09-يوليو-2021

الترا فلسطين | فريق التحرير 

لم تتوقف أيادي نساء قرية "رنتيس" غرب رام الله، عن صُنع الحُلي وأطباق القشّ وحياكة المطرزات منذ إعلان موعد مهرجان "سوق الصبر الأول للثقافة والتسوق"، ولم تكل أقدامهن من تسلق الجبال والتنقل بين الأراضي بحثًا عن ورود للزينة، أو أخشاب من شجر الزيتون، وحتى (عيدان) سنابل القمح لاستخدامها في صناعة منتجات فنية تُعيد إحياء الحالة الثقافية داخل القرية، كإحدى أدوات مقاومة الاحتلال الساعي إلى محو الهوية الثقافية والوطنية.

 يُقام المهرجان اعتبارًا من يوم السبت (العاشر من تموز/ يوليو الجاري) ويستمر على مدار ثلاثة أيام، بمشاركة 60 سيدة  

ومن المقرر أن يُقام المهرجان اعتبارًا من يوم السبت (العاشر من تموز/ يوليو الجاري) ويستمر على مدار ثلاثة أيام، بمشاركة 60 سيدة من مختلف المحافظات، منهم 15 سيّدة حصلن على تدريبات ضمن مشروع "مقامات رنتيس"، الهادف إلى دعم المنتجات الوطنية والحفاظ على الموروث الثقافي والهوية الفلسطينية للحرف اليدوية والمأكولات الشعبية وانسجامًا مع حملة دعم المنتجات الوطنية، ودعمًا لجهود المرأة الفلسطينية وتمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا.

"تسلقتُ جبال رنتيس والتقطتُ أخشاب الزيتون بنفسي كي أصنع منها تُحفة فنية أقدمها للناس"، تقول فاطمة دنون (19 عامًا) المُشارِكة في مشروع "مقامات رنتيس" وهي تتحدث عن مشروعها الصغير في عمل الإكسسوارات من خشب الزيتون و(الأنتيك) بعد حصولها على تدريبات عدة لتمكينها من دمج الفن في حرفة الخشب بطريقة ملهمة، لتسويقها ضمن مهرجان "سوق الصبر".

أما المشارِكة مي عبد المنعم (24 عامًا)، التي تبحث عن فرصة عمل مناسبة، فقالت: "التقطت ورودًا من بلدتي وزيّنت بها أعمالي الفنيّة بطريقة عصرية، لأقدمها في المهرجان بكل فخر"، مشيرةً إلى أنها تمكنت من خلال الورش التدريبية التي حصلت عليها من تطوير موهبتها الفنية بعمل إكسسوارات عبر دمج المطرزات فيها، والرسم على الكوفية، والاستفادة من الورد الطبيعي والخشب.

وهذه المشاركة هي الأولى للشابة ميّ، وتقول إنها متحمّسة جدًا لتجربة تُثبت مكانة النّساء، وتُعرّف الجميع بأهمية قرية رنتيس المهددة بالضم. 

وتشير "أم شادي" المشارِكة في مهرجان "سوق الصبر" بأشغال يدوية فنية ومُعلقات صُنعت من أكياس الخيش والخشب، وحقائب طُرّزت بألوان مختلفة، وعلى هيئة نبتتيْ الصبار والنرجس، إلى أنها أدخلت نبتة الصبار في أعمالها الفنية لأهميتها الرمزية، وبخاصة بعد أن تأثرت هذه النبتة في قريتها بفيروس قد يقضي عليها.

ويُعتبر مهرجان "سوق الصبر" أحد أنشطة مشروع "مقامات رنتيس" الحائز على منحة الدورة الخامسة من مشروع "الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعية"، بدعم من مؤسسة عبد المحسن القطان، وبتمويل مشترك مع الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (SDC)، والمنفذ من قبل الفنانين بشار خلف وبترا برغوثي.

ويهدف المهرجان المقام في "رنتيس"، وبجهود الشركاء، وبتعاون مجلس قروي رنتيس، والجمعية الفلسطينية لصاحبات الأعمال" أصالة"، إلى إحياء الحالة الثقافية داخل القرية، وتحفيز المجتمع المحلي على التعبير عن احتياجاتهم من خلال انخراطهم في النشاطات الفنية والثقافية والمجتمعية.

وتقول بترا برغوثي إن مشاهدتهم لأطفال من رنتيس أثناء بيعهم الصبر للمستوطنين على الطرقات، كان سببًا لانطلاق فكرة المهرجان، وتبعها بحث وتعرف على الأهمية المكانية والتاريخية والاقتصادية للقرية، ليقع عليها الاختيار مكانًا للمهرجان. 

أمّا عن تسمية المهرجان بـ "سوق الصبر"، فقالت أن رنتيس تشتهر بزراعة نبتة الصبار، ولكن هذا العام أصيبت النبتة بفايروس وتعرضت للتلف والتعفن، موضحةً أن المهرجان يفتقر لوجود نبتة الصبار، إلا أن رمزيتها حاضرة في الأشغال اليدوية التي تعكس صبر أهالي القرية وثباتهم أمام جبروت المحتل.

وأضافت: "حاولنا إنقاذ ما يمكن إنقاذه برش النبات بالمبيد الحشري، وبمشاركة متطوعين من أهالي القرية".

وأشارت برغوثي إلى أن مهرجان "سوق الصبر" يهدف بمضمونه إلى خلق سوق داخلي في قرية رنتيس الواقعة شمال غرب رام الله، في ظل نقص فرص العمل فيها، وتمكين أهلها اجتماعيًا واقتصاديًا، والتعريف بأهميتها المكانية لوقوعها على المنطقة الحدودية بين الأراضي المحتلة العام 1948 وأراضي العام 1967، وامتلاكها مقدرات مهمة مثل آبار النفط التي استولى عليها الاحتلال، كما أن أراضيها تتعرض للضم منذ عام 1948. 

ولفتت إلى أن المهرجان بمثابة دعوة للمؤسسات الحكومية وغير الحكومية لإقامة مشاريع استثمارية في رنتيس، الأمر الذي سيوفّر فرص عمل لسكانها في ظل التهجير القسري ونقص الخدمات. 

وبجانب تطوير مهارات النساء بدمج الفن في الحرف المختلفة، عمل مشروع "مقامات رنتيس" على تجميل المساحات العامة في القرية، ورسم 3 جداريات ملهمة تأخذ طابع نبتة الصبار التي تحاكي المجتمع وتعبر عنه، بجانب إشراك الأطفال في تمارين عملية كـ (جمباز، هيب هوب، دبكة) وتعبئتهم ثقافيًا وتعريفهم بأهمية الأماكن الأثرية المدمرة في قريتهم، وتغذيتهم بقصص الأجداد من خلال انخراطهم في ورشة لتعلم الرسم التوضيحي مع الفنان محمد عاموس.


 


اقرأ/ي أيضًا: 

المتحف الفلسطينيّ يحتفي باقتناء 240 قطعة تراثيّة كانت في الشَّتات