قال مراسل صحيفة "الغارديان" للشؤون الدولية جوليان بورجر: "تمثل مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية زلزالًا في المشهد القانوني العالمي: فهي المرة الأولى التي يتم فيها توجيه اتهامات لحليف غربي بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من قبل هيئة قضائية عالمية".
وأضاف: "في إسرائيل، لن يكون لمذكرات الاعتقال الصادرة ضد بنيامين نتنياهو ووزير أمنه السابق يوآف غالانت تأثير فوري. ولكن من المرجح أن تؤدي هذه المذكرات في الأمد القريب إلى حشد الدعم حول رئيس الوزراء من قِبَل الجمهور الإسرائيلي المتمرد".
المحكمة الجنائية الدولية تلعب لعبة طويلة الأمد. فبمجرد إصدار أوامر الاعتقال، فإنها تلاحقك إلى أن تموت
أمّا على المدى الأبعد، أوضح جوليان بورجر: "في الأمد البعيد، قد تزداد ضخامة الاتهامات الموجهة إلى نتنياهو وغالانت مع مرور الوقت، مما يؤدي إلى تقليص المساحة المتاحة لهما على مستوى العالم. ومن الصعب تجاهل وصمة العار التي تلحق بكونك متهمًا بارتكاب جرائم حرب".
وواصل جوليان بورجر، بالقول: "في العالم كما يُرى من لاهاي، فإن موافقة قضاة المحكمة الجنائية الدولية على أوامر الاعتقال من شأنها أن تغير إلى الأبد موقف المحكمة. وسوف تتفاعل الولايات المتحدة ــ التي ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية على أي حال ــ بعنف، ولكن على حساب مصداقيتها الدولية ومطالبتها المتبقية بالدفاع عن العدالة العالمية".
واستمر في القول: "سوف ينأى حلفاء إسرائيليون آخرون مثل ألمانيا بأنفسهم عن هذا القرار (ومن المتوقع أن تصوغ حكومة كير ستارمر في المملكة المتحدة ردًا محايدًا)، ولكن العديد من البلدان التي كانت تنظر حتى الآن إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها أداة في يد العالم الغربي من المرجح أن تتبنى القرار والمحكمة نفسها. وفي حين لم يفعل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سوى القليل لتخفيف حدة الحرب في غزة، فسوف يُنظَر إلى المحكمة الجنائية الدولية على نطاق واسع، وخاصة في الجنوب العالمي، باعتبارها مدافعًا أكثر فعالية عن ميثاق الأمم المتحدة".
وقالت إيفا فوكوشيتش، الأستاذة المساعدة في التاريخ الدولي بجامعة أوتريخت: "إن مجموعة مذكرات الاعتقال هذه رائدة لأنها، وللمرة الأولى في قضية إسرائيل، تشمل حليفًا وثيقًا من الأعضاء الدائمين الغربيين في مجلس الأمن، الذين كانوا حتى الآن معفيين تقريبًا من التدقيق القضائي الدولي".
وتقول داليا شيندلين، الخبيرة الإسرائيلية في الرأي العام الدولي: "إن هذا من شأنه أن يعزز موقف نتنياهو. إن الإسرائيليين مقتنعون تمامًا بأن النظام الدولي بشكل عام موجود في الأساس من أجل استهداف إسرائيل وعزلها بشكل غير عادل. وهذا النوع من المشاعر يخترق كل المجالات في المجتمع اليهودي".
ووفق مراسل "الغارديان" جوليان بورجر: "هذا يعني أن قِلة قليلة من الإسرائيليين يرون في أوامر الاعتقال دليلًا على أن نتنياهو يضعف بلادهم على المستوى العالمي، ويدفعها نحو وضع المنبوذين. وإذا حدث أي شيء، فإن العديد من منتقدي رئيس الوزراء الإسرائيلية سوف يوقفون قائمة شكاواهم ضده لفترة كافية لرفض اختصاص محكمة أجنبية بشئونهم".
وواصل جوليان بورجر، قائلًا: "سوف تكون هناك قائمة طويلة من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية التي لن يتمكن نتنياهو وغالانت من زيارتها، حيث سيضطران إلى التصرف بناء على مذكرة الاعتقال. والولايات المتحدة وروسيا والصين ليست أعضاء في المحكمة، ولكن بالنسبة للبيت الأبيض الحالي على الأقل فإن زيارة أي من الرجلين ستكون محرجة للغاية ــ وإن كانت إدارة ترامب القادمة ستكون مسألة أخرى".
وقالت فوكوشيتش "إن المحكمة الجنائية الدولية تلعب لعبة طويلة الأمد. فبمجرد إصدار أوامر الاعتقال، فإنها تلاحقك إلى أن تموت. وإذا ذهب نتنياهو مرة أخرى إلى الولايات المتحدة للتحدث أمام الكونغرس، على سبيل المثال، بعد إصدار أوامر الاعتقال، فإن هذا على الأقل يحرج الولايات المتحدة بشكل كبير ويجعل نفاقها واضحًا للغاية".