26-سبتمبر-2024
 عبر العديد من الوزراء في الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك أعضاء من حزب الليكود، عن معارضتهم للاقتراح الأميركي الفرنسي لوقف إطلاق النار

(Getty)

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن "الخبر المتعلق بوقف إطلاق النار غير صحيح. وهذا اقتراح أميركي فرنسي، ولم يستجب له رئيس الوزراء". مضيفًا: "الأنباء عن التوجيه المفترض بتهدئة القتال في الشمال هو أيضًا عكس الحقيقة. وأصدر رئيس الوزراء تعليماته إلى الجيش الإسرائيلي بمواصلة القتال بكامل قوته، ووفقًا للخطط المقدمة إليه. كما أن القتال في غزة سيستمر حتى تحقيق كافة أهداف الحرب". وجاءت تصريحات نتنياهو، وسط "إجماع إسرائيلي" على حرب لبنان، عبر عنه في سلسلة تصريحات من الائتلاف الحكومي والمعارضة. بينما قالت مصادر دبلوماسية إن "التصريحات الإسرائيلية قد تخرج المفاوضات عن مسارها وتؤدي إلى الحرب".

مصدر دبلوماسي: التصريحات الإسرائيلية تهدد بفشل المفاوضات مع لبنان

ودعت الولايات المتحدة وفرنسا، إسرائيل ولبنان إلى قبول وقف إطلاق النار لمدة 21 يومًا للسماح بحل دبلوماسي، للحرب المتصاعدة. وقالت الدولتان في بيانهما "ندعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يومًا على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية لتوفير مساحة للدبلوماسية نحو التوصل إلى تسوية دبلوماسية".

وأفاد دبلوماسيون غربيون، شاركوا في المحادثات حول وقف إطلاق النار على الجبهة الشمالية، لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن التصريحات الأخيرة من بعض المسؤولين الإسرائيليين، بما في ذلك وزير الخارجية يسرائيل كاتس، التي أعلن فيها "لن يكون هناك وقف لإطلاق النار في الشمال"، تبدو كأنها إفشال متعمد للمفاوضات.

ووفق دبلوماسي: "هذه التصريحات قد تضع المحادثات الجارية في خطر، وهذا السلوك يضر بجهود التوصل إلى حل سلمي".

وفي إطار ذلك، أبدى أحد الدبلوماسيين المخاوف من تصريح صحفي أصدره مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي "ذكر أن إسرائيل ستضع مطالب لا يمكن لحزب الله قبولها كجزء من أي اتفاق لوقف إطلاق النار". وعلق الدبلوماسي بالقول: "هذه التصريحات لا تساعد".

وكشفت مصادر في حزب الله والحكومة اللبنانية وأخرى دبلوماسية لـ"العربي الجديد"، عن تفاؤل بخصوص الحراك الجاري حاليًا للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان، وسط انفتاح من الحزب على المساعي الجارية.

وفي الإطار، قالت أوساط حكومية لبنانية لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك تفاؤلًا بالتوصل إلى اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار، وننتظر أن يحصل ذلك"، مشيرة إلى أن "كل شيء متوقع، خصوصًا مع إسرائيل". 

وأضافت الأوساط المقربة من الحكومة اللبنانية أن "رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الموجود في نيويورك يكثف مشاوراته الدولية للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها، ويؤكد أن لبنان لا يريد الحرب، والحراك الذي يحصل مكثف ويوحي بالإيجابية"، ولفتت إلى أنّ "المطلوب تهدئة العمليات ووقف إطلاق النار لفترة من الزمن يصار خلالها إلى إجراء مناقشات دبلوماسية سياسية لمعرفة مصير المرحلة المقبلة".

وعبّر ميقاتي عن ترحيبه بالنداء المشترك الصادر بمبادرة من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وبدعم من الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغربية والعربية، لإرساء وقف مؤقت لإطلاق النار في لبنان، وقال "تبقى العبرة في التطبيق عبر التزام إسرائيل بتنفيذ القرارات الدولية".

من جهته، قال مصدرٌ دبلوماسيٌّ في السفارة الفرنسية في بيروت لـ"العربي الجديد": "متفائلون بإمكانية التوصل إلى اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار، وهذا أمرٌ ضروري ومطلوبٌ من جميع الأطراف، لأن الوضع خطير جدًا، وفشل المساعي قد يؤدي إلى تصعيد أكبر في المرحلة المقبلة وتفجر الساحة بشكل كامل".

وأشار المصدر إلى أنه "على الأطراف أن تعي أن التأخر في وقف إطلاق النار ليس في مصلحتها، ويجب الاستفادة من الفرصة الآن للتهدئة. ما نعمل عليه هو وقف مؤقت لإطلاق النار يفسح المجال أمام إجراء مفاوضات دبلوماسية لفترة من الزمن من شأنها أن تؤدي إلى إنهاء الحرب بالتزامن أيضاً مع ضرورة وقف الحرب في غزة". 

لافتًا إلى أن الفرنسيين يدركون جيدًا "أن هناك العديد من النقاط الخلافية بين لبنان وطبعًا حزب الله وبين إسرائيل، وهناك شروط يضعها كل من الطرفين، لكن العمل الآن ليس لحل الصراع، فهذا يحتاج إلى وقتٍ قد يكون طويلًا، وسنعمل عليه في فترة لاحقة بعد انتهاء الحرب".

وكان مصدرٌ نيابيٌّ في حزب الله قد قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "المقاومة اليوم في الميدان، وتخوض العمليات العسكرية، وكلها ثقة بالحراك السياسي الذي يقوم به رئيس البرلمان نبيه بري، وهذا شأن الدولة اللبنانية، لكن موقف حزب الله واضح وبات معروفًا ومحسومًا بأن جبهة لبنان لن تتوقف قبل وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وسبق أن قلنا إنه إذا نجحت المفاوضات بشأن هدنة غزة سنوقف جبهة الإسناد اللبنانية، وبالتالي نتمسك بهذا الموقف ولا نزيح عنه".

إجماع إسرائيلي على خيار الحرب

وقد عبر العديد من الوزراء في الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك أعضاء من حزب الليكود، عن معارضتهم للاقتراح الأميركي الفرنسي لوقف إطلاق النار في لبنان. حيث وصف الوزير الإسرائيلي ميكي زوهار وقف إطلاق النار دون عائد ملموس من حزب الله بأنه "خطأ جسيم" يعرض الإنجازات الأمنية التي حققتها إسرائيل للخطر. 

بينما أكد وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريش أن "الوقت لا يجب أن يُعطى للعدو للتعافي"، قائلًا: إن "المعركة في الشمال يجب أن تنتهي بسيناريو واحد: سحق حزب الله وحرمانه من قدرته على إيذاء سكان الشمال. ولا يجوز إعطاء العدو الوقت الكافي للتعافي من الضربات الثقيلة التي تلقاها وإعادة تنظيم نفسه لمواصلة الحرب بعد 21 يومًا. استسلام حزب الله أو الحرب هو السبيل الوحيد الذي سيعيد السكان والأمن إلى الشمال"، وفق تعبيره.

كما قالت الوزيرة المتطرفة أوريت ستروك من حزب الصهيونية الدينية: "لا يوجد تفويض أخلاقي لوقف إطلاق النار".

ودعا وزير شؤون الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي من حزب الليكود إلى غزو بري للبنان. وكتب في منشور على "إكس": "من المستحيل إكمال الحملة [ضد حزب الله] في الشمال دون مناورة برية".

ووصف وزير شؤون التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، من حزب "عوتسما يهوديت"، محاولة الولايات المتحدة وفرنسا الترويج لوقف إطلاق النار بأنها "نفاق خطير".

وبحسب إيلياهو، فإن "من لم يعرف كيف يكبح جماح حزب الله طيلة عام كامل من القصف المتواصل، وعشرات القتلى، وتدمير المنازل، وعشرات الآلاف من النازحين، لن يعظنا عندما نرد".

وقال حزب "عوتسما يهوديت" إنه سيتم عقد اجتماع عاجل في أعقاب التقارير عن تقدم في محادثات وقف إطلاق النار.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت: "فجأة الآن يضغط العالم من أجل وقف إطلاق النار مع حزب الله. الأمر لا يسير بهذه الطريقة. كان رد فعل إسرائيل متأخرًا للغاية وبدأت في تدمير حزب الله تدريجيًا. هل حان الوقت الآن لوقف إطلاق النار؟ هذا هو تعريف الوقاحة. يجب على إسرائيل إزالة حزب الله باعتباره تهديدًا. إذا أراد حزب الله التوقف، فلينزع سلاحه ويبتعد عن الحدود الإسرائيلية بمسافة 15 كيلومترًا".

المعارضة.. مهلة قبل التوجه إلى الحرب

ودعا زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، حكومة بنيامين نتنياهو إلى قبول الاقتراح الأميركي الفرنسي بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله ، لكنه قال إن يجب أن تفعل ذلك لمدة سبعة أيام فقط. وفي منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، قال يائير لابيد : "يجب على دولة إسرائيل أن تعلن صباح اليوم قبولها اقتراح بايدن وماكرون لوقف إطلاق النار، ولكن لمدة سبعة أيام فقط حتى لا يتمكن حزب الله من استعادة أنظمة القيادة والسيطرة الخاصة به. لن نقبل أي اقتراح لا يتضمن إبعاد حزب الله عن حدودنا الشمالية".

وأضاف لابيد: "أي اقتراح يتم طرحه يجب أن يسمح لسكان الشمال بالعودة فورًا إلى منازلهم بسلام، وأن يؤدي إلى استئناف المفاوضات بشأن صفقة الخطف، وأي خرق – ولو بسيط – لوقف إطلاق النار سيؤدي إلى عودة إسرائيل إلى الهجوم بكل قوتها وفي كل مناطق لبنان".

وقال رئيس حزب الديمقراطيين (تحالف حزب العمال وميرتس/يسار صهيوني) والنائب السابق لرئيس الأركان الإسرائيلي يائير جولان: "من الخطأ الموافقة على وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أسابيع. من الصواب الموافقة على وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام، حيث ينبغي تحديد اتجاه إيجابي في المعايير الثلاثة المحددة في سياق الواقع الأمني ​​المستقبلي على الحدود الشمالية: الأرض، الحكومة اللبنانية، الضمانات الدولية.

وأضاف بناء على الاتفاق: "الضمانات الدولية ستكون، لن يكون هناك وجود لحزب الله جنوب الليطاني. أمّا من الحكومة اللبنانية، فهي الالتزام باستعادة السيادة وتقليص نفوذ حزب الله، بما في ذلك المسؤولية عن منع إدخال الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المُسيّرة إلى المنطقة الواقعة بين الليطاني والحدود. والضمانات الدولية، تقوم على تعزيز قوات اليونيفيل وتوسيع صلاحياتها بحيث تحفظ حرية عمل قواتها في كافة القرى الجنوبية (جنوب الليطاني)".

مصدرٌ نيابيٌّ في حزب الله لـ"العربي الجديد": المقاومة اليوم في الميدان، وكلها ثقة بالحراك السياسي الذي يقوم به رئيس البرلمان نبيه بري، وهذا شأن الدولة اللبنانية، لكن موقف حزب الله واضح وبات معروفًا ومحسومًا، جبهة لبنان لن تتوقف قبل وقف العدوان الإسرائيلي على غزة

واستمر جولان في القول: "إذا كان هناك اتجاه إيجابي في نهاية الأيام الثلاثة لوقف إطلاق النار، فهذا أمر جيد لإسرائيل ويخدم الهدف الشامل: عودة سكان الشمال إلى منازلهم وإعادة تأهيل المستوطنات. وإذا لم تتم الإشارة إلى اتجاه إيجابي في نهاية الأيام الثلاثة لوقف إطلاق النار، فسوف يستأنف القتال. وعلى أية حال، يجب الاستعداد لتحرك بري من أجل إجراء فوري يسمح بالسيطرة على التلال اللبنانية التي تحكم أراضينا".

وكتب رئيس حزب إسرائيل بيتنا، عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان، على حسابه على تويتر الآن: "لا يجب أن نمنح العدو وقتًا للتعافي وإعادة التنظيم. يجب أن نستمر في هزيمة حزب الله حتى يرفعوا الراية البيضاء"، وفق تعبيره.

وفي مقابلة، أكد رئيس مجلس إقليمي المطلة (شمالًا) ديفيد أزولاي أن وقف إطلاق النار مع حزب الله، من شأنه أن يضمن "السابع من تشرين الأول/أكتوبر المقبل"، والذي ستكون الحكومة مسؤولة عنه، كما قال رئيس مجلس إقليمي الجليل الأعلى، أمير سوفير، إنه في حين أن "هناك وقت للمفاوضات، فهذا ليس الوقت المناسب. هذا وقت الحرب، لكل شيء وقته... لا ينبغي أن ننخدع بالضغوط الدولية".