قدمت منظمات غير حكومية طلبًا إلى المحكمة العليا في لندن لمنع الحكومة البريطانية من منح تراخيص تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، مستندة إلى شهادات حول تعرض الفلسطينيين للتعذيب وتركهم دون علاج في المستشفيات، وعدم قدرتهم على الفرار من القصف المستمر. الشهادات التي قُدمت، وتزيد عن 100 صفحة، جاءت من أطباء فلسطينيين وغربيين يعملون في مستشفيات غزة، بالإضافة إلى سائقي سيارات الإسعاف وعمال الدفاع المدني والعاملين في المنظمات الإغاثية.
وتهدف الأدلة إلى دعم طلب للحصول على أمر من المحكمة يُلزم الحكومة البريطانية بالتوقف عن منح تراخيص تصدير الأسلحة، بحجة أن هناك خطرًا واضحًا من استخدام هذه الأسلحة في ارتكاب انتهاكات للقانون الإنساني الدولي. وتراجع الحكومة البريطانية الحالية هذه السياسة.
دافعت الحكومة البريطانية السابقة عن قرارها بمواصلة منح التراخيص، مدعيةً أن هناك نقصًا في الأدلة التي تثبت أن الأسلحة البريطانية تُستخدم في ارتكاب جرائم حرب
تم تقديم الشهادات من قبل شهود معروفين للمحكمة، إلا أن صحيفة "الغارديان" البريطانية قد كشفت فقط عن هوية شاهدين لحماية عائلاتهم في غزة من أي انتقام محتمل. ومن المتوقع أن تُعقد جلسة المراجعة القضائية بين 8 و10 تشرين الأول\أكتوبر القادم.
وقُدمت القضية على يد تحالف من المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك "الحق"، و"شبكة العمل القانوني العالمية" (GLAN)، و"أمنستي إنترناشونال"، و"أوكسفام"، و"هيومن رايتس ووتش". وتعدّ هذه المرة الأولى التي يتم فيها تقديم مثل هذه الشهادات المفصلة أمام قاضٍ بريطاني منذ السابع من أكتوبر.
وقد دافعت الحكومة البريطانية السابقة عن قرارها بمواصلة منح التراخيص، مدعيةً أن هناك نقصًا في الأدلة التي تثبت أن الأسلحة البريطانية تُستخدم في ارتكاب جرائم حرب.
وقال أحد الشهود الذين تم الكشف عن هويتهم، الدكتور بن طومسون، وهو أخصائي كلى كندي، لصحيفة الغارديان، إنه عالج مريضًا أُجبر على الوقوف لمدة 48 ساعة، ما استدعى إجراء عملية زراعة جلد له. وأضاف أنه عالج رجلًا يبلغ من العمر 60 عامًا تعرّض للتعذيب على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية.
وأضاف أن النظام الصحي بأكمله تم استهدافه وتدميره بشكل كامل، مما جعله غير قادر على تقديم الرعاية الصحية. وأوضح الطبيب أنه عالج شخصيًا ثلاثة أطفال كان بإمكانه إنقاذهم لو توفرت له الأدوية المناسبة. كما أفاد بأنه خلال زيارته لمخيم رفح في شهر آذار\مارس الماضي، كان يتم تقنين المياه إلى ثلاثة لترات يوميَا، مع وجود مرحاض واحد لكل 800 شخص. وذكر أنه اضطر إلى إعادة تجبير العظام بدون استخدام مسكنات الألم، وفي إحدى المرات توفي مريض تحت رعايته "على الأرض في بركة من دمه ومادة دماغه" بسبب الاكتظاظ في المستشفى.
كما أشار الدكتور خالد دواس، وهو جرّاح استشاري في مستشفى جامعة لندن، إلى أن الظروف في المستشفيات خلال زياراته لغزة كانت تشبه العصور الوسطى. وأوضح أن العديد من المرضى كانوا ضحايا لنيران القناصة، مشيرًا إلى أنه لم يشاهد أي مقاومين في المستشفيات خلال فترة عمله.
وخلال زيارته الثانية، عالج رجلًا من ذوي الإعاقة تعرض للتعذيب أثناء احتجازه، حيث تم تقييده بالأصفاد وعصب عينيه وربطه بكرسيه المتحرك لمدة 30 يومًا. وأشار الطبيب إلى أن معنويات الطاقم الطبي تدهورت بشكل كبير بحلول شهر نيسان\أبريل الماضي، حيث ساد الشعور باليأس من انتهاء هذه الأوضاع.
وفي حادثة أخرى، وصف استشاري بريطاني، لم يتم ذكره، كيف تعرض هو ومجموعة من الأطباء لقصف في ما يسمى بـ "منزل آمن" يوم 18 كانون الثاني\يناير الماضي، مما دفع المنظمات غير الحكومية للتوقف عن إرسال العاملين الإنسانيين إلى المنطقة. ورغم وعود الدبلوماسيين البريطانيين في القاهرة بمتابعة الحادثة على أعلى المستويات في المملكة المتحدة، إلا أن الطبيب أكد عدم تلقي الفريق الطبي أي تواصل من الحكومة في لندن.
وأوضحت المحامية شارلوت أندروز-بريسكو، التي قدمت الأدلة نيابة عن شبكة العمل القانوني العالمية (GLAN)، أن التحدي الأكبر في جمع شهادات الشهود كان العدد الهائل من حالات سوء المعاملة والانتهاكات التي تم توثيقها.