24-يناير-2024
المحامي الأسير محمد عليان، والد الشهيد بهاء عليان

المحامي الأسير محمد عليان، والد الشهيد بهاء عليان

غادرتُ حيفا الساعة الخامسة والنصف صباحًا، برفقة صديقي ظافر، ووصلتُ سجن ريمون الصحراوي الساعة التاسعة، وبعد إجراءات بيروقراطيّة طويلة، التقيت بالأسير المقدسيّ محمد خليل عليان.

أطلَّ من آخر الممر الطويل مُلتحيًا ومبتسمًا، وبادر بوابل من القبلات عبر الزجاج المقيت؛ كان مقيّد اليدين بالكلبشات البغيضة، وإثر احتجاجي تمّ فكّها.

حدّثني عن أوضاع المعتقل؛ "دييتا" إجباريّة قاتلة، أقلّ أسير نزل 10-15 كيلوغرام، وجبات قليلة لا تُشبِع إطلاقًا "تُبقينا على قيد الحياة"، ألم الجوع، مريض السكري يتناول 3 وجبات شحيحة بدل 6 وجبات، وقّف الأنسولين السريع، الوضع سيّئ جدًا، فش فورة، فش دخان، فش أكل، فش لِبِس، فش كتب، فش وسائل تواصل، فش علاج، لا نظام دواء ولا نظام أكل، الأمور في مسار كارثي، والخوف من موت جماعي للأسرى، الضرر الجسدي يُعالَج برّا لكن النفسي لا، وبات السجن وكرًا للأمراض النفسيّة، وحدّثني بحرقة عن وضع الحركة الأسيرة السيّئ جدًا.

استفسرت عن وضعه الصحي (مواليد 1955وكان يتعاطى 11 نوع دواء) فابتسم وقال: "سأطلع من جوف الحوت اليوم أو بكرا، مثل ما أنا. رغم السكري لن يؤثر على نفسيّتي ومعنوياتي، بشتغل على نفسيتي أكثر من صحتي، هدفي لمّا أطلع أكون محمد عليان، مش أقلّ".

قرأت على مسامعه خاطرة (صديقي ميم خاء عين) فضحك وقال: "هاي أكيد لعزيزنا أبو إياس"، وخاطرة (عمّي امحمَّد) فعقّب قائلًا: "هاي أكيد إبراهيم ونسب"، و(حمام زاجل في بلادنا).

حدّثني عن سماعه خبر استشهاد أحمد (ابن أخيه)، وحمد الله أنّه لم يُسمح له بالحبس المنزلي "ربّ ضارّة نافعة، كيف بدّيش أستقبل المعزّين وأكون مع أخوي؟". قال فجأة: "خايف آلف الغرفة لدرجة ما أقدر أعيش برّا، بحاول أحب تفاصيل صغيرة بالغرفة".

ألفة عن ألفة بتفرِق.

تبادلنا توصيل السلامات، فطلب إيصال سلاماته لسهام والأحفاد والجميع، وسلام خاص لزوجتي سميرة.

ما يزال "التريننغ" ممنوعًا من الدخول.

لك عزيزي (أبو البهاء) أحلى التحيّات، الحريّة لك ولجميع أسرى الحريّة.

حيفا 22 كانون الثاني 2024