اتهم معلمون وزارة التربية والتعليم باتخاذ إجراءات عقابية "تعسفية" بحقهم وصلت إلى حد إنهاء الخدمة بشكل كامل، على خلفية الاحتجاجات النقابية في العام الماضي، والمطالبة حينها بصرف راتب كامل للمعلمين وصرف بعض العلاوات التي تم الاتفاق عليها سابقًا.
المعلم يوسف اجحا: الحكومة ممثلة بوزارة التربية والتعليم اتخذت إجراءات تعسفية بحق عدد كبير من المعلمين ونقلت عددًا كبيرًا وأحالت ما يزيد عن 400 معلم للجان تحقيق في رام الله
المعلمة جهاد أبو شرار من مديرية دورا في الخليل، قالت إنها تسلمت قرارًا يحمل توقيع وكيل الوزارة نافع عساف، جاء فيه إحالتها إلى المعاش تحت مبرر"مخالفتك الأنظمة والقوانين والتعليمات المعمول بها في وزارة التربية والتعليم والمتمثلة في إصرارك على الامتناع عن إعطاء الحصص، وعدم التزامك ببرنامج الدروس الأسبوعي المعد من قبل مديرية المدرسة والمصادق عليه من مديرية التربية والتعليم، الأمر الذي أثر سلباً على العملية التعليمية داخل المدرسة".
وعلقت المعلمة جهاد أبو شرار لـ الترا فلسطين، أن قرار إحالتها إلى المعاش تم اتخاذه في منتصف شهر كانون أول/ديسمبر 2023، ولم تعلم عنه إلا يوم 10 من شهر شباط/فبراير الجاري، وقد اعترضت على القرار ورفعت كتاب تظلم، وتوجهت لمؤسسة حقوقية، لكن حتى الآن لم تشرع بالإجراءات القانونية.
المعلمة جهاد أبو شرار، كانت تعمل في مدرسة شهداء دور الأساسية، وفي شهر آب/أغسطس 2023 تلقت أمرًا بنقلها إلى مدرسة ثانية خارج البلدة التي كانت تعمل فيها، ولكنها اعترضت على قرار النقل، ثم لاحقًا بعد فترة من وقفها عن العمل، قررت لجنةٌ في الوزارة إعادتها إلى العمل ولكن في مدرسة ثانية في دورا أيضًا، وهذا دفعها إلى الاعتراض مرة أخرى شفهيًا وخطيًا، مؤكدة أنها لا تريد العمل إلا في مدرستها.
وأفادت أبو شرار، أنها توجهت إلى المدرسة التي تم تعيينها بها ولكن دون أن تعطي أي حصة مدرسية، وكتبت كتاب تظلم واعترضت شفهيًا على القرار، وطالبت بالعودة إلى مدرسة شهداء دورا، ليتم تشكيل لجنة أخرى على خلفية امتناعها عن الحصص الدراسية في المدرسة الجديدة. تعلق جهاد أبو شرار بأنها وإن امتنعت عن الحصص الدراسية "ولكن لم يكن لها صف تدرسه، ولا برنامجًا تعليميًا، حتى تم وضع برنامج لها في نهاية شهر تشرين أول/أكتوبر".
وأضافت، أن اللجنة الثانية هي التي قررت إحالتها للمعاش، "وهي عقوبة تقاعد قسري" بحسب قولها.
الناشط في حراك المعلمين يوسف اجحا من مديرية بيت لحم، كان من بين الأصوات المنادية بمطالب المعلمين النقابية خلال الإضرابات التي شهدتها المؤسسات التعليمية في العامين الماضيين، وتلقى اعتبارًا يوم 12 شباط/فبراير الحالي قرارًا بفصله من الخدمة "لمخالفته الأنظمة والقوانين والتعليمات المعمول بها في وزارة التربية والتعليم".
وبررت الوزارة قرارها، في الكتاب الذي حصل الترا فلسطين على نسخة منه، أن المعلم يوسف اجحا "قام بالتحريض على وزارة التربية والتعليم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر المحطات التلفزيونية والإذاعية، وسعى إلى تشويه العملية التعليمية والتشويش عليها، وتحريض المعلمين على عدم تنفيذ قرارات نقلهم".
وتعليقًا على القرار، قال يوسف اجحا إن "أكثر ما يؤلم أن الكتاب يأتي في ظل هذه الأوقات العصيبة، ويحمل سبب الفصل وهو خروجه للإعلام وحديثه حول حقوق المعلمين، في الوقت الذي كانت الوزارة حينها تطالب بظهور ممثلين عن المعلمين للحوار معهم، وبالتالي هذا انتهاك واضح لحرية التعبير عن الرأي والعمل النقابي وحقوقه الوظيفية والمعيشية ويمس لقمة عيشه وقوت أولاده" حسب قوله.
وأضاف يوسف اجحا، أنه منذ بداية العام الدراسي التزم المعلمون بالدوام بعد تعهد الهيئة المستقلة وبيان اتحاد المعلمين وجبريل الرجوب بإعطاء ضمان بعدم اتخاذ أي عقوبات بحق المعلمين، وبناء عليه لم أي يحدث أي إضراب والتزم المعلمون بالدوام.
وتابع: "الحكومة ممثلة بوزارة التربية والتعليم اتخذت إجراءات تعسفية بحق عدد كبير من المعلمين ونقلت عددًا كبيرًا وأحالت ما يزيد عن 400 معلم للجان تحقيق في رام الله، وفرضت عليهم التوقيع على تعهدات بالالتزام والعودة للدوام للحفاظ على أمانه الوظيفي، وبالرغم من التوقيع نسبت لهم بعد ذلك عقوبة الإنذار بالفصل واستكملت الإجراءات التعسفية بحق المعلمين".
ولم يستجب وكيل وزارة التربية والتعليم نافع عساف لاتصالات الترا فلسطين ورسائلها النصية التي أرسلناها إلى هاتفه، إلا أن مصادر خاصة أوضحت لـ الترا فلسطين أن الوزارة اتخذت القرارات ليس على خلفية الإضراب في العام الماضي، وإنما بسبب عدم تنفيذ المعلمين لقرارات النقل بداية الفصل الدراسي الجديد.
لكن المعلم يوسف اجحا يرد على ذلك بأنه منذ أول إجراء صدر بحقه بالوقف عن العمل في بداية الفصل الدراسي قام بكتابة كتاب تظلم، ولم يعترض على النقل وتوجه للمدرسة الجديدة التي نقل إليها وهذا مثبت وبشهادة المدراء والمدرسين، لكن التربية كانت، بحسب يوسف اجحا، "تريد منه أن يضرب بعد هذا النقل ولكن لم يضرب، وظلت الإجراءات مستمرة حتى تم اتخاذ قرار بإنهاء خدمته".
الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، إحدى جهات الوساطة في حل إضراب المعلمين، التي كانت قد تعهدت بعدم إصدار أي عقوبات من المعلمين على خلفية إضراب العام الماضي. وعلق مدير الهيئة عمار دويك على قرارات وزارة التربية قائلاً: "نحن نأسف لهذه القرارات التي اتخذتها التربية بحق هؤلاء المعلمين".
عمار دويك: نتطلع لأن تتراجع الوزارة عن هذه القرارات، وسوف نتابع القضية معهم حتى النهاية، بحيث أنه إذا رفضت الوزارة سوف نتقدم باستئناف للمحكمة الإدارية العليا
وأضاف عمار دويك لـ الترا فلسطين، أن الهيئة المستقلة سوف تتابع هذه الإجراءات مع الوزارة، وسوف يكون هناك لجنة للاستئناف والنظر في التظلمات التي تقدم بها المعلمون.
وتابع: "نتطلع لأن تتراجع الوزارة عن هذه القرارات، وسوف نتابع القضية معهم حتى النهاية، بحيث أنه إذا رفضت الوزارة سوف نتقدم باستئناف للمحكمة الإدارية العليا".