03-فبراير-2017

قد لا يعجبك العنوان، يبدو حسّاسًّا ومفتعلًا، والمقارنة تبدو في غير محلها. فقرارات ترامب العنصرية شيء، والتعاليم الدينية في كل الديانات شيءٌ آخر لا يجوز المساس به أو مقارنته بقرارات مجنونة يوقّعها رجل مغرور يظن نفسه إلهًا، ويعدُ شعبه بأنّه سيُعيد بلادهم عظيمة مرة أخرى بمجرد أن يجعلها لهم فقط. 

 

 فلنترك الاختلاف قليلًا، ولنقرأ عن قوانين وبلدان تُمنع فيها فئات معينة من دخول أماكن محددة بسبب دينها أو جنسها أو الطبقة التي تنتمي لها...

 

الإيرانيات ممنوعات من حضور مباريات كرة القدم

الإيرانيات مولعات بكرة القدم، هكذا تقول صورهن على محرك البحث غوغل، ربما من باب أنّ كل ممنوع مرغوب، ومرغوب بشدة هذه المرة لدرجة تدفعهن إلى التنكر بزيّ رجال لحضور مباريات كرة القدم. المنع الذي يأتي ضمن جملة واسعة من المحظورات التي فُرضت على النساء منذ انتصار الثورة الإسلامية في البلاد عام 1979 دفع الرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف بلاتر، إلى توجيه رسالة عام 2015 عبر مجلة "فيفا" طالب فيها السماح بحضور النساء على المدرجات الإيرانية. واصفًا حظر حضورهن للمباريات بأنّه "وضع لا يحتمل".

يبدو سبب المنع واضحًا في دولة دينية كإيران، حيث أنه ووفقًا لما يعتقده رجال السياسة والقانون، فإن وجود النساء على مدرجات ملاعب كرة القدم قد يكون مصدرًا للافتتان بين الجنسين.

 

غير المسلمين ممنوعون من دخول مكة

هل ذهبت إلى السعودية يومًا؟ هناك لافتات إرشادية على مداخل مدينة مكة المكرمة توضح أن مكة للمسلمين فقط. اللافتة التي طالما كانت محط تساؤلات، تتزايد التعليقات عليها بعد كل حدث منع أو إقصاء يُمارس باسم الدين أو العرق في العالم، وهذا ما حصل بعد إعلان ترامب عن منع كافة اللاجئين، ومواطنين من سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة، حتى ولو كانوا من حملة الإقامة الأمريكية (الجرين كارد). وما جعل المقارنة بين حدود مكة وحدود أمريكا في محلها هو الاستثناء الديني الذي قام به ترامب حيث أوضح أنّه سيتم استقبال اللاجئين السوريين المسيحيين فقط!

في مقطع فيديو للداعية الإسلامي الشهير أحمد ديدات يُوجه له السؤال التالي: لقد دعوناك إلى بلدنا المسيحي لنناقش معك إذا كان الكتاب المقدس (الإنجيل) كلام الله، فهل تملك الشجاعة أن تدعونا لنناقش ذات الموضوع في مكة، وإذا كانت الإجابة لا، فلماذا؟ ديدات يجيب إجابة صحيحة من حيث المعلومات فيقول أنّ لكل بلد تأشيرة دخول، وتأشيرة دخول مكة هي الشهادتين، ولكن الداعية في الواقع تجاهل المعنى الحقيقي للسؤال، وهو: هل التمييز الديني جزء من الشريعة الإسلامية؟ وهل ما تفعله السلطات السعودية صحيح -على الأقل من وجهة نظر الداعية؟- وعلى هذه الأسئلة كان السائل ينتظر الإجابة.

 

يُحرم على النساء دخول دير مار سابا في بيت لحم

لا تستغربي إذا كان في فلسطين أماكن لا يمكنك زيارتها لأنكِ امرأة، هذه الأماكن تمارس سياسية المنع هذه دون وجود جنود احتلال، لا حواجز عسكرية ولا أسلحة، كل ما في الأمر أنه يُمنع دخول النساء إليها.

ففي تقرير منشور على موقع ألترا فلسطين، بعنوان: "مار سابا.. قصة دير مُحرَّم على النساء"، فإن الدير الواقع في صحراء وادي القدرون قرب بيت لحم يواصل تطبيق تقليد قديم يمنع النساء من دخوله، لكن يمكنهن الوصول إلى مدخله والوقوف ببابه أو النظر إليه من الخارج، والحصول على شربة من نبع مائه أو بعض طعامه للبركة، لكن دخولهن إليه ممنوع. والسبب وجود قناعة بأنّ زلزالًا سيضرب الدير إذا ما دخلته امرأة.

 

النساء متفرجات فقط في نادي ميورفيلد للغولف وممنوع أن يلعبن بتاتًا!

في واقع الأمر ستندهش أنّ هذا يحصل في بريطانيا، فالدولة المتقدمة تفصل بين الرجال والنساء ولكن لماذا؟ لماذا يُحظر على النساء الانتماء إلى نادي غولف؟ ليس نادي ميورفيلد وحده من يتبع سياسة المنع هذه، بل هناك عشرات وربما مئات النوادي العريقة التي ما زالت تعتمد سياسة "للرجال فقط".

وذكرت صحيفة الحياة اللندنية في مقال بعنوان: سياسة "فقط للرجال" تحكم بريطانيا بلد "المساواة" بين الجنسين، أنّ رئيس الهيئة التي تمثّل لعبة الغولف بيتر داوسون، قد رفض في مقابلة صحافية أن يغيّر رأيه في شأن "نوادٍ الرجال فقط" ورفضها قبول نساء في عضويتها، قائلًا إنه يؤمن إيمانًا تامًّا بالمساواة بين النساء والرجاء، ولكن في الوقت ذاته فالرجال يحتاجون إلى أن يتخالطوا اجتماعيًا مع الرجال، والنساء يحتجن إلى أن يتخالطن اجتماعيًا مع بعضهن".

 

النظام الطبقي في الهند، وهل هناك أقسى؟

المهاتما غاندي لم يحارب الاحتلال البريطاني فقط، بل حارب النظام الطبقي في الهند، ودعا لمزيد من العدل والمساواة بين المواطنين الهنود. حيث عانت الهند وما تزال تعاني من النظام الطبقي القاسي الذي يفصل بين الناس في دور العبادة والمدارس والوظائف العامة.

وفي تقرير أعدّته وكالة الأناضول بعنوان "خبراء: النظام الطبقي بالهند قنبلة موقوتة" فإن تطبيق النظام الطبقي في الهند يعود تاريخه إلى آلاف السنين، حيث يصنف المجتمع وفق أربع مراتب أساسية، يتصدرها رجال الدين، يليهم الإداريون والحكام، ثم التجار، فالخدم. كما أن كل شريحة يوجد فيها سلّم تراتبي، تصنيفه قائم على أساس المهن، فضلًا عن فئة لا تتبع أي طبقة، ويكنّون "بالمنبوذين"، وهي أدنى طبقة في الهند.

ووفقًا للمعتقد الهندوسي؛ لا يُسمح بترقي أفراد الطبقات الأدنى إلى الطبقات الأعلى في المجتمع. وبينما يُحرم الاختلاط بين الطبقات بغرض الزاوج أو العمل أو العلاقات الاجتماعية فإن الأمر قد يصل إلى وجود مهن متدنية خاصة بطبقة المنبوذين مثل إفراغ المراحيض غير المزودة بخزان تدفق المياه.

ورغم أن الدستور الهندي ألغى رسميًا طبقة المنبوذين منذ 26 كانون ثاني/ يناير 1950، لكن الأمم المتحدة اعتبرت في 2007 أن التمييز الطبقي لا يزال قائمًا.

 

تُمنع النساء وإناث الحيوانات من دخول جبل آثوس

في كل يوم يُسمح لـ 100 من الأرثوذكس و10 من غير الأرثوذكس الذكور بالإقامة لمدة ثلاث ليالٍ في أحد أديرة شبه الجزيرة البالغ عددها 20 ديرًا، وفقاً لتقرير نشرته بي بي سي العربية في آيار/مايو 2016 بعنوان " لماذا تُمنع النساء من دخول جبل آثوس؟".

ووفقًا للتقرير أيضًا، فإن الجبل الواقع في اليونان والذي تبلغ مساحته نحو 335 كيلومترًا مربعًا، يعد أكبر منطقة في العالم يحظر دخولها على النساء وإناث الحيوانات، فطوال أكثر 1000 عام ظل جبل آثوس مُحرّمًا على النساء، وغير مسموح لهن بالاقتراب لمسافة 500 متر من الشاطئ. وعن أسباب هذا المنع تحدث دكتور غراهام سبيك، مؤلف كتاب جبل آثوس: تجديد الجنة "إن هذه كانت الطريقة الأسهل للتأكد من التبتل". أي الزهد وعدم الزواج بهدف التفرغ للعبادة.

يبدو أن سياسة "الأبارتايد" العنصرية التي حكم من خلالها البيض جنوب إفريقيا ما زالت قائمة، والفصل بين الناس ورفضهم ما زال قائمًا وعلى الأسس ذاتها: الدين/ الجنس/ العرق. 

ويبدو أيضًا أنّ أسباب الرغبة بالفصل وحججه متشابهة على مدار التاريخ، فعادةً ما يتم الترويج إلى أن الاختلاط بالفئة الممنوعة سيسبب الأزمات والمشاكل للبلاد. أو أنّ هناك أوامر دينية تجعل من فئة أرقى من الفئات الأخرى، وبناء عليه يُحرّم عليهما الاختلاط. وهكذا يتم تبرير الفصل بين الناس أو تبرير حجبهم عن زيارة أماكن معينة.

اقرأ/ي أيضًا: إيليت "غوبلز" شاكيد.. البروباغندا مستمرة!

في فيلم (Under the Tuscan Sun) يُغرم شابٌ بولندي بحسناء ايطالية، يرفض أهل الفتاة العلاقة لمجرد أن الشاب ليس ايطاليًا، فيقرر الشاب أن يشارك في مهرجان شعبي إيطالي ليثبت لأهل حبيبته أنّه يستحق قلبها وأنّه وإن كان بولنديًا فإنّه لا فرق بينه وبين الايطاليين. يشارك العاشق في رقصة الأعلام الإيطالية الشهيرة في وسط ساحة المدينة، وهي رقصة أساسها الحركات السريعة والقدرة على القفز والتوازن بينما يحمل الراقص العلم. في نهاية الفيلم يرحب الأب والأم بالشاب البولندي كواحد من أفراد عائلتهم الايطالية. فهل كان الرقص كفيلًا بإقناع الأبوين بالتوقف عن بناء الجدار بين ما هو ايطالي وما هو غير ايطالي؟ وماذا عنّا نحن، هل نستطيع أن نداري اختلافاتنا ونهدم الجدران فيما بيننا بالرقص مثلًا؟ أم أن الأفلام تظل أفلام؟

 

اقرأ/ي أيضًا: