17-يوليو-2019

تقول الاتصالات إن الخدمة التي ستُفعّل الأسبوع المقبل، تستهدف 110 آلاف عائلة فقيرة

عرضٌ جديد أعلنت عنه وزارة وشركة الاتصالات الفلسطينية بشأن تقديم خدمة انترنت للفقراء، عرضٌ منحَ الحالات التي تتلقى مساعدات من وزارة التنمية الاجتماعية فرصة الحصول على خدمة الانترنت بمبلغ لا تتجاوز قيمته (40 شيكل)، وقدّمته للجمهور باعتباره آلية جديدة لخدمة الفقراء في هذه الظروف العصيبة.

        بهذه "الخدمة" تعيد شركة الاتصالات احتكار خط النفاذ والانترنت معًا من خلال بوابة الفقراء بعد أن كانت تحتكر فقط خطّ النفاذ      

الخطوة التي أعلنتها شركة الاتصالات تجاه الفقراء، وأطلقها وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية، وأطلق عليها "خط التمكين" لذوي الدخل المحدود، تهدف وفق ما هو معلن لتعزيز صمود الفلسطيني وتمكينه من الحصول على الخدمات بأقل الأسعار، لكن هدفها المخفي أعمق من ذلك بكثير؛ فهي محاولة جادة من شركة الاتصالات وبرعاية وزارة الاتصالات لإعادة احتكار شركة الاتصالات لخط النفاذ والانترنت معًا من خلال بوابة الفقراء بعد أن كانت تحتكر فقط خطّ النفاذ، وستتسع بعد ذلك لتشمل فئات جديدة، ومن ثم تتفكك الشركات المزوّدة للانترنت، ويصبح خط النفاذ والانترنت معًا، حكرًا لشركة الاتصالات دون غيرها.

الاتجاه الذي كان يتوجّب على وزير الاتصالات اتخاذه، هو إنهاء احتكار شركة الاتصالات لخطّ النفّاذ، استنادًا إلى أن الاقتصاد الفلسطيني مبني على مبدأ الاقتصاد الحرّ وفق ما نصّ عليه القانون الأساسي الفلسطيني، لكن هذه الفكرة كانت ولا تزال غير مقبولة للحكومات الفلسطينية المتعاقبة، بل إن بعضها اتخذ خطوات حاسمة لحماية هذا الاحتكار، ووقف ضد أيّ جهة يمكن أن تلغي الانفراد في هذا الاحكتار؛ فجوهر الخلاف الذي لم يعلن خلال العام الماضي بين الحكومة السابقة وشركة كهرباء القدس، لم يكن في حقيقته يتعلق بسوء إدارة الشركة أو أي إشكاليات أخرى بل بسبب محاولة الشركة الحصول على امتياز الانترنت إضافة إلى شركة الاتصالات، الأمر الذي أثار حفيظة الحكومة  السابقة دفاعًا عن مصالح شركة الاتصالات.

         لماذا لا تخفّض الاتصالات أسعارها؟ لماذا لا تنهي الحكومة الاحتكار المستمرّ لهذا القطاع؟       

المطلوب من وزارة الاتصالات هو الكشف عن تفاصيل الاتفاقية التي وقّعتها الحكومة السابقة لتمديد احتكار شركة الاتصالات، وإلغاء احتكارها لخطّ النفاذ وإتاحة المجال لشركات أخرى للمنافسة، وضبط الأسعار وتخفيضها، وفرض الرقابة على جودة وأسعار الخدمة التي تقدمها الشركات المزوّدة للانترنت، وجعله متاحًا بأسعار معقولة للجميع، لا أن يكون الفقراء هم البوابة التي تعيد من خلالها شركة الاتصالات إحكام سيطرتها على الانترنت وعلى خط النفاذ في نفس الوقت.

وأعتقد أيضًا أن على وزارة الاتصالات إلزام شركة الاتصالات بضمان حقّ الجمهور في الحصول على خط النفاذ والانترنت بسعر معقول، وأن تخفّض أسعار فواتيرها، وأن تتوقّف عن قطع خدمة الاتصالات عن الفئات غير القادرة على التسديد، وغير ذلك من الخطوات، لا أن تكرّس نفسها لتعزيز هيمنة شركة الاتصالات على السوق.

        هذه المرّة تعود الاتصالات لتحكم احتكارها على خدمة الانترنت وخط النفاذ عبر بوابة "الفقراء"     

إن اعتراف وزير الاتصالات بتزويد وزارة التنمية الاجتماعية بالبيانات المطلوبة والمتعلقة بالفئات الاجتماعية لشركة الاتصالات أو حتى لوزارة الاتصالات يحمل في طيّاته انتهاكًا لخصوصية هذه الفئات، ولا يجوز للوزارة إطلاقًا تزويد أي شركة خاصة ببيانتهم حتى تتمكن هذه الشركات من جني أرباح من وراء هذه الحالات. 

ووفقًا لتقرير أصدرته وزارة الشؤون الاجتماعية بلغ عدد الحالات المستفيدة من برنامج المساعدات الاجتماعية النقدية الدورية 71 ألف أسرة، إضافة إلى 17 ألف أسرة تستفيد من المساعدات التموينية، إضافة إلى فئات أخرى لم يحدد إعلان وزير الاتصالات من منها سيستفيد، أي أنّ الوزارة فتحت اليوم الباب أمام شركة الاتصالات لاستهداف ما يزيد عن مئة ألف أسرة، من خلال احتكار خدمة تقديم الانترنت لها. 

        الخدمة الفخّ.. جرّ قدم فئات كبيرة من الناس للحصول على خدمات شركة الاتصالات      

مكسب شركة الاتصالات في اتفاقها التاريخيّ مع الوزارة أنها لم تفتح باب احتكار شركة الاتصالات للانترنت وخط النفاذ معًا فحسب، بل إن الرزمة التي أعلن عنها في المؤتمر الصحفي المشترك والمتمثلة بخط الهاتف وخط النفاذ والانترنت بسرعة 4 ميجا مقابل 40 شيكل شامل ضريبة القيمة المضافة من قبل شركة الاتصالات، بالإضافة إلى حزمة شهرية بحجم 60 جيجا ومكالمات محلية على شبكة بالتل، هي رزمة قليلة الجودة لا يمكنها أن تقدِّم لهذه الفئات خدمة الانترنت بجودة مقبولة، فالرزمة لا تمكّن الفقراء من مشاهدة الفيديو مثلًا، وبالتالي هي ليست سوى جرّة قدم لفئة كبيرة من الناس إلى شركة الاتصالات للحصول على خدمة جديدة، وبالتالي إلزامها بدفع رسوم أكثر، وتحقيق أرباح أكبر، وهي صفقة غير واضحة المعالم، وفيها تضليل للرأي العام، يتوجّب نشر تفاصيلها للجمهور، فهي إسهام حكومي قامت به وزارة الاتصالات بحسن نيّة لتمكين شركة الاتصالات من احتكار تزويد الانترنت من "بوابة الفقراء". 


اقرأ/ي أيضًا:

لا شفافية في تجديد السلطة عقود "بالتل"

"جوال".. تحية للتدليس

عقد إذعان بين السلطة و"كهرباء فلسطين".. كيف حدث؟