09-أكتوبر-2018

جانب من الاعتصام فوق سطح الوزارة

لقي أحد العاطلين عن العمل المنضوي تحت لواء "التنسيقية الوطنية للمعطلين المكفوفين حاملي الشهادات بالمغرب"، ليلة أمس الأحد، مصرعه بعد سقوطه من سطح مبنى وزارة الأسرة والتضامن بالرباط، خلال اعتصامه رفقة زملائه للمطالبة بالتوظيف المباشر في أسلاك الوظيفة العمومية، ما خلف صدمة واستياء عارما في مواقع شبكات التواصل الاجتماعي.

قصة مأساوية أضيفت لتاريخ الإنسانية مساء الأحد في العاصمة الرباط، بوفاة أحد المكفوفين الذي نعاه نشطاء غاضبون كشهيد في سبيل لقمة العيش بظل ظروف مأساوية يعاني منها الشباب المغربي تدفع مئات الآلاف منهم لسلك طرق الهجرة غير الشرعية.

صابر الحلوي (25 عاما) طالب مكفوف ينحدر من منطقة مراكش حاصل على الإجازة (بكالريوس) في الأدب العربي، دأب ورفاقه على المشاركة في وقفات احتجاجية واعتصامات أمام وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية التي ترأسها بسيمة حقاوي عن حزب العدالة والتنمية، للمطالبة بالحصول على عمل عبر الإدماج المباشر في الوظيفة العمومية.

صابر يعتصم مع رفاقه منذ أيام في سطح الوزارة

وتطورت الوقفات الاحتجاجية مع حلول سبتمبر/أيلول الماضي وتحديدا يوم 26 منه، حيث اقتحم عدد من المكفوفين العاطلين عن العمل مبنى وزارة التضامن، وانتقلوا إلى سطحها واعتصموا هناك، مهددين بإحراق أنفسهم في حال تدخل السلطات لإخراجهم.

وتساءلت تقارير إعلامية مغربية عن الكيفية التي نجح بها المحتجون في اقتحام الوزارة، وهي مؤسسة عمومية يفترض أنها محمية من طرف الأجهزة الأمنية المختلفة.

ونشر المعتصمون في سطح الوزارة فيديوهات يحكون فيها عن معاناتهم مع الأمطار والظروف الجوية الصعبة، منددين بعدم استجابة الحكومة لمطالبهم.

وقال عدد من أعضاء تنسيقية المعطلين المكفوفين في تصريحات متفرقة لـ"عربي21"، إن اقتحامهم لمبنى وزارة التضامن جاء بعد سنوات من النضال لم تسفر عن أي نتيجة، حيث استعملت الوزارة معهم سياسة الآذان الصماء، والتجاهل لمطالبهم التي وصفوها بـ"المشروعة".

وأوضحت المصادر ذاتها أن ما يقارب 30 عضوا في التنسيقية اقتحموا مبنى الوزارة واعتصموا في سطحها، ما دفع بالسلطات الأمنية إلى تطويق مبنى الوزارة، مشيرين إلى أنه بعد مرور أسبوع على الاعتصام أقدمت السلطات على قطع التيار الكهربائي والماء عن المبنى ومنعوا عنهم الطعام لإرغام المعطلين المكفوفين على فض معتصمهم، الأمر الذي دفعهم للتهديد بالدخول في معركة "الأمعاء الفارغة".

لكن الأوضاع انقلبت رأسا على عقب مساء الأحد بعدما سقط صابر الحلوي من سطح الوزارة. ويحكي زملاؤه المكفوفون -وبعضهم من ضعاف البصر- أنهم لم يعرفوا في البداية أين سقط، فبدؤوا يصرخون ويطالبون الأمن بالتدخل، فأتت سيارة الإسعاف ونقلته إلى المستشفى. وتضاربت الروايات بشأن وفاته، إذ ذكر بعضها أنه توفي في سيارة الإسعاف، بينما أكد البعضه الآخر أنه مات فور سقوطه.

السلطات الأمنية قطعت التيار الكهربائي والماء عن المبنى للضغط على المكفوفين

وأكد التشريح الطبي أن الوفاة حدثت نتيجة "سقوط عرضي" من سطح وزارة التضامن، وهو ما أكده زملاؤه الذين قالوا إن الراحل كان يُجري مكالمة هاتفية ولم ينتبه لحافة سطح البناية فسقط.

ونشر رفاق الراحل فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي ينتقدون فيها المسؤولين بكلمات لاذعة، ويحمّلونهم مسؤولية ما جرى لصابر الحلوي.

ومباشرة بعد هذه الواقعة التي هزت الرأي العام المغربي، عبرت الوزيرة بسيمة حقاوي عن عميق حزنها لما جرى، مؤكدة في منشور على صفحتها الرسمية بفيسبوك أن الراحل نقل إلى المستشفى بعد "سقوطه من الجهة الخلفية للبناية"، مؤكدة فتح تحقيق من طرف السلطات تحت إشراف النيابة العامة.

وترفض الحكومة التي يقودها العدالة والتنمية منذ نسختها الأولى بقيادة عبد الإله بنكيران والجديدة برئاسة سعد الدين العثماني، التوظيف المباشر في الوظيفة العمومية، وتصر على اختيار المرشحين للوظائف العمومية عبر إجراء اختبارات توظيف تفتح أمام الجميع على الصعيد الوطني.

ويفرض القانون تخصيص نسبة 7% من تلك الوظائف لذوي الاحتياجات الخاصة، وسط انتقادات لعدم تنفيذ ما ينص عليه هذا القانون.

كما تقترح الحكومة تنظيم اختبار سنوي واحد على الأقل يخصص لذوي الاحتياجات الخاصة، إلى جانب نسبة 7% التي يفرضها القانون.

وتفاعلا مع الواقعة، تقدم رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة في البرلمان (معارض) محمد أشرورو بطلب عاجل لعقد اجتماع للجنة القطاعات الاجتماعية بعد وفاة الحلوي.

كما تقدم الفريق الاشتراكي بسؤال شفهي آني للوزيرة حقاوي، يسائلها عن الإجراءات الواجب اتخاذها لإنهاء أزمة المكفوفين المعتصمين.

اقرأ/ي أيضًا:

البحرية المغربية تقتل مواطنة حاولت الهجرة من البلاد

عشرات الحواجز الأمنية على البحر بالمغرب لمنع هجرة الشباب

سخط في المغرب بسبب ضبط ابنة وزير تخالف القانون