سلطت وسائل الإعلام الإسرائيلية، الأضواء على شهادات تؤكد ارتكاب عدد من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي تعذيب جنسي واغتصاب بحق أسير فلسطيني، إذ حاولت المقالات والتحليلات الإسرائيلية المنشورة، تغطية تداعيات الاعتداء الجنسي على المستوى الداخلي والخارجي.
وقال الطبيب الإسرائيلي يوئيل دونحين في حديث مع صحيفة "هآرتس" الإسرائيلي، الذي عاين الأسير الغزّي الذي تعرض لاعتداءات جنسية شديدة على يد جنود الاحتياط في جيش الاحتلال، إنه "لم يكن يعتقد أن سجانًا إسرائيليًا سيفعل شيئًا كهذا".
بعض التحليلات الإسرائيلية لم تتطرق بتاتًا للاعتداءات الجنسية في معسكر اعتقال سديه تيمان وناقشت الجوانب الداخلية لاقتحام المعسكر
وبحسب المعلومات التي تلقتها "هآرتس"، فإن المعتقل في معسكر سديه تيمان، أصيب بتمزق في الأمعاء، وإصابة بالغة في فتحة الشرج والرئتين، وكسور في الأضلاع، ونقل إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية.
وأضاف البروفيسور يوئيل دونحين: "إذا كانت الدولة وأعضاء الكنيست يعتقدون أنه لا يوجد حد لإساءة معاملة السجناء، فليأتوا ويقتلوهم بأنفسهم مثل النازيين، أو ليغلقوا المستشفى. وإذا أقاموا المستشفى داخل السجن من أجل استخدام ذلك في الدفاع عن إسرائيل أمام محاكم لاهاي فهذا ليس بالأمر الجيد".
وأكد أور هيلر، مراسل الشؤون العسكرية في القناة الـ13 الإسرائيلية، أن التحقيقات تكشف عن تعرض أسير لتعذيب جنسي قاسٍ وجماعي، وأوضح: "قبل نحو شهر أدخل الأسير إلى المستشفى وهو مصاب بجروح خطيرة جدًا، بل حرجة، وشخص الأطباء أنه تعرض لتعذيب قاسٍ، لتعذيب جنسي، بل لتعذيب جنسي جماعي. هذه هي الشبهة الحالية، وقيل إن هناك أدلة قاطعة وسيتم الكشف عنها كما يبدو لاحقًا. وسبق أن حذرت الأجهزة الأمنية كثيرًا من أنه لا يمكن الاستمرار في احتجاز معتقلين في سديه تيمان في ظل ظروف الاعتقال هناك. حاليًا، هناك 75 قضية مفتوحة لدى الشرطة العسكرية ضد جنود الجيش بسبب مخالفات ارتكبت خلال الحرب، من بينها 30 حالة وفاة في قاعدة سديه تيمان".
وقدم غاي بليغ، محلل الشؤون القضائية والشرطية في القناة الـ12 الإسرائيلية، توضيحًا حول بداية التحقيق في تعذيب أحد الأسرى، قائلًا: "هذا التحقيق بدأ قبل ثلاثة أسابيع بعد أن نزف أحد الأسرى بشكل غزير، ونقل إلى المستشفى وخلص التشخيص الطبي بشكل قاطع إلى أنه أصيب بجروح لا يستطيع أن يتسبب بها لنفسه".
وحول اقتحام معسكر الاعتقال سديه تيمان، قال: "انتشرت مقاطع الفيديو لوصول محققي الشرطة العسكرية إلى سديه تيمان بسرعة على الإنترنت، وإثرها سارع مدنيون وأعضاء كنيست ووزراء إلى المكان، بل إنهم قاموا باقتحام القاعدة، ولاحقًا توجهوا إلى معسكر بيت ليد حيث يتم التحقيق مع المشتبه بهم، وحاولوا اقتحامه أيضًا".
واعتبر بيليغ أن اغتصاب الأسير ليست استثناء في سجن سديه تيمان بل أن الحديث يدور عن مشكلة مزمنة: "في سديه تيمان هناك مشكلة، وهذه المشكلة ليست جديدة، ويمكن أن نكشف هذا المساء أن خلال أيام قليلة ستقدم النيابة العسكرية لائحة اتهام خطيرة جدًا ضد جندي احتياط آخر قام بتصوير نفسه وصوره آخرون وهو يعتدي على عدد كبير من الأسرى وهم مقيدون، اعتداءات قاسية جدًا، بل إن بحوزة النيابة العسكرية مقاطع فيديو قال من شاهدها إنها تتضمن توثيقًا قاطعًا لأقسى درجات العنف".
الاعتداءات الجنسيّة في معسكر اعتقال سديه تيمان.. ماذا قال الضحايا من أسرى #غزة؟ تابع/ي 👇
👈 اقرأ/ي التفاصيل الكاملة من هُنا:https://t.co/XjNIhvNoUx pic.twitter.com/tgj6AOePh4
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) July 30, 2024
ووصف ألون بن دافيد، محلل الشؤون العسكرية في القناة الـ13 الإسرائيلية، ما قام به جنود الاحتلال بـ"الاغتصاب"، قائلًا: "نقوم بإدانة قيام حماس في كل العالم بعمليات اغتصاب، ويقوم جنودنا بزيهم العسكري بالاغتصاب".
واختار التلفزيون الإسرائيلي الرسمي (قناة كان)، التركيز على الانعكاسات الداخلية والخارجية لاحتجاجات أعضاء الكنيست دعمًا للجنود الذين ارتكبوا جريمة الاغتصاب، حيث أشارت تمار ألموغ، محللة الشؤون القضائية في قناة كان: إلى أن "الأنظار تتجه للداخل، تجاه ما يحدث في الجيش، وأيضًا تجاه الخارج، فإن لم يقوموا بالتحقيق هنا، فسيجرى التحقيق في الخارج، وهناك إجماع لدى المسؤولين القضائيين وأيضًا خارج الجيش على أن صور الاحتجاجات والفوضى لممثلي الجمهور الذين ذهبوا وشاركوا بها قد تورط إسرائيل أكثر".
وعلق ميكي بارئيل، القائد السابق للشرطة العسكرية الإسرائيلية، على تداعيات دولية محتملة للصور والاقتباسات المتعلقة بالتحقيقات والتظاهرات الداعمة للجنود مرتكبي الاغتصاب: "غدًا سيكون بإمكان قاضٍ في محكمة لاهاي استخدام هذه الصور، كما تم استخدام اقتباسات القادة السياسيين، وسيتم عرض هذه الصور والقول على هذا النحو تتصرف دولة إسرائيل".
وتوقع رفيف دروكر، المحلل السياسي في القناة الـ13 الإسرائيلية، أن تنتهي قضية اغتصاب الأسير الفلسطيني بنهاية تشبه نهاية قضية الجندي الذي أعدم الشهيد عبد الفتاح الشريف أمام الكاميرات رغم أنه كان فاقدًا للقدرة على الحركة، مستعرضًا ما وصفه بتأثير قضية اليئور عزاريا على النظام العسكري الإسرائيلي، بالقول: "التأثير القمعي في قضية اليئور عزاريا حينما قام كل ممثلي الجمهور بما لم يتجرأوا على القيام به سابقًا، بمن فيهم رئيس الحكومة الذي اتصل بوالدي اليئور عزاريا وعبر عن دعمه لهما، دفع النظام العسكري إلى القول إنه لن يتعامل مع مثل هذه القضايا أبدًا، والنتيجة المباشرة لذلك أوصلتنا إلى محاكم لاهاي، حيث توقف الجيش عن محاكمة الجنود الذين يقتلون الجرحى الفلسطينيين، ونتيجة لذلك محاكم لاهاي تتساءل ماذا فعل قضاء إسرائيل بملفات قتل الجرحى الفلسطينيين".
ووجه رفيف دروكر نقدًا لرد الفعل السياسي والمؤسسي الإسرائيلي تجاه التحقيقات حول التعذيب والاغتصاب، بالقول: "لا توجد منظومة لديها مناعة ضد فيروس هؤلاء المسيانيين [الخلاصيين]. تحقيقات الشرطة العسكرية بشبهة اغتصاب أسير حولوها إلى هجوم على الجنود، وأصبحت المدعية العسكرية العامة خائنة، ورئيس الحكومة تلكأ لعدة ساعات قبل أن يرد، والسياسيون الشعبويون مثل يولي إدلشتاين وأفيغدور ليبرمان ركبوا الموجة. الجيش توقف عن التحقيق في إعدام الأسرى بعد إصابتهم منذ قضية اليئور عزاريا (أعدم مصابًا في الخليل) وهذا قادنا إلى محاكم لاهاي، والآن سيدفع المختطفون الثمن. هذه صور لدولة طور الانهيار".
بدوره، قال المعلق السياسي في صحيفة "معاريف" بن كسبيت: "ها قد انقلب السحر على الساحر، ومن زرع الريح يحصد الآن إعصارًا، ومن ركب على النمر، يجد نفسه اليوم وجبة عشاء له، والمرء حينما يطلق جنيًا من قمقم، فإنه يفقد السيطرة عليه".
وأضاف: "لطالما تباهى نتنياهو قائلًا إننا على مسافة رمية حجر من النصر المؤزر، وها قد اكتشفنا أمس أننا على مسافة رمية حجر من حرب أهلية، حينما اجتاحت الجموع، التي كان بعضها مسلحًا، قاعدة عسكرية؛ فقد اقتحم أعضاء كنيست قاعدة عسكرية، وهدرت مجموعات على تطبيقَي واتساب وتليغرام مؤيدة لنتنياهو دم ممثلة النيابة العسكرية العامة، ونشرت فتوى ضدها، وطالبت بطردها إلى غزة. كل ذلك يجعل نصر الله، والسنوار، وأمثالهم بلا أهمية كبيرة، ولو كنت أنا عضوًا في حزب الله، لَكنت سأخرج اليوم إلى عطلة صيفية كاملة، كما فعل أعضاء الكنيست، لأن اليهود هم من سيقومون بتفكيك دولتهم"، وفق قوله.
المقال الذي لم يذكر أي كلمة عن الاعتداء الجنسي، ختم بالقول: "إسرائيل ليست على شفا الفوضى، إنما هي في معمان الفوضى، ومقاطع الفيديو التي يظهر فيها عشرات ومئات المواطنين وهم يحاولون كسر بوابات القواعد العسكرية، في الوقت الذي يقف فيه الجنود المرتبكون في الجانب الآخر في محاولة لمنعهم، هي رمز تفككنا".