05-سبتمبر-2024
وقف إطلاق النار

(Getty)

قال مسؤولان أميركيان ومصدران أمنيان مصريان ومسؤول مطلع لـ"رويترز" إن البيت الأبيض يسعى لتقديم اقتراح جديد لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى في الأيام المقبلة. يترافق ذلك مع استمرار رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التأكيد على نيته استمرار الاحتلال محور صلاح الدين/فيلادلفيا.

وأوضح المسؤولون الأميركيون، أن الاقتراح الجديد يهدف إلى حل نقاط الخلاف الرئيسية التي أدت إلى الجمود المستمر منذ أشهر في المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة وقطر ومصر سعيًا للتوصل إلى هدنة في الحرب.

قال مسؤول عربي، لـ"نيويورك تايمز" الأميركية، إن إصرار نتنياهو على الحفاظ على السيطرة الإسرائيلية على محور صلاح الدين/ محور فيلادلفيا، يشكل الآن العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق

وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن، يوم الأربعاء، إنه تم الاتفاق على جزء كبير من الاتفاق، لكن المفاوضين ما زالوا يحاولون التوصل إلى حلول لعقبتين رئيسيتين.

وأضاف المسؤول في الإدارة الأميركية، الذي رفض الكشف عن هويته، أن هذه العقبات هي مطالب إسرائيل باستمرار احتلال ممر صلاح الدين/فيلادلفيا، والأسرى الذين سيتم تبادلهم في الصفقة.

قال مسؤول عربي، لـ"نيويورك تايمز" الأميركية، إن إصرار نتنياهو على الحفاظ على السيطرة الإسرائيلية على محور صلاح الدين/ محور فيلادلفيا، يشكل الآن العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق.

وقال المسؤول الأميركي الأول إن مسودة الاتفاق الجديدة قد تصدر الأسبوع المقبل أو حتى قبل ذلك. وأضاف المسؤول: "الشعور هو أن الوقت قد حان. لا تستغربوا إذا رأيتم (المسودة المنقحة) هذا الأسبوع".

وأضاف المسؤول في الإدارة الأميركية: "نشعر جميعًا بالحاجة الملحة للاتفاق". وقال المسؤول الأميركي الأول إن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز، كبير المفاوضين الأميركيين، يرأس مجموعة صغيرة من كبار المسؤولين الأميركيين الذين يعملون على صياغة المسودة، والتي تضم منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك ووزير الخارجية أنتوني بلينكن.

وقال المسؤول الأميركي الأول "هناك تصور قوي للغاية من جانب المفاوضين بأن وقف إطلاق النار ينزلق بعيدًا"، مؤكدًا على الأهمية الملحة التي تدعم هذه الجهود.

وتابع المسؤول الأميركي ذاته أنه منذ فشلت جولة بلينكن الأخيرة في المنطقة الشهر الماضي في تحقيق اختراق، واصل الوسطاء المناقشات على مستوى العمل، وما زالت هذه المحادثات مستمرة.

وقالت المصادر المصرية إن الولايات المتحدة تحولت من النهج التشاوري إلى محاولة فرض خطة وقف إطلاق النار على الأطراف.

وقال المسؤولان الأمريكيان إن الخطة المعدلة لن تكون عرضًا نهائيًا إما أن "تقبله أو ترفضه"، وإن واشنطن ستواصل العمل من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار إذا فشلت الخطة.

وتتطلب أجزاء من الاتفاق المكون من ثلاث مراحل، والذي تم قبوله بالفعل من قبل حركة حماس، انسحاب إسرائيل من جميع المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في غزة في المرحلة الأولى من الاتفاق.

وقال المسؤول الأميركي إن المجموعة الأميركية تدرس مناطق في ممر فيلادلفيا يتعين على القوات الإسرائيلية الانسحاب منها والمناطق التي يمكنها البقاء فيها.

وأشار المسؤول المطلع على المحادثات إلى أن وفدًا إسرائيليًا برئاسة رئيس الموساد ديفيد برنياع أبلغ الوسطاء في محادثات جرت في قطر، يوم الإثنين، أن إسرائيل مستعدة لسحب قواتها من الممر بعد المرحلة الأولى التي تستمر 42 يوما من وقف إطلاق النار. لكن بعد ساعات عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤتمرًا صحفيًا، وأصر على أن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة على ممر صلاح الدين/فيلادلفيا، وهي التعليقات التي قال المسؤول إنها صدرت بعد عودة الوفد إلى تل أبيب. وكرر نتنياهو يوم الأربعاء رفضه القاطع للانسحاب من الممر الحدودي.

وقال المسؤول المطلع على الأمر "إن هذا وضع الأطراف الوسيطة في موقف صعب. فإذا بقيت إسرائيل في ممر فيلادلفيا، فلن توافق مصر ولا حماس على أي اتفاق".

قال مسؤول كبير في إدارة بايدن، لـ"هآرتس"، إن الولايات المتحدة واثقة من قدرتها على "ضمان أمن إسرائيل إذا انسحبت من محور فيلادلفيا" حتى لو لم تكن هناك قوة أخرى تدخل المنطقة، كما يطالب بنيامين نتنياهو. 

وبحسب قوله فإن "المرحلة الأولى من الاتفاق لا تتضمن انسحابًا كاملًا للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، ولم تتضمن أبدًا مثل هذا الشرط، أي "الانسحاب في المرحلة الأولى سيكون فقط من المناطق المكتظة بالسكان". 

وأوضح أنه "نشأ خلاف حول ما إذا كان محور فيلادلفيا (محور صلاح الدين) يعتبر منطقة كهذه، وتمت صياغة حل وسط تخفض بموجبه إسرائيل قواتها على طول المحور بشكل ملحوظ، لكن القضية ظلت محل خلاف وأصبحت قضية سياسية في إسرائيل".

وانتقد المسؤول الأميركي إشارة نتنياهو إلى تفاصيل الاتصالات علنًا. مضيفًا: "لم أشارك قط في مفاوضات يصدر خلالها كل يوم بيان جديد حول المفاوضات. في رأيي، من الأفضل أن أقول أقل قدر ممكن".

كما أشار إلى ادعاء بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير بأن الاتفاق قيد البحث بين الطرفين هو "صفقة غير شرعية"، ونفى هذه المزاعم، متابعًا "لقد سمعت العديد من الوزراء الإسرائيليين يقولون إن هذه الصفقة ستضحي بأمن إسرائيل. هذا التصريح خاطئ من الأساس. إن تجنب الصفقة هو الذي يشكل تهديدًا طويل الأمد لأمن إسرائيل ... وهذا يشمل محور فيلادلفيا". وأشار المسؤول الأميركي الكبير إلى أن الاتفاقية الحالية تتكون من 18 مادة، مؤكدًا أنه تم الاتفاق على 14 منها.

ووفق صحيفة "هآرتس"، يشعر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقلق من تزايد الانتقادات الدولية له فيما يتعلق بالمفاوضات، وقد بذل "جهدًا كبيرًا في اليوم الماضي في محاولة لدرء الاتهامات بأنه يحبط صفقة محتملة على أساس على الاعتبارات السياسية".

وعقد نتنياهو، الليلة الماضية الأربعاء، مؤتمرًا صحفيًا لوسائل الإعلام الأجنبية في إسرائيل، أكد فيه مجددًا على "أهمية السيطرة الإسرائيلية على محور صلاح الدين/فيلادلفيا". كما حرص هو وزملاؤه على إطلاع كبار المعلقين في محادثات شخصية حول هذا الموضوع. بالإضافة إلى ذلك، أجرى وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية رون ديرمر، المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي، سلسلة من المقابلات مع وسائل الإعلام الأميركية في محاولة لشرح موقف نتنياهو.

نفى المتحدث الرسمي باسم حركة حماس جهاد طه، اطلاع الحركة على أي خطط أميركية لتدريب قوات فلسطينية من أجل تولي تأمين منطقة الحدود بين قطاع غزة ومصر. وقال طه في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إنه "لم نطلع على أي تفاصيل في هذا الشأن".

وأضاف: "المشاريع الأميركية أثبتت فشلها على الساحة الفلسطينية، وبالتالي موقف الحركة واضح وهو أن هذا الأمر شأن فلسطيني داخلي، ونستطيع إدارة شؤوننا الداخلية وترتيب مؤسساتنا الوطنية على قاعدة الشراكة والوحدة بين جميع مكونات شعبنا الفلسطيني، وهذا ما تم التوافق عليه في لقاءات بكين الأخيرة".

ونفى طه ما نقلته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن مسؤول أميركي وصفته بـ"الرفيع"، ومفاده أن "تشكيل قوة فلسطينية مدربة أميركيًا هو الترتيب الأكثر ترجيحاً لتأمين الحدود"، في إشارة إلى محور صلاح الدين/فيلادلفيا بين قطاع غزة ومصر، وأن "الاتحاد الأوروبي مستعد لاستئناف دور مراقبة معبر رفح بالتعاون مع السلطة الفلسطينية".

بدوره، أكد القيادي بحركة حماس محمود المرداوي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "موقف المقاومة الفلسطينية واضح وصريح، أننا لن نسمح لقوات أجنبية أيًا كانت ومهما تكن جنسيتها، بالوجود على أرض قطاع غزة لأي غرض كان، ولأي سبب من الأسباب. وبالتالي، لم يعرض علينا ولن نوافق على أي عرض مشابه لما هو متداول في الإعلام"، مضيفًا: "موقفنا ثابت وهو الانسحاب الكامل من قطاع غزة، والسيطرة التامة للفلسطينيين".

ووفق معلومات توفرت لـ"العربي الجديد"، فإن التوجه الأميركي لتشكيل قوة فلسطينية مدربة أميركيًا من أجل تولي تأمين الحدود بين قطاع غزة ومصر، قوبل بدعم مصري وسبقته مشاركة القاهرة في محادثات موسعة مع مسؤولين أميركيين وآخرين في السلطة الفلسطينية وحركة حماس، بشأن أفكار قريبة من التوجه الأميركي. 

وبحسب المعلومات، فقد عرضت مصر خلال محادثات سابقة، القيام بأدوار متقدمة في هذا الصدد، عبر تقديم الدعم لتلك المجموعات التي ستكلف بتأمين الحدود المشتركة مع قطاع غزة وتدريبها، في حال وافقت حركة حماس، التي تعتبر أن الأمور الداخلية يمكن التباحث والنقاش حولها والوصول لصيغة تحافظ على مصالح الشعب الفلسطيني، في ظل تمسك الحركة برفض أي وجود إسرائيلي في قطاع غزة.

وأبدت القاهرة، خلال محادثات جرت أخيرًا، رفضها القاطع للوجود الإسرائيلي الدائم في محور صلاح الدين/فيلادلفيا وفي الجانب الفلسطيني من معبر رفح، معتبرة أن توجه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لإبقاء احتلال المحور بمثابة إشعال للنيران، والعودة بالعلاقات إلى الخلف، بينما طرحت القاهرة في الوقت ذاته خلال محادثات مع مسؤولين أميركيين وإسرائيليين التزامها بكافة الضمانات التي تجعل تل أبيب مطمئنة لعدم استخدام الحدود مع القطاع في تهريب الأسلحة.