19-أغسطس-2022
لوحة

بينما وضعت الحرب أوزارها في غزة وبدأت عائلات الضحايا بلملمة جراحها، كانت ابنة غزة الفنانة رغدة اللولو (44 عامًا)، تستعد لرسم صورة إحدى ضحايا الهجوم الإسرائيلي فوق أحد أرصفة شارع نكوليت اڤينيو، في مدينة مينابوليس الواقعة في ولاية مينيسوته في الولايات المتحدة الأمريكية.

كان أمامي 16 ساعة موزعة على يومين لرسم القطعة، بدأتها أول يوم برسم ملامح الوجه الحزين للفتاة، وكان القائمون على المعرض معجبين بالرسمة، لكنهم لا يعرفون تفاصيلها كاملة

تقول رغدة: "للتو كنت عائدة من زيارة عائلتي في مدينة غزة، عندما بدأت الأخبار تتوارد إلينا عن بدء الهجوم الإسرائيلي، والذي كان قريبًا من منزل عائلتي في حي الرمال وسط المدينة. لم يغمض لنا جفن على مدار ثلاثة أيام، ونحن نتابع الأخبار خاصة بعد سماعنا عن تأثر بعض أصدقائنا جراء القصف العنيف".

يوم السبت، 13 آب/أغسطس، كان موعد المهرجان السنوي الذي يُقام وسط مدينة مينابوليس. جمعت رغدة ألوانها وأدوات الرسم الخاصة بها، وانطلقت من منزلها صوب المهرجان تحمل في مخيلتها صورة مؤلمة، تداولتها وسائل الإعلام لفتاة فلسطينية فقدت أحد أفراد عائلتها، وهي تصرخ محتضنة وجهها بكلتا يديها.

لوحة فنية

تقول رغدة في حديثها لـ الترا فلسطين: "كان لدي قطعة فنية مختلفة تمامًا لرسمها خلال الاحتفال، لكن لم أستطع تجاهل حزني بعد مشاهدة ضحايا الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، وكان أمامي 16 ساعة موزعة على يومين لرسم القطعة، بدأتها أول يوم برسم ملامح الوجه الحزين للفتاة، وكان القائمون على المعرض معجبين بالرسمة، لكنهم لا يعرفون تفاصيلها كاملة".

وفي اليوم التالي، استأنفت رغدة عملها برسم علم فلسطين كوشاح ملوف كعصبة حول رأس الفتاة، ثم بدأت ترسم ألسنة النيران التي ارتفعت من خلفها. تقول: "في تلك اللحظة ارتفعت حرارة الجو وبدأ عرقي يتساقط من شدة الإجهاد، كنت أشعر بأني أقوم بتفريغ طاقة الغضب التي تسكن بداخلي في تلك اللحظات".

لوحة فنية

وأضافت، أن غالبية من شاهدوا اللوحة أخبروها أنها ليست بحاجة إلى تفسير وشرح، لكن الكثير منهم سألها عن مناسبتها، فيما سألها آخرون عن العلم لأي دولة يتبع، وأين تقع غزة.

وتابعت: "بقدر ما كانت أسئلتهم بريئة، كانت هامة، وكانوا يودون معرفة ما يدور في غزة. لقد شاهدت الحزن في عيونهم عندما عرفوا أن هناك جرائم ترتكب بحق أطفال أبرياء، فيما كانت وسائل الإعلام الأمريكية تخفي عنهم الحقيقة، وتكتفي بالقول أن إسرائيل تدافع عن نفسها".

أطلقت رغد على قطعتها الفنية اسم "الوجه الآخر للقصة"، وأهدتها إلى ضحايا العدوان الإسرائيلي، في المهرجان الذي ضم 25 لوحة فنية لفنانين في الولايات المتحدة. تقول: "كنت أدرك أن قيامي بهذا العمل في مكان عام في أمريكا قد يعرضني للمضايقة لكن لم أهتم لذلك".