06-نوفمبر-2018

دخلت الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية ضد إيران، حيز التنفيذ ليل الإثنين، فيما تباينت المواقف الدولية تجاه هذه العقوبات.

وزير الخارجية الأمريكي يؤكد أن العقوبات تستهدف 600 شركة وشخص بدون مساسها بالشعب الإيراني

وقال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إن العقوبات التي أعلنتها بلاده على إيران، تستهدف 600 شخص وشركة بالقطاع المالي.

وأضاف بومبيو في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية أن تلك العقوبات ستعزل إيران عن سوق النفط، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن "الشعب الإيراني لن يتضرر من ذلك".

وقال: "هذه العقوبات هي الأشد قسوة ضد الجمهورية الإيرانية، وهدفها تغيير سلوك إيران وحماية إسرائيل ودول أخرى".

إيران تسخّف العقوبات

وبدورها، سارعت إيران إلى التهوين من تأثير الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية بعد تنفيذها وقبله. 

وقد قلل المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، من أهمية العقوبات الأمريكية على بلاده، واعتبر أنها "أتت بمفعول عكسي".

المرشد الإيراني الأعلى يعتبر أن هذه العقوبات تضر بأمريكا لا بإيران

جاء ذلك في كلمة له، السبت قبل نفاذ العقوبات، أمام طلبة في حسينية الإمام الخميني، بطهران، في إطار فعاليات "يوم النضال الوطني ضد الإمبريالية العالمية".

ولفت خامنئي إلى أن هناك مشاكل بين طهران وواشنطن منذ 40 عامًا، وأن "واشنطن سعت خلال هذه المدة إلى استعادة هيمنتها على إيران كما في عهد الشاه، عبر حروب عسكرية واقتصادية واعلامية، لكنها لم تفلح في ذلك".

ورأى خامنئي أن "أمريكا كانت الطرف الخاسر فيما ربحت إيران".

واعتبر أن دليل "هزيمة" الولايات المتحدة، هو أنها "الطرف الذي بدأ بكافة الحملات ضد إيران، دون أن تحقق أهدافها".

ومضى قائلًا إن الولايات المتحدة "كانت ترمي لجعل الاقتصاد الإيراني متخلفا، عبر إصابته بالشلل من خلال العقوبات، إلا أن هذا النهج تكلل بامتلاك إيران اقتصادا متكفيا ذاتيا".

وأوضح أن الإيرانيين "كانوا معتادين على استيراد كل شيئ في الماضي، إلا أنهم اليوم باتوا يسعون لانتاج كل شيء، والنتيجة جاءت في الاتجاه المعاكس تماما لهدف الولايات المتحدة".

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، إن العقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية "كسابقاتها، ولن تؤثر على الشعب الإيراني الذي سينتصر على هذه العقوبات وستكون آثارها سلبية على أميركا".

بقية المسؤولين الإيرانيين انسجمت أقوالهم مع خامنئي واعتبروا العقوبات مضرة بأمريكا

واعتبر قاسمي أن المقاطعة "لن تكون سوى حرب نفسية، وإيران تتمكن من التعامل مع كل دول العالم رغم كل التهديدات والضغوط الأميركية عليها".

أما وزير الخارجية محمد جواد ظريف فقال في تغريدة على موقع تويتر "اليوم تحدت الولايات المتحدة أكبر محكمة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بمعاودة فرض عقوبات على إيران تستهدف المواطنين العاديين. لكن البلطجة الأميركية تأتي بنتائج عكسية.. فالولايات المتحدة باتت معزولة وليس إيران".

وفي وقت سابق الاثنين، أكد الرئيس حسن روحاني أن بلاده "ستلتف بفخر على العقوبات الأميركية غير المشروعة والظالمة لأنها تخالف القوانين الدولية".

وقال روحاني في خطاب متلفز "نحن في وضع حرب اقتصادية ونواجه قوة متغطرسة. لا أعتقد أنه في تاريخ أميركا دخل شخص البيت الابيض وهو يخالف إلى هذا الحد القانون والاتفاقيات الدولية".

واستطرد "يواصلون توجيه تلك الرسائل إلينا ويطلبون الجلوس. التفاوض من أجل ماذا؟". وتابع "عليكم أولا الالتزام بالمفاوضات التي أنجزت، لكي تكون هناك أسس للمفاوضات المقبلة".

وقال روحاني إن أربع دول عرضت عليه التوسط مع الولايات المتحدة -خلال زيارته نيويورك للمشاركة بأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي- لكنه رفض.

وأوضح "لا حاجة للوساطة، ولا لكل هذه الرسائل. التزموا بتعهداتكم وسنجلس ونتحاور". مؤكدا أن "معظم دول العالم اليوم تقف في وجه أميركا وتدعم مواقف إيران وحتى الشركات والحكومات الأوروبية غاضبة من السياسات الأميركية".

إسرائيل تحتفي

وبدوره، وصف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، السبت، قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعادة فرض عقوبات اقتصادية على إيران، بـ"المبادرة التاريخية".

نتنياهو يعبر عن تأكده من فرض العقوبات قبل سريانها

وقال في بيان صدر عن مكتبه قبل بدء العقوبات: "شكرا للرئيس ترامب على هذه المبادرة التاريخية. العقوبات آتية حقا".

وأضاف: "منذ سنوات أوجه نداءات لإعادة فرض العقوبات بالكامل على النظام الإيراني الدموي والقاتل الذي يهدد العالم بأسره".

وتابع رئيس الوزراء الإسرائيلي: "العقوبات الأساسية التي فرضتها واشنطن بدأت تظهر آثارها حيث ينهار الريال ويتراجع الاقتصاد الايراني والنتائج بديهية".

من جهته، شكر وزير الحرب الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، الرئيس الأميركي دونالد ترامب على فرض عقوبات على إيران. وقال في تغريدة بموقع تويتر "قرار ترامب الجريء هو التغيير الذي كان ينتظره الشرق الأوسط". 

وأضاف "في خطوة واحدة، توجّه الولايات المتحدة ضربة حاسمة للتموضع الإيراني في سوريا ولبنان وغزة والعراق واليمن" وتابع مخاطبا ترامب "لقد فعلت ذلك مرة أخرى، شكرا كم".

وسبق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن وجّه الشكر لترامب على قراره. وقال في تصريح مكتوب "أدعو منذ سنوات إلى استئناف العقوبات بأكملها ضد النظام الإرهابي الإيراني القاتل الذي يهدد العالم أجمع".

وأضاف: تأثير العقوبات الأولية بات ملموسا حيث الريال والاقتصاد الإيراني يتراجع، ونرى النتائج على الأرض. شكرا لك أيها الرئيس ترامب على هذه الخطوة التاريخية.. العقوبات وصلت حقا".

دول أوروبا تعبر عن أسفها

وفي إطار ردود الفعل الأوروبية قال الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وبريطانيا في بيان مشترك إنهم يأسفون لقرار واشنطن فرض عقوبات جديدة على إيران وسيسعون لحماية الشركات الأوروبية التي ترتبط بتعاملات تجارية مشروعة مع طهران.

وقالوا في بيان صدر الجمعة وأعيد إصداره مجددا الإثنين "هدفنا حماية اللاعبين الاقتصاديين الأوروبيين الذين لهم تعاملات تجارية مشروعة مع إيران بما يتماشى مع التشريع الأوروبي وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231".

وفي برلين قال متحدث باسم الحكومة إن بلاده مقتنعة بأنها يجب أن تسمح بإقامة علاقات تجارية مشروعة مع إيران، مضيفا أن الحكومة تدرس حاليا كيفية حماية الشركات المتضررة من العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها على طهران.

على الصعيد نفسه، قالت الحكومة السويسرية إنها تجري محادثات مع واشنطن وطهران بشأن تدشين قناة مدفوعات للأغراض الإنسانية بهدف ضمان استمرار تدفق الطعام والأدوية إلى إيران بعد إعادة فرض العقوبات الاقتصادية عليها.

وقالت أمانة الدولة للشؤون الاقتصادية في بيان بالبريد الإلكتروني "سويسرا ملتزمة بحماية المصالح الاقتصادية وتتابع عن كثب تطور الموقف. السلطات في اتصال مباشر مع نظيرتها الأميركية والاتحاد الأوروبي وإيران".

وأضافت "الحكومة الاتحادية ملتزمة، تحديدا في المجال الإنساني، بضمان إمكانية استمرار تقديم الطعام والمنتجات الصيدلية".

وتابعت أن الحكومة على اتصال مع السلطات الأميركية والإيرانية وشركات سويسرية بشأن تدشين قناة إنسانية لتوصيل المساعدات. ولكن المتحدث باسم أمانة الدولة للشؤون الاقتصادية رفض الخوض في تفاصيل عن الخطة.

أمريكا تستثني 8 دول من العقوبات

ومع العلم أن العقوبات الأمريكية ضد إيران تشمل الدول والكيانات المتعاملة معها، منحت الولايات المتحدة إعفاء مؤقتا لثماني دول باستيراد النفط الإيراني دون تعرضها لأي عقوبات، في حين ستواجه الدول الأخرى التي تنتهك العقوبات خطر الاستبعاد من النظام المالي الأميركي.

وأوضح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن هذه الدول الثماني هي الصين والهند وإيطاليا واليونان واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وتركيا، وأن الإعفاءات ستظل لمدة ستة أشهر.

وقال بومبيو إن أكثر من عشرين دولة خفضت بالفعل وارداتها من النفط الإيراني، مما قلص مشترياتها بأكثر من مليون برميل يوميا.

وتعهدت الدول الثماني -التي تعدّ من بين أهم عملاء النفط الإيراني- بتقليل استيراد النفط من طهران.

وستواجه الشركات التي تنتهك العقوبات عن طريق التجارة مع إيران؛ خطر الاستبعاد من النظام المالي الأميركي.

وانخفضت صادرات النفط الإيرانية بنسبة الثلث منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وقت سابق من هذا العام نيته الانسحاب من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات.

وجاء هذا الإعفاء لاستيراد النفط الإيراني عقب إعادة فرض واشنطن للعقوبات التي رفعت عام 2015 بعد توقيع اتفاق متعدد الأطراف بين إيران ومجموعة "5+1" (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا) بهدف منع طهران من الحصول على أسلحة نووية.


اقرأ/ي أيضًا:

أمريكا تعلن بدء تنفيذ العقوبات على إيران وكل دولة تتعامل معها

روحاني يشيد بالموقف التركي من العقوبات الأمريكية ضد إيران