03-نوفمبر-2024
بنيامين نتنياهو

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو - أرشيف

تجري السلطات الإسرائيليّة تحقيقًا شاملة في "قضية أمنية خطيرة" تتعلّق بشبه تسريب أحد موظفي مكتب بنيامين نتنياهو معلومات سريّة تتضمن تفاصيل حول مفاوضات لتبادل الأسرى مع حركة حماس، بهدف إفشالها، بحسب ما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية الأحد.

ويُشتبه في تورّط أحد موظفي مكتب بنيامين نتنياهو، إضافة إلى أشخاص آخرين، في تسريب هذه المعلومات. ووفقًا لمصادر إعلامية إسرائيلية، تضمنت التسريبات التي أُرسلت إلى صحيفتي "بيلد" الألمانية و"جويش كرونيكل" البريطانية وثائق سريّة يُعتقد أنها استُخدمت في محاولة لإحباط جهود التوصّل إلى اتفاق لتبادل الأسرى.

وقالت دانا فايس، محللة الشؤون السياسية في القناة الـ12 الإسرائيلية، إن التسريبات هدفت لعرقلة الجهود الرامية لتحقيق أحد الأهداف الرئيسة للحرب، وهو استعادة المحتجزين الإسرائيليين، عبر نشر معلومات لتضليل الجمهور ونزع الشرعية عن جهود ذوي المخطوفين الذين يطالبون بتحرير أبنائهم من قطاع غزة. ولفتت إلى أن هذه التسريبات عرقلت الإفراج عن عدد من المخطوفين.

دانا فايس: التسريبات هدفت لعرقلة الجهود الرامية لتحقيق أحد الأهداف الرئيسة للحرب، وهو استعادة المحتجزين الإسرائيليين، عبر نشر معلومات لتضليل الجمهور

والمشتبه به الرئيس في القضية، بحسب التلفزيون الإسرائيلي الرسمي قناة "كان"، لم يتلقَ أي راتب من مكتب رئيس الحكومة أو حزب الليكود منذ عدة أشهر، ما يزيد من غموض القضية.

ويُذكر أنّ حظر النشر حول التفاصيل الكاملة للقضية وهويات المتورطين ما يزال ساريًا، في حين يسعى نتنياهو للانضمام إلى الدعوى لرفع حظر النشر عن المعلومات المتعلقة بهذه القضية التي وصفها بأنها "خطيرة".

وقالت صحيفة "معاريف" إن معلومات وُصفت بالسرية سُرقت من جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان" وانتهت إلى أحد المقرّبين من نتنياهو، ثم وصلت إلى وسائل الإعلام الأجنبية، وأنّ المتحدث باسم نتنياهو سرّب وثائق مصنفة "سرية للغاية" بعد تزويرها، ما أدى إلى انعدام الثقة بين المستويات الأمنية والعسكرية والمستوى السياسي الحكومي. ثم نشرت وسائل إعلام أجنبية، بما في ذلك "جويش كرونيكل"، تقارير زعمت نقلًا عن "مسؤول استخباراتي إسرائيلي" أن هناك 20 رهينة إسرائيلية في غزة على قيد الحياة، وقد لا يُحَرَّرُون لأنهم موجودون بالقرب من زعيم حركة حماس، يحيى السنوار، غير أن صحيفة "يديعوت أحرونوت" أكدت أن الاستخبارات الإسرائيلية لم تتبنَّ هذا التقدير، ووصفت المعلومات المنشورة بأنها "تقارير كاذبة".


اقرأ/ي أيضًا: صحيفتا "بيلد" و"جويش كرونيكل" تلاعبتا بوثائق تعود إلى "حماس" لصالح نتنياهو


وأشارت قناة "كان" إلى أنه رغم التشكيك في مصداقية الوثائق، استخدم نتنياهو هذه المعلومات في خطاب ألقاه في الثاني من أيلول/ سبتمبر الماضي، المعروف باسم "خطاب فيلادلفيا"، زاعمًا أن الوثيقة "كتبها أحد قادة حماس"، وأنها تحتوي تفاصيل حول إستراتيجية حرب نفسية تستهدف "إسرائيل". ومع ذلك، أكدت "يديعوت أحرونوت" أن الاستخبارات الإسرائيلية لم تتمكن من تحديد هوية كاتب الوثيقة، وأن الخط المكتوب لا يتوافق مع خط يد أيٍّ من قادة حماس المعروفين.

"يديعوت أحرونوت": الاستخبارات الإسرائيلية لم تتبنَّ التقدير الذي عُمم ويشير إلى أن السنوار يحيط نفسه بالأسرى الإسرائيليين، ووصفت المعلومات المنشورة بأنها "كاذبة"

ورأت صحيفة "هآرتس"، في تحليل لكبير محلليها يوسي فيرتر، أنه عندما يُرْفَع الحظر ستظهر الحقائق بوضوح. وسيتبين أن مكتب نتنياهو فاسد، ويخدم مصالح بنيامين نتنياهو الشخصية، ما يدل على أن هناك منظمة إجرامية قد أسسها نتنياهو لتجاوز "إسرائيل" ومصالحها الأمنية القومية من أجل تحقيق أهدافه.

بحسب رونين بيرغمان، محلل الشؤون الاستخباراتية في "يديعوت أحرونوت"، بدأت الشبهات تتزايد بعد خطاب نتنياهو الذي استند فيه إلى تقرير "جويش كرونيكل"، والذي بدا أنه يدعم موقفه، ويوفّر له غطاءً سياسيًا.

وازدادت الشكوك أكثر بعد نشر "بيلد" تقريرًا مشابهًا، ما دفع بعض المراقبين للاعتقاد بوجود "حملة من الأكاذيب" تهدف لتعزيز موقف نتنياهو.

وبيّن بيرغمان أن توقيت نشر التقارير جاء مع اقتراب المفاوضات بين "إسرائيل" وحماس من التوصّل إلى اتفاق لتبادل الأسرى، مما زاد من تعقيد الموقف.

المحلل في هآرتس، يوسي فيرتر: هناك منظمة إجرامية أسسها نتنياهو لتجاوز "إسرائيل" ومصالحها الأمنية القومية من أجل تحقيق أهدافه

وأوضح أن مطالبة نتنياهو بإبقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا تزامنت مع اقتراب الطرفين من إبرام اتفاق التبادل. وقد أثارت خطوات نتنياهو توترًا في المجتمع الإسرائيلي؛ بسبب ما اعتبره البعض "حملة مستمرة من الأكاذيب" التي حجبت فهم الشعب للحقائق. وأضاف أن مصادر مطلعة أشارت إلى أن إدارة نتنياهو وضعت عراقيل في "رسالة التوضيحات" المقدّمة للجمهور، وعقّدت بذلك سير المفاوضات.

ونقل بيرغمان عن أحد المسؤولين المطلعين على التحقيقات، قوله: إن "بعض المقرّبين من نتنياهو نسجوا ما وصف بـ’خرافة فيلادلفيا’، التي سعوا خلالها لإيجاد وثائق لتزويرها ونشرها بشكل موسّع لتأكيد هذه الخرافة".

وفي السياق ذاته، أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية، بأن الإعلام الإسرائيلي، بما في ذلك القناة ذاتها، تقدّمت بطلب لنشر الوثائق التي نُشرت في "بيلد"، إلا أن الرقابة العسكرية رفضت الطلب، معتبرةً أن نشرها ينطوي على "خطر أمني". وأكدت مصادر قضائية أن القضية تشمل "سرقة وثائق سرية من نظم الجيش الإسرائيلي وتوزيعها دون إذن رسمي".

رونين بيرغمان، محلل الشؤون الاستخبارية في يديعوت أحرنوت: مقرّبون من نتنياهو نسجوا "خرافة فيلادلفيا" التي سعوا خلالها لإيجاد وثائق لتزويرها ونشرها بشكل موسّع لتأكيد هذه الخرافة

ومع تصاعد التحقيقات، أصدر مكتب نتنياهو بيانًا ينفي فيه تورّط المتحدث المعتقل في أي مداولات أمنية، مؤكدًا أنه لم يشارك في جولات سرية منذ بداية الحرب. وأعرب المكتب عن استغرابه من التحقيق، واصفًا إياه بأنه "هجومي ومضلل".

ورغم نفي مكتب نتنياهو أي علاقة للموظف المعتقل بالمكتب، إلا أن المستشار المذكور ما يزال قيد الاعتقال، ويعتبر المشتبه الرئيس به في القضية.

ونقلت القناة الـ12 الإسرائيلية، عن شخص مقرّب من المستشار المعتقل، قوله إنه "كرّس حياته لخدمة رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو)، الذي بدوره تنكر له"، بينما ذكرت صحيفة "هآرتس" أن رفع حظر النشر قد يكشف الحقائق كاملة، ما يعكس فسادًا في مكتب نتنياهو يخدم مصالحه الشخصية على حساب الأمن القومي.

وذكرت قناة "كان" أن مكتب نتنياهو تقدّم بطلب للانضمام إلى الدعوى المطالبة برفع حظر النشر المفروض على "القضية الأمنية الخطيرة". وأكدت القناة أن المتحدث باسم نتنياهو لم يتلقَّ راتبه منذ عدة أشهر، ما أدى إلى توتر بين المستويين السياسي والأمني في "إسرائيل".