الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير
أظهرت معطياتٌ أنّ 7 من البدو في النقب قُتلوا منذ السابع من أكتوبر، نتيجة سقوط صواريخ مصدرها قطاع غزة، مع عدم توفّر ملاجئ آمنة وأجهزة تُطلق صفّارات الإنذار المبكر من الصواريخ والقذائف في قرىً عربيّة بالنقب، غير معترف بها إسرائيليًا، في تأكيد للتمييز العنصري الذي تمارسه "إسرائيل".
معطيات: احتماليّة مقتل عربي في النقب نتيجة سقوط صاروخ من قطاع غزة، أكثر بـ 2،200 مرة من مقتل أي إسرائيلي في أي مكان آخر
وتشير البيانات الرسمية إلى مقتل 18 بدويًا منذ بداية الحرب، 11 منهم في أحداث السابع من أكتوبر، و7 نتيجة سقوط صواريخ مع عدم توفّر ملاجئ وأنظمة إنذار مبكر من الصواريخ. وبحسب المعطيّات فإنّ احتماليّة مقتل عربي في النقب نتيجة سقوط صاروخ من قطاع غزة، أكثر بـ 2،200 مرة من مقتل أي إسرائيلي في أي مكان آخر داخل "إسرائيل".
وعقدت ثلاث لجان في الكنيست الإسرائيلي، وهي اللجنة الخاصة لتقليص الفجوات الاجتماعية في الضواحي، واللجنة الخاصة لتعزيز وتطوير النقب والجليل، واللجنة الخاصة لحقوق الطفل، جلسة مشتركة الأسبوع الماضي، جرى خلالها بحث احتياجات المجتمع العربي في القرى غير المعترف بها في النقب مع استمرار الحرب منذ 7 أكتوبر، وأطلق عليها جيش الاحتلال "حرب السيوف الحديدية" فيما سمّتها كتائب القسام "طوفان الأقصى".
وأظهرت معطيات عرضت خلال الجلسة أن سكان القرى غير المعترف بها في النقب يعانون من عدم وجود ملاجئ وغرف آمنة، وغياب أجهزة وآليات لمنح الإنذار المبكر من إطلاق الصواريخ أو حماية "القبة الحديدية" ضد سقوط الصواريخ والقذائف في أماكن سكناهم، المعرَّفة بشكل رسمي على أنها "مناطق مفتوحة".
وقال رئيس اللجنة الخاصة لحقوق الطفل عضو الكنيست إيلي دلال: إنّ "العرب البدو هم شركاؤنا اليوم في الحياة وفي الموت، ورأينا ذلك في الحوادث الأخيرة. وعلينا الاهتمام بهم وسد احتياجاتهم تمامًا مثل جميع أجزاء دولة إسرائيل".
وقرأ رئيس اللجنة الخاصة لتعزيز وتطوير النقب والجليل عضو الكنيست ميخائيل بيطون أسماء قتلى من عرب البدو منذ اندلاع الحرب، وتطرق إلى حيثيات مقتلهم بما فيهم من قال إنّهم ضحوا بحياتهم لإنقاذ إسرائيليين آخرين في السابع من أكتوبر. وأضاف: "بمجرد إجراء الجلسة هناك مقولة الشراكة، والامتحان سيكون امتحان الأفعال، والإجابات والنتائج الجيدة من المكاتب الحكومية. نحن في أيام يتم فيها تحويل الميزانيات ونريد الحصول على إجابات وحلول حول ما يتم القيام به من أجل العرب البدو".
وقال عضو الكنيست وليد الهواشلة إنّ القرى غير المعترف بها تصنّف على أنها مناطق مفتوحة. لذلك لا يوجد هناك أي إنذار أو حماية لمنظومة القبة الحديدية. لقد حذرت من ذلك مرات كثيرة ولم يتم طرح الحلول. موضوع توفير الملاجئ والغرف الآمنة يستلزم الحصول على ميزانيات كبيرة وجدية تصل نحو نصف مليار شيكل. المنظمات المدنية حاولت طرح الحلول ولكن لا يوجد لديها الميزانيات المطلوبة لتوفير الحلول واسعة النطاق. هذه المسؤولية ملقاة على عاتق الحكومة فقط. حان الوقت أن تغيّر إسرائيل أنماط التفكير تجاه المجتمع العربي عامة وتجاه القرى غير المعترف بها في النقب".
وانضم الضابط يونتان الشيخ من قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية إلى الأقوال التي تحدّثت عن فجوات كبيرة تتعلق بإتاحة الملاجئ والغرف الآمنة في القرى غير المعترف بها في النقب، ومع ذلك قال: "في هذه الحرب قمنا بتخصيص مجالات آمنة "هيسكو" في منطقة القرى غير المعترف بها. الحديث حول اختراع أمريكي للأكياس المملوءة بالرمل المحلي والذي يوفر إمكانية حماية عدد كبير من الناس على نطاق واسع وفي وقت قصير نسبيًا. قمنا بنصبها قرب مجمعات سكانية بالتنسيق مع العائلات وممثلي البلدات. ومن المتوقع أن نحصل على المزيد كهذه في بداية كانون الثاني/ يناير القادم. يوجد خطة بالتعاون من وزارة المساواة الاجتماعية لنصب "غرف آمنة" وفي هذه المرحلة اشترينا 80 غرفة كهذه وهي تصل على مراحل ونحن نقوم بنصبها في محطات وسائل نقل لمدارس".
وطلب عضو الكنيست إيلي دلال معرفة المنطق من وراء نصب الغرف الآمنة في محطات وسائل النقل بالتحديد، وقال إن "الطفل موجود معظم الوقت بجوار البيت أو في المدرسة، وفي محطة وسائل النقل لعله موجود 10-15 دقيقة. ربما يجب إعادة التفكير في ذلك ونصب الغرف الآمنة داخل المدارس". وانضم عضو الكنيست ميخائيل بيطون إلى الطلب وقال: "نحن حاليا في حالة طوارئ. خذوا جميع الغرف الآمنة من محطات وسائل النقل إلى داخل المدارس. قوموا أولّا بسدِّ احتياجات المدارس وبالتالي جميع احتياجات التجمعات السكانية بهذا الصدد".
وقال الضابط يونتان الشيخ من قيادة الجبهة الداخلية في رده إنه لا يمكن توفير الحماية للمدارس من خلال غرف آمنة: "هناك مواصفات واضحة تخص حماية المدارس. مسألة فتح أبواب المدارس وعملها المنتظم تقع ضمن تصرف قائد المنطقة وهو لا يسمح بفتح مؤسسات لا يوجد فيها غرف وملاجئ آمنة في حالة وجود تهديد".
لا تعترف "إسرائيل" بـ 35 قرية عربية في النقب، يسكنها نحو 100 ألف فلسطيني
وردًا على ذلك قال بعض الحضور إن المدارس في المجتمع البدوي قد فتحت بالفعل حتى وأنها لا تتمتع بغرف وملاجئ آمنة. وقال عضو الكنيست يوسف العطاونة: "هو يقول شيئًا هنا وعكسه تمامًا. يقومون بنصب غرف آمنة في محطات وسائل النقل، ولكن في حال عدم وجود غرف وملاجئ آمنة داخل المدارس نفسها وعدم الدراسة إلى أين سيسافرون؟" وأضاف: "جميع الفجوات التي نشأت مصدرها أمر واحد: عدم الاعتراف بـ 35 قرية. 100 ألف مواطن لا تعترف بهم الدولة وتتجاهلهم. الاستجابة والتعامل الحقيقي هو الاعتراف بهذه القرى لأنه بدون ذلك سنظل في دائرة المواساة والتعاطف والكلمات الطيبة ولن نستطيع المضيّ قدمًا".
وقالت يعيلاه رعنان، المديرة العامة لجمعية المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها: "في الوضع القائم فإن المقولة القائلة بأنه في الحرب لا يوجد فرق بين شخص وآخر هي ببساطة غير صحيحة. بحسب فحص أجريناه فإن احتمال مقتل مواطن في النقب نتيجة سقوط صاروخ هو أكثر بـ 2،200 مرة من أي مواطن آخر في الدولة. حتى الآن قتل سبعة نتيجة سقوط صواريخ وهناك إهمال وتقاعس في أمرهم حتى اليوم.
وكانت قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية قد صادقت على فتح المدارس إلا أن الأطفال لن يتم إرسالهم إلى المدارس لانعدام الغرف المحصّنة والملاجئ الآمنة، وأولياء الأمور يخافون عليهم. هذا الموضوع هو حلقة من حلقات الأضرار المستمرة التي تلحق بأطفال عرب البدو الذين لم يتعلموا أيضًا في فترة تفشي كورونا بسبب انعدام مرحِّل مما تسبب في عدم قدرتهم على التعلم عن بعد. وكل شيء كهذا يقلل من فرصهم في التخرج. وفيما يخص المجالات الآمنة "هيسكو" قالت: "يرفض الناس دخولها لأن سقفها مفتوح، خوفاً من الإصابة المباشرة. فالصاروخ الذي يدخل إلى داخلها سيقتل كل من يتواجد فيها".
وقال إبراهيم العطاونة، مدير مركز حوسِن في المجتمع البدوي: "المركز يعمل منذ عام 2016. ومن السابع من أكتوبر نحن نقوم بتشغيل مركز لخدمات الرد الهاتفي للمساعدة النفسية وقد اتصل به حتى الآن أكثر من 2،500 شخص. منذ نشوب الحرب فإن عدد المتجهين إلينا يزيد على المعدل السنوي. بسبب عدم وجود غرف وملاجئ آمنة هناك الكثير من التوجهات المعتقة بحالات الخوف والذعر ضمن القرى غير المعترف بها بشكل خاص وهذا الأمر يعود إلى إحساس العجز. ونحن نرافق أيضًا عائلات المخطوفين من عرب البدو بالتعاون مع وحدات وأقسام الرفاه الاجتماعي والتأمين الوطني".
وقالت الدكتورة سحر الصانع المختصة النفسية والتربوية، ومديرة قسم الخدمات النفسية في المجلس الإقليمي القصوم: "تعرض الأخصائيون النفسيون لدينا لإطلاق النار في الأماكن التي قُتل فيها الأطفال. التقينا بأم فقدت طفليها الوحيدين. كنا هناك من أجلها واستمعنا إلى ألمها. الأطفال الذين يعيشون في هذه المناطق يعانون من قلق وجودي طوال الوقت - البيت خطير، والطريق إلى المدرسة خطير، وكذلك المدرسة نفسها. إنه ليس شيئًا خاصًا بالحرب، بل موجود في كل وقت. انعدام الغرف والملاجئ الآمنة يؤدي إلى عدم التوازن العاطفي. يجب حماية جميع الأماكن وتجنب التفاوض حول ما هو موجود وما هو غير موجود. يجب حماية الأطفال طوال اليوم وفي كل مكان".
وقال سليمان العمور، مدير عام مشارك في أجيك – معهد النقب: "القسم الأكبر من أطفال المجتمع البدوي هم في المدارس. وهذه ليست سمة المجتمع المنغلق، بل هي سمة الخوف والذعر والقلق. تعتبر الحماية أمرًا بالغ الأهمية لشعور هؤلاء الأطفال بالأمان. العلاج النفسي في هذا المجتمع ككل ضروري. ويجب أن تجتمع هذه اللجنة كلجنة دائمة للتعامل مع تقليص الفجوات وإلى ذلك رصد ميزانيات فورية للخطة الخمسية وسد احتياجات المجتمع العربي".