من الضفة الغربية.
وتهدف المنظمة، وفق تعريفها المنشور على موقعها الإلكتروني، إلى "إعلام الجمهور العام في إسرائيل والضفة الغربية والعالم بحقائق جديدة وموضوعية عن سرقة الاحتلال الإسرائيلي لأراضي الفلسطينيين".
يجد الفلسطينيون في المنطقة صعوبة في مواصلة أنشطتهم الزراعية
ونقلت "هآرتس" عن اتيكس قوله: "في جميع مناطق الضفة الغربية، باستثناء الجزء الشمالي من الغور ، هناك حوالي 75 ينبوعًا، حوالي 30 منها مغلقة تمامًا أمام الفلسطينيين، و40 أخرى معرّضة لمستويات مختلفة من التهديد شمال الغور هو المنطقة الأولى التي جرت فيها محاولة تطوير مشروع سياحي إقليمي استيطاني، مع إثبات الحقائق على الأرض في مواقع النبع، ومن دون الوصول إلى مصادر المياه هذه، يجد السكان الفلسطينيون في المنطقة صعوبة في مواصلة أنشطتهم الزراعية".
وتبيّن "هآرتس" أن "الينابيع التي يدعي المستوطنون أنهم يكشفونها للجمهور الإسرائيلي، استخدمها مزارعو عين البيضاء منذ سنوات طويلة، وغالبيتهم يكسب عيشه من الزراعة ويسوّقون منتجاتهم من الفواكه والخضروات إلى مدن نابلس وطوباس وإلى داخل الخط الأخضر.
وبحسب أسامة فقها، رئيس مجلس عين البيضاء، فإن إمدادات المياه التي تلقّتها القرية من شركة "مكوروت" الإسرائيلية انخفضت في السنوات الأخيرة، لذلك زاد اعتماد السكان على مياه الينابيع لاستخدامات الري الزراعي.
وقال فقها لصحيفة "هآرتس" العبرية إنّ المستوطنين الذين كانوا يأتون للينابيع من حين لآخر، باتوا يأتون اليوم وبأعداد كبيرة،وعندما تكون هناك مجموعات كبيرة من المستوطنين، لا يسمح لنا الجنود بالاقتراب من الينابيع.
يتخوّف رئيس مجلس عين البيضاء من زيادة القيود المفروضة على وصولهم إلى الينابيع وقدرتهم على استخدام المياه مستقبلًا
ويتخوّف رئيس مجلس عين البيضاء من زيادة القيود المفروضة على وصولهم إلى الينابيع وقدرتهم على استخدام المياه مستقبلًا، كما حدث بالفعل في ينابيع أخرى في الضفة الغربية. ويقول فقها: "أخشى أن يحدث هنا ما حدث في عين الساكوت التي احتلها المستوطنون ونصبوا هناك سياجًا".وعين الساكوت الواقعة جنوب عين البيضا، أحاطها مستوطنون الأسبوع الماضي بسياج، ووضعوا بوابة وأغلقوها.
ويشير فقها الذي كان توجّه إلى عين الدار التي يطلق عليها المستوطنون اسم "عين أرنون"، وقد وصلت المكان ثلاث إسرائيليّات قدمن من منطقة الجليل للغطس. وحين سؤالهم عمّا يفعلن في مناطق زراعية تابعة لقرية فلسطينية، فأجابت إحداهن أن "هذه المنطقة بمثابة "منزلها". وأضافت "إنها أرضنا لأنها أرض إسرائيل" كما تقول.
وطبقاً لشهادات أهالي قرية عين البيضا، فإن تواجد المستوطنين المتزايد هناك في ينابيع الأغوار خلال الأشهر الأخيرة يسبب مشاكل. ويحكي فقها عن الأضرار التي لحقت بمرافق ضخّ المياه من الينابيع، حيث حطم المستوطنون خلية شمسية تمد مضخة المياه بالكهرباء.