صدرت في "إسرائيل" رواية تحمل عنوان "المنتصرة" تحكي قصة عالمة متخصصة في علم النفس السلوكي تحمل رتبة رفيعة في جيش الاحتلال، ومهمتها تهيئة الجنود نفسيًا لممارسة القتل.
مؤلف الرواية الذي يصنّف نفسه يساريًا، يدعى يشاي، وهو نجل يوسي سريد أحد أعمدة اليسار في "إسرائيل"، كما أنه ضابط احتياط رفيع في وحدة 8200 التي تعتبر نخبة جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان"، وقد نشر عدة روايات إحداها تُرجمت لعدة لغات.
ليس في رواية "المنتصرة" ما يحثّ القارئ على إدانة البطلة التي تعلّم الجنود ممارسة القتل
بطلة الرواية "آفيغيل" انضمت لجيش الاحتلال بعد إكمال دراستها الجامعية في تخصص علم النفس وهناك عملت ضابطًا، وتخصصها تدريس مهارة تحسين قدرات القوات على القتل. بالتدريج تترقى في الرتب العسكرية وتُطوّر ألعاب محاكاة ترفع جهوزية الجنود وخصوصًا الطيارين، لتنفيذ عمليات القتل.
تبدو "البطلة" في النّص الروائي امرأة صلبة محنّكة وقوية نفسيًا، ويتجلى ذلك على امتداد أحداث الرواية في جوانب حياتها العملية؛ العسكرية الشخصية حيث لا حدود فاصلة، فهي مسكونة بـ "حُبّ الجيش".
كل اختيارات "المنتصرة" في الحياة دقيقة ومبررة وموزونة بميزان عالم النفس الذي لا يأخذ العاطفة بحسبانه، تختار بوعي الامتناع عن الزواج، لكنها تبحث بعناية عن رجل يصلح أبًا لابنها، تبدو بلا عواطف، تستخدم تقنيات علم النفس في السيطرة على ذاتها بنفس الطريقة التي تستخدمها في الاستحواذ على عقول ونفسيّات الجنود.
تنجب "آفغيل" طفلًا من قائد كتيبة يصبح لاحقًا رئيسًا لأركان الجيش، الطفل ينضمّ للجيش، ورغم قدرتها على عدم تجنيده ضمن الوحدات القتالية يؤدي خدمته العسكرية في لواء المظليين، فهي ضابطة رفيعة لا تسمح بأن يؤدي ابنها خدمته داخل المكاتب، إنما ترديه في وحدة قتالية.
الصورة التي يرسمها "الروائي اليساري" لمن تُعلّم الجنود على ممارسة القتل، ليس فيها ما يحثّ القارئ على إدانتها، وإنما يزرعها في وعيهم كشخصية للاقتداء، هذا هو الانطباع الذي يواظب يشاي على تكريسه من أول الرواية وحتى نهايتها.
لم يبق الروائي مجالًا للنقاش حول نواياه والرسائل الخفيّة في روايته
لم يبق الروائي مجالًا للنقاش حول نواياه والرسائل الخفيّة في روايته عندما كشف للإذاعة العبرية العامة أنّ بعض ردود الفعل التي وصلته وصفت بطلة روايته بالوحش، لكنّه يرد عليهم بالقول "يا رفاق يجب أن يكون في الواقع من يقوم بدور المنتصرة".
تسأل المذيعة الروائي: "في إسرائيل هل ثمّة تهيئة نفسية للجنود لممارسة القتل للقتل في المعارك؟" فيرد: "نعم ويتوجّب أن يكون ذلك، وفي حال اضطررنا للذهاب للحرب، ورغم يساريّتي فإنني أفضّل أن يقتُل جنودنا العدو، وليس العكس. يجب تدريب الصبية الذين نأخذهم من بيوت طيبة، ومن المدارس الثانوية، أنا أعلم من الأبحاث التي قرأتها أثناء الاستعداد لكتابة الكتاب أن غالبية الناس غير مؤهلين لقتل أناس آخرين خصوصًا عن قرب، وهذا صعب على كثير من الناس. ومن أجل تأهيلهم لفعل ذلك يتوجّب إخضاعهم لتدريبات وعمليات نفسية حتى يكون بمقدوره فعل ذلك".
اقرأ/ي أيضًا: