26-سبتمبر-2019

تظاهرت نساءٌ ورجالٌ، في عدة مدن فلسطينية وخارج فلسطين، الخميس، احتجاجًا على العنف ضد النساء، استجابة لدعواتٍ أطلقتها مجموعةٌ انطلقت قبل أيام عبر مواقع التواصل الاجتماعي باسم "طالعات"، بهدف تسليط الضوء على "كافة أشكال العنف" الذي تتعرض له المرأة الفلسطينية، تحت شعار "لا وجود لوطن حر إلا بنساء حرة".

"طالعات" حراك يُعرف عن نفسه بأنهن "نساء يناضلن كل أنواع العنف الذي يُمارس على الفلسطينيات

رزان قرعان من القائمات على فعالية "طالعات"، تعرّف المجموعة أنهن "نساء فلسطينيات يناضلن ضد كل أنواع العنف الذي يمارس على النساء الفلسطينيات في مختلف أماكن تواجدهن". مؤكدة، "نحن لا نتبع لأي جهة معينة".

وتحمل مجموعة "طالعات" رسالةً بأن "قضية أمن وكرامة النساء في فلسطين هي قضيتنا كمجتمع، وليست قضية مؤجلة إلى ما بعد التحرر الوطني، بل هي قضية ذات أولوية راهنة، وعليها أن تكون كذلك، وأن تعيد تعريف جوهر الخطاب والفعل السياسي التحرري الفلسطيني".

لهذا السبب اخترن الشارع كـ"حيز للتعبير ولمركزة هذه القضية في صلب الفعل السياسي الفلسطيني"، وهنّ يأملن المراكمة نحو بناء "حراك فلسطيني جامع".


في ميدان المنارة وسط رام الله، تجمعت عشرات النساء بالتزامن مع فعالياتٍ أخرى شبيهة نظمت في رفح ويافا وبرلين وبيروت والناصرة وعرابة والجيش ومدن أخرى، إضافة إلى القدس حيث قمعت قوات الاحتلال الفعالية التي أُقيمت في باب العامود.

قوات الاحتلال قمعت فعالية "طالعات" في باب العامود

وحملت المشاركات يافطات تنبذ العنف في المجتمع الفلسطيني والذي يُمارسه الاحتلال الإسرائيلي، كما خرجن في مسيرة طافت شوارع مدينة رام الله يقرعن الطبول إلى جانب هتافات غاضبة من بينها: "من رام الله لجرش يقطع أيد اللي تحرش (..) اصرخي اصرخي علي صوتك ما تخلي الحرية تفوتك (..) ع الاحتلال ثورة ع الاستعمار ثورة ع الصهيونية ثورة ع العنف ثورة ع الخوف ثورة".

وحول فعالية اليوم، تقول قرعان: "بالرغم من القمع الاستعماري الموجود والممارس ضدنا، إلا أننا استطعنا التفوق على الحدود الجيوسياسية، وانتشرت الوقفة في مختلف ربوع الوطن في غزة والضفة والقدس ومدن الداخل وخارج فلسطين، وهو ما يؤكد وجود وعي غير متناهي حول حقوق النساء".

وأضافت، "نحن نعيش في مجتمع مورس عليه التهجير والقمع من قبل المنظومة الاستعمارية الإسرائيلية ولازلنا بشكل يومي نواجه هذا العنف من قتل على الحواجز والسجن، وبالرغم من كل هذا القمع قدرنا أن نتفوق على هذه الحدود".

حرَّكت قضية مقتل إسراء غريب قبل أسابيع الرأي العام الفلسطيني، وحظيت باهتمامٍ محلي وعالمي، الأمر الذي دفع لتنظيم مثل هذه الفعاليات.

في هذا السياق تقول قرعان، إن قضية إسراء غريب انتشرت في الإعلام، وهي قضية من بين 28 قضية قتل وقعت هذه السنة، وفي عام 2018 كان هناك 35 جريمة قتل من قبل الأقارب وفي داخل الأسرة، لذلك رسالتهم أن يواجه العنف الذي تتعرض له المرأة.

28 جريمة قتل هذه السنة، وفي عام 2018 كان هناك 35 جريمة قتل من قبل الأقارب وفي داخل الأسرة

وأكدت أن هذه الوقفة لن تكون آخر وقفة، وإنما هي جزء من "عمل طويل الأمد سوف يستمر".


لدى "طالعات" صفحةٌ في موقع "فيسبوك" بعنوان "وطن حر نساء حرة". وفي بيان صحافي وزعته المجموعة اليوم، ورد فيه "لا نناضل للنجاة من القتل فقط، إنما نناضل لوقف كافة أشكال التعنيف والترويع الجسدي والنفسي والجنسي والاقتصادي والسياسي الذي تعيشه غالبية النساء في مجتمعنا بشكل يومي".

وقال البيان: "قضايا العنف ضد النساء ليست قضايا جنائية فردية، بل هي حالةٌ اجتماعيةٌ ممتدة تعتاش على منظوماتٍ من العنف والفساد البنيوي المتجذر، كالمنظومات الطبية والتربية والقانونية وغيرها، بالتالي فإن العنف ضد النساء ليس شأن الضحايا وحدهن، بل شأن كل فلسطينية وفلسطيني".

يرى مدير دائرة المناصرة المجتمعية في مؤسسة الحق عصام عابدين، أن مبادرة "طالعات" عبارة عن "مبادرة نسوية هدفها مواجهة كافة أشكال العنف بمفهومه الواسع، سواءً الجسدي أو الجنسي أو النفسي أو الاقتصادي أو السياسي أو في العمل وفي كافة المجالات، وعلى رأسه عنف الاحتلال".

وأكد عابدين، أن مثل هذه الفعالية التي تنظم في مختلف المناطق، "تُظهر أن المجتمع الفلسطيني مجتمع واحد".

واتهم عابدين خلال حواره مع الترا فلسطين، السلطة الفلسطينية، بالتقصير في معالجة ومتابعة قضايا العنف ضد النساء، "بدليل أنه في كل الحالات ومسارح الجريمة لم نصل إلى عدالة ناجزة"، مشيرًا إلى قضية مقتل الشابة آية برادعية عام 2011 "التي لم تتوفر فيها عدالة ناجزة حتى العام 2019" كما قال.

عصام عابدين: السلطة مقصرة في معالجة ومتابعة قضايا العنف ضد النساء

كما اتهم عابدين، الاحتلال الإسرائيلي، بالتعمد في عدم الوصول إلى عدالة ناجزة في قضايا العنف ضد النساء، مثل قضية مقتل الفتاة يارا أيوب في قرية الجش بالجليل داخل الخط الأخضر العام الماضي،  "رغم أن مسرح الجريمة سهل جدًا".

بدورها قالت الناشطة منى اشتية، وهي من المشاركات في فعالية "طالعات"، إنها تشارك "لأن روحنا طلعت، كل يوم نسمع عن سيدة جديدة تتعرض للعنف، وهذا العنف ليس عنفًا مجتمعيًا فقط، وإنما من الاحتلال الإسرائيلي أيضًا، وبالتالي جئنا لنرفع صوت النساء عاليًا".

أما محمود زيادة وكان من بين المشاركين في الفعالية وسط رام الله، فقال إنه حضر "للدفاع عن حق النساء في الحياة والكرامة وأن هذا الحق واجب الاحترام وغير قابل للتأجيل".

وأضاف أنه "مقتنعٌ بهذا المبدأ، وأنه لا يصح أن يكون هناك مجتمعٌ حيٌ ويتطلع للخلاص من نظام الاستعمار والتمييز العنصري الإسرائيلي أن يقتل بعضه وأن يستسهل كل أشكال العنف وبخاصة ضد النساء".

يُذكر أن قوات الاحتلال حاصرت المشاركين في الفعالية التي أُقيمت في باب العامود بمدينة القدس عصر اليوم، ثم باغت الجنود المشاركين بالاعتداء عليهم وفضوا الفعالية بالقوة.