السلطة الفلسطينية.. فشلت حتى في زراعة البطيخ
3 يونيو 2016
المعروف في الحالة الفلسطينية أنّ السّلطة قدّمت نموذجًا عالميًا في الفساد وسوء الإدارة وهدر المال العام، وعلى ما يبدو أن السلطة تريد تقديم نموذجًا آخر في الجهل وعدم المعرفة حتى بتاريخ هذه البلاد، التي منذ وجدت كانت بلادًا تزرع البطيخ والعنب والبرتقال، حتى أن أصحابها الأوائل، حسب المؤرخين، هم أول من قام بتقديم النبيذ والعرق إلى العالم.
أن يذهب وفد زراعي فلسطيني لزيارة مزارع البطيخ "الإسرائيلية" مسألة تتجاوز السياسة، وتتصل بما لا يتغير من القيم
مرد هذا الحديث أنّ وزارة الزراعة الفلسطينية قامت مؤخرًا، برفقة مزارعين وتجار، بتنظيم زيارة إلى مزارعين إسرائيليين يزرعون البطيخ من أجل الاطلاع على سرّ إنتاجهم لبطيخ حلو ولذيذ! بحجة التأكد من أن البطيخ "الإسرائيلي" لا يروى بالمياه العادمة.
اقرأ/ي أيضًا: الإعدام في فلسطين.. الجدل الساخن والمهم
الغريب في الأمر أن الوفد تعرض للطرد من قبل مزارع إسرائيلي، يعرف في أوساط تجار الفاكهة الفلسطينين بزارعته للبطيخ كل سنة. في الحقيقة ما قاله المزارع للوفد بالضبط: إن هذا الماء الذي يُروى به البطيخ أكثر نقاءً من الماء الذي يشربه الفلسطيني في بيته.
تشكيل الوفد، ومن ثم الحادثة بعد ذلك، تأتي بعد موجة من الأحاديث الفلسطينية المعلنة حول طبيعة العلاقة مع إسرائيل، ووجوب مقاطعتها في المرحلة القادمة. اللافت في الأمر أن هذه الممارسات وأخرى غيرها شبيهة بها أو مثلها، تخلع عن الخطاب الرسمي الفلسطيني ثوب العفة الذي يشتبث به وبخيوطه التي نسجها في غرفة الضحية وأروقتها.
أن يذهب وفد فلسطيني رسمي إلى إسرائيل شيء، وأن يذهب وفد زراعي لزيارة مزارع البطيخ الإسرائيلية، من أجل الاطلاع بالتجربة الساحرة في زراعة البطيخ شيء آخر تمامًا، فهذه مسألة تتجاوز نزوعات السياسة وشروحاتها، وتتصل بما لا يتغير من القيم التي شكلت وتشكل الهوية الفلسطينية الحديثة، وطبيعة علاقتها مع الاحتلال.
ماذا يعني أن نذهب لنتعلّم الزراعة مِنْ مَن يحتلنا وكأننا لم نزرع البطيخ يومًا؟
المسألة الأخرى، إن حادثة الطرد وما قيل للوفد خلالها، تقدّم صورة عن طبيعة العلاقة التي يراد لها ان تكون بين الفلسطينين وجيرانهم الإسرائيليين، شعب بلا خبرات زراعية أو اقتصادية، مقابل شعب يمتلك الخبرات والمقومات لزارعة الأرض وتطويرها، أي بصورة أو بأخرى، تأكيد الدعاية الصهيونية، شعب بلا أرض لأرض بلا شعب.
في الحقيقة، الذي رسم طبيعة العلاقة الاستعلائية هذه، هي السلطة الفلسطينية بأجهزتها ووزارتها، كما أن المسؤول عن تراجع الكثير من الأخلاقيات والقيم التي حكمت النضال الفلسطيني طوال العقود الماضية، هي منظمة التحرير، فالكثير من هذه القيم عرضة للانحسار الآن، إن لم تنحسر وتختفي فعلًا، والذي بنى هذا الواقع القائم على شروط مضادة للطبيعة -طبيعة أن هناك شعبًا مُحتَلًا من اللصوص والقتلة- هو السلطة الفلسطينية.
حقًا، ماذا يعني أن نذهب لنتعلم زراعة البطيخ منْ مَن يحتلنا وكأننا لم نزرع البطيخ يومًا؟
اقرأ/ي أيضًا:
الكلمات المفتاحية

الأرض مقابل الاستسلام.. نتنياهو مبشرًا بـ"الشرق الأوسط الجديد"
ما لا يقوله نتنياهو صراحة، ربما يقوله سموتريتش، الذي تحدث بشكلٍ متكرر عن "العقاب" بالأرض

لجان التحقيق في "إسرائيل": أداة للشفافية أم وسيلة للتهرب؟
تواجه لجان التحقيق الرسمية في "إسرائيل" انتقادات بأنها وسيلة لتنفيس الضغط الشعبي. ورغم تشكيل لجان بارزة إلا أن محاولات عرقلة تشكيل لجان جديدة، كما حدث بعد 7 السابع أكتوبر، يثير التساؤلات

ميتا…إلى اليمين دُر!
لم تكن التغييرات في سياسات وإدارة المحتوى على منصات ميتا، التي أعلن عنها مارك زوكربرغ، استجابةً للمطالب الحقوقية المتزايدة، بل جاءت في سياق التماشي مع التحولات السياسية في الولايات المتحدة بعد فوز دونالد ترامب برئاسة البلاد

صور | رمضان في غزة بلا مساجد
استهدفت صواريخ الاحتلال المساجد في قطاع غزة بشكل مباشر، بما في ذلك قصفها على رؤوس المصلين، وتعرضت مساجد أثرية، مثل المسجد العمري الكبير، للتدمير، ووثّق جنود الاحتلال بهواتفهم إحراق المصاحف وتدنيس المساجد

المحكمة العليا الإسرائيليّة تجمّد قرار إقالة رئيس الشاباك مؤقتًا
أصدرت العليا الإسرائيلية أمرًا مؤقتًا بتجميد قرار إقالة رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، بعد تقديم التماسات من المعارضة وجمعيات مدنية، وقد منعت المحكمة تعيين بديل له حتى النظر في الالتماسات

الرئيس الأسبق للمحكمة العليا: "إسرائيل" على حافة الحرب الأهلية
حذر القاضي أهارون باراك من خطر انزلاق إسرائيل نحو حرب أهلية بسبب التوترات الداخلية المتفاقمة، ودعا إلى التهدئة والتفاوض لتجنّب العنف، منتقدًا محاولات إقالة مسؤولين كبار

بعد 48 ساعة من بداية العدوان.. نتنياهو طلب تدمير المنازل وقصف كل غزة
كشف الصحفي الإسرائيلي، ناحوم برنياع، عن حوار بين رئيس أركان جيش الاحتلال السابق، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، طالب خلاله نتنياهو في تدمير قطاع غزة