ولد الناقد السينمائي بشار إبراهيم في مخيم دنون، أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في ريف دمشق. بدأ رحلته ككاتب قصة قصيرة، ثم انتقل إلى النقد السينمائي. في 1995، قرر التفرغ للكتابة وجعلها أسلوب معيشة، ووجد أن التخصص في الكتابة السينمائية يمكن أن يكون عملًا يعيش منه من جهة، ومتعة يعيش فيها من جهة ثانية، وهو ما كان فعلًا، لكنّ الناقد السينمائي استولى عليه بالكامل، فبات يصدر الدراسات والنقود السينمائية بشكل متتالٍ، مركزًا بشكل خاص على السينما الفلسطينية. من أعماله: "فلسطين في السينما العربية" و"ثلاث علامات في السينما الفلسطينية الجديدة" و"سينما القطاع الخاص في سوريا".
لا يحتاج الراهن العربي كثيرًا إلى السينما الروائية، إذ إنه راهن مأزقي من جوانب عدة
ماذا عن السينما الروائية إزاء الراهن العربي؟ محاولات كثيرة لمحاكاة ما نعيشه، لكنها قليلة ولم تتجاوز أدنى التوقعات. ما رأيك؟
من حيث المبدأ، في اعتقادي لا يحتاج الراهن العربي كثيرًا للسينما الروائية، إذ إنه راهن مأزقي من جوانب عدة، سواء نظرنا إليه من باب الحرب الدائرة في غير بلد عربي، من الثورة إلى الحرب الأهلية، أم من باب تاريخية قضيته "المركزية"، العالقة منذ نيف وستين عامًا، وتشهد المزيد من الانكسارات والتراجعات في شكل مرير، على قاعدة اللاحرب واللاسلم مع المحتل الإسرائيلي، بموازاة الحرب الطاحنة التي تدور رحاها في المدن والبلدات والقرى العربية، فيما بين حيّ وآخر منها.
اقرأ/ي أيضًا: دراما الثورة السورية (2).. الولادة من الخاصرة
أما من الناحية العملية، وبمتابعة المشهد السينمائي العربي، فسرعان ما تتبدّى الملاحظة الجوهرية المتعلقة بإمكانية القول قبل الحديث عن المقدرة على البناء والسرد. لا يزال هناك الكثير مما هو مسكوت عنه في المجال العربي. ثمة أشياء من الماضي البعيد والقريب لا يمكن مقاربتها سينمائيًا، فما بالك بوقائع من الحاضر!
أميل إلى القول إلى أن في فم المبدع العربي ماء (إن لم نقل حصى)، يجعله يحاذر مقاربة موضوعات عدة، على رغم أهميتها وضرورة قولها إفصاحًا أو كشفًا أو نقدًا وتعرية أو مساءلة... لا يمكن تفسير ذلك إلا بوصفه خوفًا من الرقيب، أو اتقاء اللعنة السياسية، والنبذ الاجتماعي. ولنا في مصائر من حاولوا مقاربة "المحظورات" (التابوهات)، أو قول بعضًا من المسكوت عنه، ولو في شكل طفيف، الدرس البليغ الذي لا يفضي في النهاية إلا لـ"طلب السلامة"، والاكتفاء من غنيمة السينما بفيلم صالح للعرض في دولة عربية، على الأقل.
هنا ينبغي لنا العودة إلى المبدأ الأول الذي أشرت إليه، وهو أننا في حاجة إلى السينما الوثائقية (التسجيلية كما يفضل البعض تسميتها)، فبالتواري وراء شخصيات حقيقية (من دم ولحم)، وسرد حكاياتها وقصصها، وتصوير واقعها وتحولاتها ومصيرها، يمكن تمرير ما لا يُطاق فيما لو جاء في نصّ سينمائي روائي، خاصة وأن في إمكان هذه السينما (الوثائقية)، إن أحسن صنّاعها العمل على تحقيقها بالاحترافية والمهارة المناسبة، أن تأخذنا إلى مستوى إبداعي لا ينفك عن المستوى الواقعي، ويعيد إنتاجه محملًا بوجهة نظر ذات علاقة بالراهن، الذي ننتظر قولًا سينمائيًا بصدده.
وطبعًا، ونحن نقول بالقصور الذي نعتقده من سمات الذهنية العربية في مجال بناء الشخصيات، وسرد تحولاتها، وتعدد مستوياتها السلوكي والنفسي، المطلوب سينمائيًا، مما يجعلها في غالبيتها شخصيات أدبية (تقول الشيء ولا تعيشه)، أو ذات مستوى أحادي (خيّرة أو شريرة)، أو منقّاة في شكل ما فوق واقعي (سيرة بيضاء)، ينبغي أن لا نتجاهل المشكلة الإنتاجية المتعلقة بالسينما الروائية، التي تحتاج موازنات لا يمكن مقارنتها بالسينما الوثائقية، ما يزيد من صعوبات تحقيق وتطوّر السينما الروائية، خاصة في ظلّ الافتقار إلى الدعم والتمويل، وغياب شركات الإنتاج (حكومية أو خاصة)، وغياب الاستوديوهات السينمائية، والاضطرار في كثير من الأحوال للتكيّف مع ذائقة ورغبات (حتى لا نقول متطلبات) المُنتج (صاحب المال) المتوفّر، على قلّته ومحدودية قدراته وإمكاناته أصلًا.
تبدأ إشكالية السينما الروائية، عربيًا، من عجزها الذاتي، وخوفها ومحاذرتها من مقاربة الراهن
إشكالية السينما الروائية، عربيًا، متعددة، ومركّبة، تبدأ من عجزها الذاتي (البناء والتنفيذ)، وخوفها ومحاذرتها من مقاربة الراهن، وعدم الجرأة على ملامسته (قبل أن تحاول محاكاته)، وتمرّ بالمعضلة الإنتاجية، قبل أن تحطّ أخيرًا عند إشكالية متطلبات المشاهد العربي، والبون الشاسع بين ما يريده الإنسان العادي في شارعه، وما يتأفّف منه المثقف العربي القابع في برجه العاجي. هل ثمة مبالغة إذا قلت إن بعض التجارب السينمائية العربية الرائدة، المطلوب احتضانها، فتك بها مثقفون متعالون ومتطلّبون؟
اقرأ/ي أيضًا: شوقي بوزيد يصرخ.. ماما أفريقيا
لماذا يغيب الناقد السينمائي، الكاتب السينمائي، عن المنطقة العربية، في حين أن هناك مختصين في التشكيل والشعر، مقابل قلّة كتاب السينما؟
الناقد السينمائي العربي موجود. والكتابة العربية في الشأن السينمائي تشكو من سيولة، أجزم أنها لا تتوازى وتتناسب مع المنتوج السينمائي العربي، كله. هناك كثير من النقاد السينمائيين العرب يفضّلون الكتابة عن السينما غير العربية؛ يفضّلون الكتابة عن أعلام السينما العالمية، وروّداها، وعن أهمّ أفلامها، وأبرز محطاتها، عن مهرجاناتها، وجوائزها... أكثر مما يكتبون عن السينما العربية وصنّاعها.
قد يكون لهؤلاء العُذر، تارةً بالانتباه إلى الفارق الكبير، على صعيد المستوى الفني والإبداعي والتقني، ما بين السينما العالمية في عطاءاتها المتميزة (ومنها سينما دول جوار، ودول عالم ثالث)، والسينما العربية التي تبدو مقصرة تمامًا في هذا السباق، وتارة أخرى كفاية شرّ النقد وتبعاته في مناخ عربي لا يتقبّل النقد، ولا يرضاه، ولا يستقبله بصدر رحب.
أظنّ (وأرجو أن أكون مخطئًا) أن نكران وجود نقد سينمائي عربي، يعود في كثير من الأحيان إلى العلاقة المتوترة، أو شديدة التوتر، ما بين الناقد السينمائي وصانع السينما (مخرجًا، منتجًا...)، مع ملاحظة أن ثمة فارقًا كبيرًا ما بين الأنساق الإبداعية الفردية من شعر وقصة ورواية وفن تشكيلي، والنوع الإبداعي الذي ينبغي له أن يكون جماعيًا أولًا، وعلى صلة وطيدة بالصناعة والتجارة (بما فيها من إنتاج وتسويق وتوزيع) كما هو حال السينما.
ليس هذا وقت سرد تفاصيل العلاقة المتوترة ما بين الناقد وصناع السينما، وهناك الكثير من الحكايات الطريفة، والمواقف المؤسفة... ولكن هي لحظة للقول يمكن للمرء أن يشتكي من كثرة من يكتبون عن السينما، ورداءة ما يكتبون، لا فقط بسبب قلة جودته، بل لكثرة ما يرد فيه من أخطاء. وبات من المألوف، في عالمنا العربي، أن يأخذ صحافيو صفحات المنوعات، في صحف يومية أو مجلات أسبوعية أو مواقع إلكترونية، صفة الناقد السينمائي، توسّلًا (أو تسوّلًا) لحضور مهرجان، أو بناء علافة نفعية مع صنّاع السينما، أو مهرجاناتها.
صحيح أن هذا الأمر ينطبق على بعض صغار "النقاد"، ممن حاولوا بداية أن يكونوا "مخرجين" ففشلوا، وتحوّلوا إلى "مستشارين" لمهرجانات سينمائية، أو منتجين، أو مخرجين... ولكن الحقيقة التي ينبغي عدم تجاهلها أن ثمة نقاد عرب (شيبًا وشبانًا) يستحقون التقدير لما قدّموه سابقًا، ويقدّمونه الآن، من إضافات متميزة للثقافة والمكتبة العربية في مجال السينما.
تستطيع السينما أن تكون أكثر الفنون اقترابًا، وأقواها تعبيرًا، وأعمقها تأثيرًا
يقال إن السينما هي أكثر الفنون اقترابًا من الحراك العربي... إلى أي حد ترى ذلك صحيحًا؟
تستطيع السينما أن تكون أكثر الفنون اقترابًا، وأقواها تعبيرًا، وأعمقها تأثيرًا... ولكنها حتى الآن لم تستطع فعل ذلك. مع وجود استثناءات قليلة جدًا، لا تكاد تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، تبقى السينما العربية في إطار المحاولات؛ الصائبة منها والخائبة. الجيدة والضعيفة. الأصيلة والمدعية. وفي وسط هذا الركام يمكن التقاط التجارب السينمائية العربية النابهة، وذات القدر الوافر من الجودة، ولكن حتى هذه تتميز بحذرها من مقاربة ما يجري راهنًا في الواقع العربي.
اقرأ/ي أيضًا: أسوأ أفلام تحدثت عن العرب
لا تزال الذهنية العربية شديدة التقاطبية، ما ينعكس أولًا في الحقل السياسي، ومن ثم الثقافي والفكري والاجتماعي... وبسبب من هذه التقاطبية الشديدة تنعدم، أو تكاد، مساحة الحوار (ومن ضمنها النقد طبعًا)، وتضيق هوامش المقاربة لأي موضوع إلا على قاعدة: "مع أو ضد"، وهو ما يتجنبّه كثير من السينمائيين.
أميل إلى القول إن السينما العربي، منذ قرابة خمسة سنوات، وعلى مدى موسم "الربيع العربي"، لم تقدر على مقاربة الراهن العربي، في شكل مناسب، ولن تقدر، لأن جوهر الأشياء ذات العلاقة بصنّاع السينما (وكذا نقادها)، لم يتغيّر. وإذا كان لأحد الحديث عن "ثورة"، فمن المؤكد أن هذه "الثورة" لم تصل العقليات، ولا الذهنيات، ولا آليات العمل. يبدو أحيانًا أن ما تغير هو نقل البندقية من كتف إلى آخر، بمعنى إعادة الاصطفاف وفق مصالح، كثير منها نفعي وانتهازي، وليس إبداعيًا أصيلًا. انتبه إلى أن العام 2011 شهد عددًا وافرًا من الأفلام التي تتحدث عن الثورة في هذا البلد العربي، أو ذاك، ولكن سرعان ما تفسّخت الأحوال وتجلّت عن انقسامات وتشظّيات في عودة أشد بؤسًا إلى أسوأ مما فات.
هل ثمة سينما، بوصفها صناعة وفنًا جماعيًا، في منطقتنا، إذا ما استثنينا الحالة المصرية؟
إذا أردنا الحديث عن "صناعة السينما"، فمن الثابت أن مصر هي البلد العربي الوحيد الذي شهد، ومازال يشهد، ما نسميه "صناعة سينما"، منذ وقت مبكر، يتفق المؤرخون أنه يعود إلى العام 1935 عندما أسّس الاقتصادي طلعت حرب "شركة مصر للتمثيل والسينما" (استوديو مصر)، ما رسخ وطيدًا صناعة السينما في مصر.
وعلى الرغم أن ثمة تجارب مضيئة للقطاع العام في مجال الإنتاج السينمائي، في كلّ من سوريا والعراق والجزائر، فضلًا عن مصر، إلا أن أمراض القطاع العام لم تتردّد في إصابة السينما، والنيل منها، إلى درجة الانطفاء، بعد وقت من التلكؤ، وشيء من الإنتاجات السينمائية، بينما بقيت المخططات والمشاريع التي كانت تنوي تأسيس "مدن سينمائية"، مقدّمة لبناء "صناعة سينما"، طيّ الأدراج، أو ملفات البيروقراطية والفساد. وليس لدينا اليوم سوى "المؤسسة العامة للسينما في سوريا"، قطاعًا حكوميًا في مجال الإنتاج السينمائي، فيما يكتفي "المركز السينمائي المغربي" بأشكال عدة من آليات دعم الإنتاجات السينمائية المغربية، وتنحصر آليات الدعم الحكومي أو شبه الحكومي في غير بلد عربي، على تمويلات محدودة، لا تفي بالغرض، ولا تؤسس لـ"صناعة سينمائية".
عدم وجود "مجتمع سينمائي" جعل من الاشتغال في السينما، وتحقيق الأفلام، أقرب إلى العمل الفردي منه إلى الجماعي
أما إذا أردنا الحديث عن ما نسمّيه "المجتمع السينمائي"، فهو أيضًا لا تتوفّر معالمه إلا في مصر، حيث ثمة عشرات الآلاف من العاملين في قطاع السينما، ووتيرة إنتاجية، وتسويق، وتوزيع، وسوق سينمائية تكاد تكتفي بذاتها.
اقرأ/ي أيضًا: أفلام عن الشرق الأوسط لمحبي السياسة
في اعتقادي أن الآلاف من الموظفين في مؤسسات القطاع العام ذات الصلة بالإنتاج السينمائي، التي كانت في غير بلد عربي، لم تستطع التأسيس لـ"المجتمع السينمائي" الذي نقصده، لأن مصالحها بقيت متعلقة في قسط كبير منها بما تأخذه من رواتب من خزينة الدولة، وليس متعلقًا بدورة الإنتاج السينمائي.
عدم وجود "مجتمع سينمائي" في غالبية الدول العربية، جعل من الاشتغال في السينما، وتحقيق الأفلام، أقرب إلى العمل الفردي منه إلى الجماعي. في حالات من هذه الطراز يكون المخرج هو كاتب السيناريو والحوار أيضًا، وشريكًا في الإنتاج، وإن بصفة "مُنتج منفّذ"، وفي غير فيلم يكون هو المصور والمونتير ومن يختار الموسيقا، أو يستعين بعدد لا يتجاوز أصابع اليد.
"صناعة السينما" هي التي تنتج "مجتمع سينمائي"، يرتبط بالدورة الإنتاجية السينمائية، من الفكرة إلى الشاشة، ويتعلق مصيره بجدواها في سوق، قلّما تقبل العمل الفردي، وتفرض على السينمائيين في مهنهم وحرفهم واختصاصاتهم ضرورة الانخراط العمل الجماعي، ليكون لكل دوره مهما صغر، أو قلّت أهميته، ولكن لا مجال للاستغناء عنه، سواء أكان دوره في صلب العملية الإبداعية السينمائية، فنيًا وتقنيًا، أم في إطار العمليات المساعدة، من إداريين ومهنيين وحرفيين، ومن عاملين في مجال الخدمات اللازمة كالنقل والمواصلات والإطعام، وغيرها..
لماذا يعد مجرد وصول فيلم عربي لقوائم الأفلام المشاركة في جوائز مثل أوسكار وكان، لوحده، انتصارًا، في حين تصل السينما الإيرانية، جارتنا الفقيرة والمكبّلة سياسيًا مثلًا، وجيراننا الآخرون (أتراك، أرمن، أكراد، الخ)، إلى هذه المحافل، من دون ضجيج يذكر؟
لا يصل أحد من السينمات المجاورة، إلى المستويات العالية من المنافسات العالمية، التي ذكرتها في سؤالك، دون ضجيج، أو دهشة. ربما نحن لا نسمع هذا الضجيج بالقدر الكافي، وربما نتجاهل سماعه، لأننا (أقصد سينمائيينا) غير قادرين على إجابة سؤال: لماذا؟ وتلمّس طريق: كيف؟ خاصة وأن التشابهات متوفّرة، بل إن بعض تلك السينمات (المجاورة) لديه من الهموم والمشاكل والقيود أكثر مما لدى السينما العربية.
تبقى "السينما المستقلة" الخيار المُتاح، وبارقة الأمل، في إزاء الفوات الذي يعمّ الحال العربية
تعمّنا الدهشة فعلًا ونحن نشاهد ما تحققه السينما الإيرانية، والسينما التركية، والسينما الكردية، ونحن نتشابه معهم كثيرًا حتى في المطبخ. فلماذا تستطيع تلك السينما تقديم نفسها، ومجتمعاتها، وصورتها، بطريقة إبداعية مميزة، فيما تتلكأ السينمائية العربية (مع لحظ بعض الاستثناءات التي تشبه الاختراقات)، عن فعل ذلك بطريقتها؟ لا إجابة جازمة لديّ، ولكن أميل إلى القول إن الإشكالية الأساسية تكمن في الذهنية العربية، غير القادرة على اجتراح الجديد، والعالقة ما بين مطرقة القمع، وسندان التلكؤ والتردد.
ما إمكانية أن تكون السينما المستقلة أكثر حرية بوجود وسائل التواصل، والكاميرات في الموبايل؟
تبقى "السينما المستقلة"، على رغم ما تثيره حولها من جدل، الخيار المُتاح، وبارقة الأمل، في إزاء الفوات الذي يعمّ الحال العربية على المستوى السياسي والفكري، والنكوص التاريخي على مستويات عدة، بما فيها الإبداعي، وبمواجهة الصعوبات الإنتاجية، ماليًا وتقنيًا.
يتعلّق الأمل على «السينما المستقلة»، أولًا وتاليًا، لأنها خيار فرديّ، يمكن عبرها لسينمائيين شباب نافرين ومتمردين أن يقترحوا قولًا آخر، مختلفًا، وربما جديدًا، إن كانوا مبدعين أصلاء، من خلال كاميرات صغيرة الحجم، سهلة الاستعمال، قليلة المتطلبات، زهيدة السعر، ويمكن أن تعطي نتائج فنية وتقنية مقبولة.
الأمل يتعلّق بحبال "السينما المستقلة"، ليس لأنها أكثر حرية، فهي لا زالت محكومة، في غالبية إنتاجاتها التي شاهدنا حتى الآن، بكثير القيود السياسية والمجتمعية والذهنية، وهي حتى الآن لم تتجاوز بعضًا مما سبق أن تحقّق عبر أفلام سينما القطاع العام، في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، من القرن العشرين.
الأمل يتعلّق بـ"السينما المستقلة" لأنها الخيار السينمائي المُتاح في المدى المنظور. وأخطر ما فيه أنها رهان قابل للفشل، إذا استمرأ سينمائيونا الاستسهال، أو بقي سؤال الحرية وظيفة لا مهمة.
اقرأ/ي أيضًا: