19-ديسمبر-2018

المعتقل علي حنون

قبل نحو ثلاثين عامًا، قرر الاحتلال أن يمنع الناس من "نور" خرج للناس من قلب الشيخ علي حنّون، ساقه إلى زنازينه وأحكم عليه قيده وأسدل عليه ظلامه، ومنذ ذلك الحين وهو يكرر التجربة، اعتقال تلو اعتقال. 

   قبل أيام، اعتقل الاحتلال الضرير علي حنون، من قرية المزرعة الغربية قضاء رام الله، وهو معتقل سابق لأكثر من 4 مرّات، إداريًا..  

إلّا أنّ الشيخ يعرف طريقه تمامًا، فشقّ ظلام السجن بنور قلبه وعكف على صناعة الرجال تربية وتزكية من نوع خاص، وصقل معرفي مستمد من معين قرآن كريم وهدي نبوي متقد بنور السماء، قاد الفكرة والروح إلى حيث إرادة الأحرار وصياغة الأبطال.
 
الاحتلال يرى أن اعتقال هذا الشيخ الضرير حجب لنوره أن يصل الناس، والشيخ يركّز نوره على خير الناس في الزنازين والمعتقلات، فينتج ما لا ينتجه وهو حر طليق خارج هذه المعتقلات. الشيخ يحلّق عاليًا داخل زنازينهم إلى ارتفاعات لا يتمكن منها خارج السجون. 
 
الاحتلال يرى أن سرّ بقائه وحفظ أمنه أن يكبّل الأحرار أمثال الشيخ ولو كان ضريرًا، والشيخ يدرك أن سرّ فناء الاحتلال هو بإصراره على ظلمه، وإمعانه في ساديّته التي تبلغ مداها عندما تعتقل ضريرًا، ولا تراعي طفلًا ولا شيخًا ولا امرأة ولا مسنًا ولا مريضًا.
 
الاحتلال يرى أنّ إجراءاته العقابية الجماعية، وأن تزر الوازرة وزر أخرى، وأن يهدم البيوت ويعتدي على الشجر والحجر وأن يشنّع حياة الفلسطيني بالحواجز والمداهمات وكل أشكال التضييق، من شأنه أن يردع الناس، وأن يحوّلهم إلى قطيع من الغنم يساقون إلى الذبح وقت يشاء. الشيخ يرى أن إجراءات هذا الاحتلال تشعل روح التحدي والإصرار، ترفع من منسوب الشعور بالعزة والكرامة والارتقاء، تشعل جذوة الجهاد والثورة وتنفخ على لهيب صدور الأحرار الملتهبة، الشيخ يستقبل هذا العدوان بابتسامة المنتصر الواثق بأن هذا من شأنه أن يقصّر من أجل الظالمين البغاة. 

الاحتلال يرى أن يُمعن في اعتداءاته وأن يستمر على ذات النهج الذي ثبت فشله، ومصرٌّ على أن لا يعيد النظر فيه أبدًا، الشيخ أيضًا يُمعن في الثبات على حقّ شعبه ومُصرٌّ على أن لا يتنازل عن ذرة تراب من وطنه، ذلك أنّه على الحق، والحق لا مساومة فيه. هُم يُصرّون على عدوانهم، وهو يُصرُّ على حقّه مهما بلغت التضحيات، والتاريخ وسنن الحياة تقول أن العاقبة دائما للحق وأهله. 

الاحتلال يُبصر تمامًا الاختلال في موزاين القوى المادية، وقد قاده هذا إلى الغطرسة وعمي بغروره فأصبح لا يرى إلا نفسه على هذه الأرض، الشيخ يرى أن الله معه أولًا ثم إن هناك شعبًا متشبثًا بأرضه ووطنه ويُصرُّ على الدفاع عن حقوقه، ويرى كذلك مقاومة قادرة على أن تكون شوكة في حلقه.

الشيخ يرى المستقبل القادم سيفًا صارمًا على الطواغيت، يرى بنور قلبه وبصيرة عقله ما لا يرون بصلف غطرستهم وظلام أحقادهم. هذه تعمي أبصارهم ولا تجعلهم يرون ما يرى الشيخ!


اقرأ/ي أيضًا: 

ماذا لو كنت كفيفًا في فلسطين؟

نظّارتي الطبيّة.. صديقتي التي أكره!

مدرسة أمريكية تفصل معلمة لدعمها مقاطعة إسرائيل