26-أكتوبر-2023
طوفان الأقصى، المواجهة والاشتباك وقطاع غزة

رشقة صاروخية للمقاومة الفلسطينية تحاول القبة الحديدية ملاحقتها (Getty)

سيظل أثَر السابع من أكتوبر للعام 2023 حاضرًا معنا لفترة طويلة، وذلك على كُل المستويات وفي كل الاتجاهات، فإن قلنا إن ما فعلته المقاومة الفلسطينية في معركة "طوفان الأقصى"، كان أمرًا غير مسبوق ولا متوقع، وأنها أثخنت في العدو وهشّمت جيشه ومرغت أنفه بالتراب كما لم يخطر ببال أحد، فهذا صحيح وهو حدثٌ عظيم سيكون محوريًا في تاريخ النضال الفلسطيني، وإن تناولنا المشهد الآخر من حجم الدمار والتخريب والتدمير الذي شنتة دولة الاحتلال على قطاع غزة، واتباعها  لسياسة الأرض المحروقة وتحويل الحياة في غزة إلى جحيم بلا أدنى مقوم للحياة فهذا أيضًا امرٌ كبير وحدث لا يُستهان بأثره. 

ولأن المعركة بأثر شقيها كبيرة، فإن وسائل الإعلام التقليدية والحديثة أفردت حيزًا مناسبًا للحدث فغطت المعركة من جوانب متعددة، وصار كَثيرٌ من مفردات الحرب وكلماتها متداولًا على نطاق كبير عبر المنصات المختلفة وفي وسائل الإعلام المتنوعة، وأحيانًا خرجت إلى حيز النكت والطرف والمزاح، وهو أمر طبيعي، يعبر عن قوة الحدث وعَظم أثره.

ترصد المادة، أبرز الكلمات التي شاع استخدامها منذ بداية "طوفان الأقصى"

وقد عنيت بهذا المقال، تتبع بعض ما نُشر وتم تداوله عبر المنصات الإعلامية المختلفة مستعينًا بمنشورات عامة على الفيسبوك لجمع مصطلحات وكلمات وردت في هذه الحرب، لأصنفها حسب موضوعها لتكون نواةً لمُعجم المعركة، وكان مجموع ما تم توثيقه 470 مصطلحًا وكلمة متفاوتة الاستخدام، وقد جُمعت من خلال رصد المقاطع المصورة والتعليقات والوُسوم وتفاعلات المنتفضين وما تم تداوله في وسائل الإعلام الكبرى من تقارير وتغطيات، ولم نغفل بلاغات المقاومة وبياناتها وما يتّصل بفعلها المُقاوم.

وفي هذا المقال مُلخصٌ لبعض تلك الجُمل والمصطلحات في باب الاشتباك والمُواجهة، وفي فِعل القتال المُلتحم وما يتأثر به على الأرض من أحداث وتصرفات. 

  • طوفان الأقصى: الطوفان في اللغة هو ما كان كثيرًا أو عظيمًا من الأشياء أو الحوادث بحيث يطغى على غيره. وهذا ما كان من أمر هذه المعركة المنسوب طوفانها للأقصى، فكانت كأنّها الطُوفان يبتلع هيبة الدّولة وصورة قُوّتها.
  • اشتباك: وجمعها اشتباكات، وهي من اشتبك يشتبك فهو مُشْتَبِك، وتعني التداخل والالتحام والمواجهة، وهي كلمةٌ ذات دلالة واضحة المعنى في السّياق الفلسطينيّ؛ إذ تعني التَّصدّي للاحتلال ومقاومته بالقوّة، وكأن الاشتباك لا يكون إلا ناراً بالنار. وخلال معركة طوفان الأقصى سمعنا كلمات وعبارات تُدَلِّل على المواجهة وطبيعتها، مثل "قواعد الاشتباك"، و"نقاط الاشتباك".
  • خارطة الاشتباك: الخارطة هي الرسم الّذي يُظْهِر الحُدود أو المعالم السياسيّة أو الجغرافيّة أو الطبيعيّة؛ أمّا خارطة الاشتباك فهي الّتي تُحَدّد نقاط الاشتباك والمواجهة مع العدوّ، وهي شكلٌ جديدٌ من الخرائط شاع استخدامه منذ هبّة محمّد أبو خضير عام 2014 حتّى اليوم. وخارطة الاشتباك في معركة الطوفان كانت متركزة في البدء على مُستعمرات ومعسكرات غلاف غزة، وعلى بعض نقاط المواجهة في الضفة الغربية، إلّا أنها ستمتد وتتوسع إذا امتدت الحرب وتوسعت جبهاتها.
  • اقتحام: اقتحم يقتحمُ فهو مُقتَحِمْ والمكان مُقْتَحَمْ، وهي كلمة تعني ذروة الهجوم للمقاتلين على معسكرات العدو ومُستعمراته، والالتحام معه بشكل مباشر. وهذه الخطوة هي أصعب مراحل الاشتباك في المعارك، ويتولى أمرها بالعادة النُّخبة المُقاتلة. وفلسطينيًا تستخدم أحيانًا لوصف العملية الفردية التي يَقتَحم بها المُقاتل مَكانًا شَديد التّحصين.
  • تسلُّل: تَسلَّلَ يَتسلَّل، تسلُّلًا، فهو مُتسلِّل، كلمة بمعنى العُبور خِفية دون أن ينتبه أحد، وفي السياق الفلسطيني تعني عُبور المقاتل خفية إلى مواقع العدو مُجتازًا الحدود والمُراقبة. وفي المعركة استخدمت كثيرًا للتعبير عن تمكن المقاتلين من الوصل عبر الجدار والسياج والبحر إلى قلب مُعسكرات الاحتلال دون أن يشعر بهم أحد. كما استخدمت في البلاغ الرابع للقسام لوصف عمليات التسلل بالقوات والعتاد لتعزيز المجاهدين.

  • إسناد: أسند يُسند، والمفعول مسنود، وهو كلُّ ما يُستَنَدُ إِليه ويُعتمَدُ عليه، والإسناد في الحرب أي مُساعدة المقاتلين بالميدان من خلال استخدام أسلحة مدفعية تساعدهم على التقدم والصمود، وكذلك اسنادهم بالعتاد والمقاتلين لاستمرار تقدمهم وصمودهم في المعركة. وفي بلاغات المُقاومة إشارات كثيرة لمواصلة إسناد المقاتلين في اشتباكاتهم في معسكرات غلاف غزة.
  • استبدال المقاتلين: استبدلَ يستبدل استبدالًا فهو مُستبدِل، والمفعول مُستبدَل، وقد استخدمت بلاغات المقاومة كما في البلاغ السابع مصطلح "استبدال المقاتلين"، في إشارة لاستمرار المعارك في منطقة غلاف غزة، وأن المقاومة قادرة على استبدال المقاتلين في الميدان بآخرين طوال أيام الاشتباك، لاستمرار الفعل المقاوم.
  • إمداد: جمعها (الإمدادات) أمدّ الجيشَ إذا زوده بالعُدّة والعتاد، وفي الإمداد نَصرٌ للجنود  ودعّمٌ وقوة. وكانت المقاومة قد استخدمتها في بلاغاتها بمعنى توفير الاحتياجات اللازمة من مؤن وذخائر ومقاتلين للقوات المتقدمة والمشتبكة مع العدو في أرض المعركة. وفي القرآن الكريم قوله تعالى عن إمداد المؤمنين بالملائكة لتقاتل معهم: "إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُنزَلِينَ، بَلَىٰ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ".
  • تمشيط "عمليات التمشيط": مصدر مَشَّطَ، وهي عملية المسح العسكري أو الأمني، وتقوم على التفتيش الدقيق والتلقائي لمنطقةٍ ما، بكل تضاريسها ومنشآتها، بحثًا عن مُقاومين أو أسلحة. وقد استخدمت في المعركة من قبل الاحتلال أثناء بحثهم عن المقاومين في مُستعمرات غلاف غزة منذ يوم السبت السابع من أكتوبر.
  • رشقة: جمعها رشقات، وهي من رشق يرشق رشقًا، والرّشق بمعنى الرّمي، فالرّشقات هي الرمايات المُتتابِعة مِن الأسْلِحة الناريَّة أو المِدْفعيَّة، وكل شوط من الرمي يُسمى رشق ورشقة. ويُطلق الفلسطينيون ذلك على دُفعات الصواريخ التي تنطلق من غزة حيث تسمى الدفعة الواحدة منها رشقة.
  • تمهيد ناري: إطلاقُ نيرانٍ كَثيفةٍ صَوبَ العدو من الأسلحة المُتاحة (دبابات، مدفعية، طيران، صواريخ)، وذلك بهدف تدمير قوة العدو الحيّة وتشتيت قواته قبل بدء الهجوم الميداني. وفي معركة طوفان الأقصى بثّت كتائب القسام مشاهد لمنظومة الصواريخ "رجوم" قصيرة المدى من عيار 114 ملم، والتي استخدمت في التّمهيد الناري لعبور المقاتلين إلى الأراضي المحتلة.
  • الإعلام العسكري: أحد أذرع كتائب القسام الإعلامية المُهمة، التي من خلالها تنشر بلاغاتها العسكرية وفيديوهات العمليات التي تنفذها، وكانت القسام قد تنبهت لأهمية الإعلام في المعركة مُبكرًا فبدأت في ذلك في 2001 عبر موقعها الذي تطور ليصبح دائرة كاملة في الكتائب، وتدير كتائب القسام حساباتٍ لها وللناطق باسمها على عدّة وسائل تواصلٍ اجتماعي، ومن خلالها تبث المُحتوى المرتبط بالمعركة.
  • الكوماندوز البحري: هي مجموعة من المغاوير والنخبة القتالية في كتائب القسام، مُتخصصين في عمليات الإنزال والإبرار البحري، وقد نفذوا في معركة طوفان الأقصى عدّة معارك على شواطئ أسدود. وقد ظهر خلال هذه المعركة وجود أكثر من وحدة مُتخصصة لدى كتائب القسام ومنها هذه الوحدة، ووحدة النخبة القتالية، ووحدة سرب صقر وغيرها.
  • مُسيّرة: طائرة دون طيّار "زنانة"، وهي طائرة حَديثة صغيرة الحجم، تُوجّه عن بُعدْ، بَعْدَ برمجتها وتنطلق لأداء مُهمتها في الجو، كالتصوير ورصد التحركات، أو أداء مهمات قتالية. وكانت المقاومة الفلسطينية قد أدخلتها في الخدمة سنة 2006، ومن يومها بدأت تتطور.  وقد أطلق على المُسيّرات الأولى للمقاومة الفلسطينية التي استخدمت في حرب 2014 "أبابيل"، وامتلكت المقاومة مُسيّرات باسم "شهاب"، وأخرى باسم "الزواري". وتمتلك المقاومة ثلاثة أنواع من هذه الطائرات المُسيّرة حاليًا وفقًا لمهامها: مُسيّرات استطلاع، ومُسيّرات هجوم-إلقاء، ومُسيّرات هجوم-انتحاري. 

getty

  • الساعة الخامسة: وهي الساعة التي حدد فيها أبو عبيدة  الناطق باسم القسام، موعدًا لقصف مدينة عسقلان، مُطالباً المُستعمِرين بالرحيل عنها قبل هذه الساعة، وذلك ردًا على جريمة تهجير العدو لأهل غزة، وإجبارهم على النزوح من منازلهم في عدة مناطق. وفي الساعة المحددة انطلقت مئات الصواريخ نحو المدينة المُنذرة.
  • ساعة البهاء (الساعة التاسعة): البهاء هو الشهيد بهاء أبو العطا، من قادة سرايا القدس، وكان جيش الاحتلال قد اغتاله في العام 2019، وقد أُطْلِقَ اسمه على الساعة الّتي حَدّدتها المقاومة لإطلاق الصواريخ تجاه المدن المحتلّة، وهي الساعة التاسعة ليلًا. وهو مصطلح من حرب سيف القدس 2021م وقد أعيد استخدامه في معركة طوق الأقصى.
  • كورنيت: صاروخٌ روسيٌ مضادٌ للدروع والتحصينات، ويحمل رأسًا شديد الانفجار، وله قُدرةُ اختراقٍ تدميرية. وهو من الأسلحة المُهمّة التي تستخدمها المُقاومة الفلسطينية، وتقوم بتصنيعه مَحليًا. وفي معركة طوفان الأقصى ظهرت صواريخ "كورنيت" أثناء تدمير المُقاومة الفلسطينية للمدرعة العسكرية المعرفة باسم: "النمر المدولبة".
  • الروح المعنوية: مُصطلح شائع، وهو  أحد مقاييس قوة الجبهة للمقاتلين ومن يُساندهم في أي معركة، ذلك أن الروح المعنوية تؤثر على طبيعة الحرب والقدرة على التقدم ثم الصبر والاحتمال في المواجهة. ويلعب دورٌ في عُلوها عَقيدة القتال للمقاتلين والمجتمع الحاضن لهم.
  • فرقة غزة: فرقة عسكرية تُعتبر جُزءًا من اللّواء الجنوبي لجيش الاحتلال، ومعسكرها الأساسي في قاعدة رعيم العسكرية. وقد تأسست هذه الفرقة في الانتفاضة الفلسطينية عام 1987، وتركزت مهمتها بالسيطرة على قطاع غزة وضبط الفلسطينيين استعماريًا. وتشمل الفرقة عدة ألوية ووحدات تقوم بمهام قتالية وهجومية ضد قطاع غزة وحركات المقاومة فيه. وتتولى مهمة حماية وحراسة المستوطنات في مستوطنات غلاف غزة.
  • السّياج الزائل: حاجزٌ أو سياجٌ أقامه الاحتلال الاسرائيلي بطول 65 كيلومترًا بين غزة ومنطقة الغلاف، وقد استمر العمل به ما يقارب الأربعة أعوام، بمشاركة 1200 عامل، واستخدم فيه 220 ألف شاحنة خرسانة، و140 ألف طن من الحديد. ويرتفع هذا السياج نحو 6 أمتار فوق الأرض، وعليه أسلحة ذكية يتم التحكم بها عن بعد، وكذلك رادارات وكاميرات وأجهزة استشعار فوق الأرض وتحتها، للكشف عن أي محاولات لاختراقه أو الحفر أسفل منه. وقد تمكنت المقاومة الفلسطينية من اختراقه من خلال فتح كُوّات في بعض أجزائه بعد تعطيل شبكات الاستشعار، واستهداف الأبراج العسكرية التي تُشرف عليه.
  • خرجت من الخدمة: مصطلح يعني التوقف عن أداء الخدمات المطلوبة من المؤسسة/ الجهة/ المقصودة. وفي هذه المعركة وصفت المقاومة بهذا المصطلح فرقة غزة في جيش الاحتلال التي كانت مُكلفة بضبط القطاع ومراقبته والسيطرة عليه، حيث أثخنت المقاومة الفلسطينية بهذه الفرقة قتلًا وأسرًا ودمرت قواعدها فشلت قدرتها القتالية بالكامل.
  • الإنذار المبكر: هي الإجراءات العسكرية والأمنية التي استحدثتها دولة الاحتلال لمنع وقوع أي هجوم أو عملية من قبل الفلسطينين، وتقوم هذه الأنظمة على عمليات رصد وتحليل وجمع بيانات وأنظمة مراقبة وتصوير... كل ذلك بهدف تجنب الأخطار وعدم وقوم أي هجوم بشكل مُباغت.
  • نمر من ورق: وصفٌ وَجَّهه الناطق باسم القسام أبو عبيدة لجيش الاحتلال الذي هُزم في مواجهات يوم السبت 7 أكتوبر، ويقصد بالمصطلح أن هذا الجيش الذي يبدو مخيفًا وقويًا تبين في المعركة بأنه نمرٌ من ورق، كما استخدمت كتائب القسام وصفًا آخر لجيش الاحتلال وهو: جيش من غُبار. وأصل مقولة "نمر من ورق" منسوبة للزعيم الصيني ماوتسي تونغ في تعليقه على القنبلة الذرية والرجعيين الأمريكيين.