24-أكتوبر-2018

تلقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الأربعاء محادثة هاتفية من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هي الأولى منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وجاء الاتصال بطلب من بن سلمان الذي يواجه ضغوطا دولية كبيرة في ظل الشبهات القائمة بأنه هو من دبر عملية القتل.

ونقلت وكالة الأناضول، عن مصادر في الرئاسة التركية أن الاتصال بحث الجهود المشتركة لكشف جميع جوانب جريمة قتل خاشقجي قبل ثلاثة أسابيع داخل قنصلية المملكة في مدينة إسطنبول بتركيا.

وأوضحت نفس المصادر أنهما بحثا أيضا الخطوات التي يجب اتخاذها في إطار هذه القضية التي أثارت موجة تنديد دولي بلغت حد تهديد الولايات المتحدة ودول غربية أخرى بفرض عقوبات على الرياض.

يأتي الاتصال الهاتفي بينما تستمر التحقيقات التركية في هذه القضية، كما يأتي بعد يوم من الخطاب الذي ألقاه الرئيس التركي أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية التركي الحاكم في العاصمة أنقرة، وعرض فيه تفاصيل جديدة لعملية تصفية خاشقجي، متعهدا بكشف الحقيقة.

وفي هذا الخطاب طالب أردوغان بمحاسبة المتورطين في قتل الصحفي مهما علت مناصبهم، وقال إنه يصدق الملك سلمان في أنه لم يكن يعلم بخطة قتل خاشقجي. ورأى محللون أن الرئيس التركي ربما لمح في خطابه إلى مسؤولية محمد بن سلمان المباشرة عن قتل خاشقجي.

تصريحات بن سلمان للصحفيين

وفي الرياض وأثناء رده على أسئلة خلال منتدى "مبادرة مستقبل الاستثمار"، قال ولي العهد السعودي إن الرياض وأنقرة تتخذان الخطوات لمعاقبة مرتكبي جريمة قتل خاشقجي التي وصفها بالبشعة وغير المبررة، في أول تصريحات له بهذا الشأن.

كما قال إنه لن يكون هناك شرخ في العلاقة مع تركيا في ظل قيادة الملك سلمان والرئيس أردوغان، ووصف التعاون بين البلدين بالمميز.

ووصف بن سلمان ما جرى للصحفي السعودي بالمؤلم، وتحدث عن ضرورة محاسبة المسؤولين عن ذلك قائلا إن العدالة ستظهر. وكان الرئيس الأميركي قال في وقت سابق إن الأمير السعودي نفى بشدة أن يكون أمر بقتل خاشقجي.

لكن ترامب عاد وذكر في مقابلة مع "وول ستريت جورنال" أن ولي العهد يدير الأمور في السعودية بشكل أوسع في هذه المرحلة، وأنه إذا كان هناك من أحد ضالع في مقتل خاشقجي فسيكون هو.

مواقف أوروبية تبعت خطاب أردوغان

وفي سياق الضغوط على المملكة العربية السعودية، قالت مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني إن مواقف الاتحاد حيال السعودية ستعتمد على ردها بشأن مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

يأتي ذلك بعد أول خطاب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن حادثة مقتل الصحفي السعودي، الذي طالب فيه بإجراء محاكمة المتورطين داخل تركيا.

في حين استدعت الخارجية الدانماركية السفير السعودي على خلفية قضية مقتل الصحفي السعودي.

أما بريطانيا فقالت إنه ما زالت هناك أسئلة تتعلق بمقتل جمال خاشقجي ولا يمكن إلا للسعوديين الرد عليها.

وقال المتحدث باسم رئيسة الوزراء تيريزا ماي ردا على سؤال عن حديث الرئيس التركي عن مقتل خاشقجي، "بيان الرئيس أردوغان هذا الصباح يبرز حقيقة أن الأسئلة لا يمكن لغير السعوديين الرد عليها".

كما قال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت إن "العالم ما زال في انتظار الأجوبة بشأن مقتل جمال خاشقجي".

من جهته، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إنه جرى إبلاغ روسيا بالموقف السعودي الرسمي بأن العائلة المالكة لا صلة لها بمقتل الصحفي السعودي.

وأضاف في تصريح صحفي "ما عدا ذلك رهن التحقيقات".

أنباء عن اطلاع رئيسة المخابرات الأمريكية على تسجيلات للجريمة

وقد أفادت صحيفة قريبة من الحكومة التركية الأربعاء، بأن أجهزة الاستخبارات التركية أطلعت مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" على الأدلة التي جمعتها في إطار التحقيق في قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي خلال زيارتها لتركيا.

وذكرت "الصباح" التركية، أن أجهزة الاستخبارات التركية “أطلعت جينا هاسبل على الأدلة المرتبطة” بقتل الصحافي السعودي خلال زيارتها لتركيا الثلاثاء.

وقالت الصحيفة خصوصا إن الجهاز التركي عرض على مديرة الـ"سي آي إيه “مشاهد فيديو وتسجيلات صوتية، والدلائل التي تم الحصول عليها خلال تفتيش القنصلية العامة ومنزل القنصل السعودي” في إسطنبول.

وبحسب “صباح” فإن جينا هاسبل التي تولت إدارة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في نيسان/أبريل، أجرت من جانب آخر “محادثات رفيعة المستوى” في أنقرة التي وصلت إليها الثلاثاء.

إسرائيل "متألمة" على بن سلمان

والإسرائيليون بدورهم لا يقفون صامتين إزاء قضية مقتل خاشقجي، ففي مقال بصحيفة يديعوت أحرونوت، خلص خبير الشؤون الأمنية والمخابراتية الإسرائيلي رونين برغمان إلى أن السعودية ومحمد بن سلمان تلقيا ضربة "شديدة وقوية" ستكون لها تداعياتها على منطقة الشرق الأوسط بما فيها إسرائيل.

وقال الكاتب إنه إذا صدقت الأخبار التي تم نشرها حول حوار يجري بين إسرائيل والسعودية "فربما أن نفس العملاء السعوديين الذي قيل إنه تم اعتقالهم أو التحقيق معهم هم أنفسهم المقربون من محمد بن سلمان والذين ربما يدعمون علاقاته المخابراتية مع الحكومات الأجنبية إلى الأمام".

وأضاف الكاتب أن التداعيات الواسعة لتصفية خاشقجي سيتم لمسها في كل المنطقة، إذ إن السعودية بقيادة محمد بن سلمان تشكل عنصرا أساسيا في رؤىة ترامب ونتنياهو للشرق الأوسط الجديد.

وأشار إلى أن ولي العهد السعودي يقود ما تعتبره إسرائيل وواشنطن المحور السني المعتدل الذي يستهدف إيران وحزب الله وبشار الأسد والمنظمات الجهادية.

ووفق الكاتب فإن محمد بن سلمان يدفع هذه الرؤية إلى الأمام "لكن أجنحته الآن أصبحت مقصوصة، ومن يدري ربما لا يبقى في منصبه. وقدرته على مواصلة العملية بشكل سري ومخابراته وإمكانياته ضد إيران وتابعيها ستتضرر كثيرا".

وحتى الحين ما تزال حكومة إسرائيل تلتزم الصمت تجاه اغتيال خاشقجي، لكن الصحافة الإسرائيلية واكبت القضية من زاوية تضرر إسرائيل من ضعف نفوذ محمد بن سلمان الذي بدا مؤخرا وكأنه يهرول نحو إسرائيل.

وفي مقال بصحيفة هآرتس، قال السفير الأميركي الأسبق في تل أبيب دان شابيرو إنه إذا ثبت ضلوع محمد بن سلمان في قضية خاشقجي، فإن ذلك سيكون بمثابة كارثة بالنسبة لإسرائيل التي تسعى لإبقاء السعودية في رأس المحور المعادي لإيران.

ترامب لأول مرة: السعودية ساعدتنا بحماية إسرائيل

وفي سياق أحد تصريحاته المدافعة عن السعودية في قضية خاشقجي، اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بدور للسعودية في حماية مصالح إسرائيل، وكشف للمرة الأولى، في تصريح رسمي أن الرياض ساعدت واشنطن في دعم الكيان الإسرائيلي.

وقال ترامب، تعليقا على التداعيات المحتملة على السعودية بسبب مقتل الصحافي جمال خاشقجي، “في الوقت ذاته كانوا حلفاء جيدين جدا لنا، وساعدونا كثيرا فيما يخص إسرائيل، ومولوا الكثير من الأشياء”.

ولم يوضح الرئيس الأمريكي طبيعة هذه المساعدة السعودية أو ما الذي مولته بالتحديد، كما لم يذكر أي تفاصيل أخرى بشأن الموضوع.

على الرغم من غياب أي علاقات علنية بين السعودية وإسرائيل، تشير تقارير عديدة إلى تقارب ملموس بين البلدين في الفترة الماضية، لا سيما بسبب مواجهتهما مع إيران.

وقال ترامب: “إن السعودية حليف عظيم بالنسبة للولايات المتحدة وأحد أكبر المستثمرين، وربما الأكبر، في هذه البلاد، حيث تستثمر فيها مئات مليارات الدولار، مما أتاح خلق آلاف فرص العمل”، ولكنه أكد أن “لا مبرر بالنسبة للسعودية لما حدث” لخاشقجي، مشيرا إلى أن الشرق الأوسط جزء صعب وخطير جدا من العالم.

وبعد 18 يوما على وقوع الجريمة، أقرت الرياض، فجر السبت الماضي، بمقتل خاشقجي، داخل قنصليتها بإسطنبول، لكنها قالت إن الأمر حدث جراء "شجار وتشابك بالأيدي"، وأعلنت توقيف 18 شخصا كلهم سعوديون للتحقيق معهم على ذمة القضية، فيما لم توضح المملكة مكان جثمان خاشقجي.

غير أن الرواية الرسمية السعودية تلك قوبلت بتشكيك واسع من دول غربية ومنظمات حقوقية دولية، وتناقضت مع روايات سعودية غير رسمية، منها إعلان مسؤول سعودي، في تصريحات صحفية، أن "فريقا من 15 سعوديا، تم إرسالهم للقاء خاشقجي، في 2 أكتوبر، لتخديره وخطفه قبل أن يقتلوه بالخنق في شجار عندما قاوم".

والثلاثاء، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وجود "أدلة قوية" لدى بلاده على أن جريمة خاشقجي "عملية مدبر لها وليست صدفة"، وأن "إلقاء تهمة قتل خاشقجي على عناصر أمنية لا يقنعنا نحن ولا الرأي العام العالمي".


اقرأ/ي أيضًا:

ماذا قال النشطاء عن هيئة نجل خاشقجي في حضرة الملك وولده؟

رويترز تكشف تفاصيل "صادمة" لأدوار القحطاني