27-أغسطس-2024
اطفال غزة

حذرت الأمم المتحدة من أن أوامر الإخلاء الإسرائيلية المتزايدة في غزة تعيق قدرتها على تقديم المساعدات الإنسانية، وتفاقم من الوضع الإنساني المتردي في القطاع، وذلك قبيل بدء حملة تطعيم حاسمة لمكافحة انتشار فيروس شلل الأطفال.

ومن المقرر أن تبدأ حملة تطعيم واسعة النطاق للأطفال ضد شلل الأطفال نهاية الأسبوع الجاري، بعد اكتشاف أول حالة إصابة بالفيروس في غزة منذ 25 عامًا. وقد أصيب طفل بالشلل الجزئي نتيجة الفيروس، فيما يحذر الخبراء الصحيون من أن الفيروس قد ينتشر بسرعة في ظل الظروف الصحية المتدهورة والاكتظاظ السكاني في المخيمات التي تؤوي آلاف الفلسطينيين النازحين.

لكي تكون حملة التطعيم فعّالة في احتواء تفشي شلل الأطفال، يجب أن تصل الجرعة الأولى من اللقاح إلى 90% من الأطفال

وقال جوناثان كريكس، المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في المنطقة: "من المؤكد أنه من شبه المستحيل تنفيذ حملة تطعيم ضد شلل الأطفال على نطاق واسع في منطقة تشهد نزاعًا نشطًا".

وتجري حاليًا محادثات بين الوكالات الإنسانية وقوات الاحتلال الإسرائيلي بشأن الحملة المخططة، حيث سمحت الأخيرة بإدخال أكثر من 25,000 جرعة من اللقاحات ومعدات التبريد عبر معبر كرم أبو سالم يوم الأحد، لكنها لم توافق بعد على وقف القصف لتمكين حملة التطعيم من المضي قدمًا بأمان وفعالية.

وقد كثّفت قوات الاحتلال عمليات إخلاء الأحياء والمخيمات، التي تضم النازحين، بزعم ملاحقة "عناصر إرهابية". ووفقًا للأمم المتحدة، أصدرت القوات الإسرائيلية 16 أمر إخلاء في آب\أغسطس وحده، مما أجبر 12% من سكان القطاع على النزوح في غضون أيام قليلة.

وأدى تأثير هذه الأوامر على العاملين في المجال الإنساني إلى تعليق حركة الموظفين التابعين للأمم المتحدة داخل القطاع يوم الإثنين، على الرغم من أن بعض العاملين تمكنوا من الاستمرار في تقديم المساعدات في المناطق التي كانوا متواجدين فيها.

وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة: "هذه أوامر الإخلاء تجعل عملنا شبه مستحيل". وأضاف أن العمليات الإنسانية المستمرة في غزة تمثل "قطرة في بحر" مقارنةً باحتياجات 2.2 مليون فلسطيني محاصرين في القطاع.

 

من جانبها، أكدت جولييت توما، المتحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أن قدرة الوكالة على تنفيذ العمل الإنساني تتضاءل باستمرار، حيث يتعرّض موظفوها المحليون للنزوح المتكرر، مما يؤثر بشكل مباشر على سير العمليات الإنسانية.

استهدفت أوامر الإخلاء الأخيرة مدينة دير البلح وسط غزة، التي تحولت إلى مركز إنساني بعد تعرض مدن جنوبية مثل رفح وخانيونس لهجمات مكثفة من قبل قوات الاحتلال. وتشمل الأوامر الجديدة أربع مستودعات تابعة للأمم المتحدة و15 منشأة تستخدمها وكالات الإغاثة.

ووفقًا لتقرير صدر الإثنين عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن الاكتظاظ الشديد، بكثافة تصل إلى 34,000 فرد لكل كيلومتر مربع، يزيد من النقص الحاد في الموارد الأساسية مثل المياه والصرف الصحي والإمدادات الصحية.

ورغم أن مستودع التبريد الذي تُخزن فيه جرعات لقاح شلل الأطفال موجود في دير البلح، إلا أن أوامر الإخلاء تعرقل قدرة العاملين في المجال الإنساني على التنقل والوصول إلى الأطفال الموزعين في جميع أنحاء غزة، بما في ذلك أكثر من 50,000 طفل ولدوا منذ بداية الحرب ولم يتلقوا أي تطعيمات.

ولكي تكون حملة التطعيم فعّالة في احتواء تفشي شلل الأطفال، يجب أن تصل الجرعة الأولى من اللقاح إلى 90% من هؤلاء الأطفال و640,000 طفل آخرين في غزة تحت سن العاشرة. ويجب تحقيق ذلك بسرعة لوقف انتقال الفيروس قبل أن ينتشر أو يتحور.

وقال كريكس: "من الضروري للغاية أن تُنفذ حملة التطعيم في غضون أيام قليلة - من خمسة إلى سبعة أيام هو ما نطلبه".