عقب مقتل ثلاثة مستوطنين إسرائيليين في عملية طعن يوم الجمعة الماضي (21 تموز/يوليو)، قرب مستوطنة حلميش شمال غرب رام الله، ثارت نقاشات عدة على وسائل التواصل الاجتماعي حول مدى "شرعية وإنسانية" عمليات الطعن التي تستهدف المستوطنين خاصة "المدنيين" منهم، في إشارة إلى التفرقة بين الحكومة الصهيونية وبين والشعب الصهيوني ومدى "شرعية القتل خارج القانون خصوصًا لو كان المستهدف مدنيًا أعزل". ولكن هل يمكن موضوعيًا، الفصل بين الحُكّام والمحكومين في إسرائيل؟
أرى أنّ هناك زاوية ربما تكون بعيدة قليلًا عن الجدل المطروح حول طبيعة "المواطن الإسرائيلي"، ولكنّها أيضًا في القلب من هذا الجدل ولو بشكل غير مباشر.
فالخطاب الذي يحاول الفصل بين "المواطن الإسرائيلي الأعزل" وبين الحكومة الصهيونية وجيش الاحتلال الصهيوني، أحد مصادره هي الأطروحات الستالينية وبعض حلقات الأممية الرابعة، ورؤيتها لدور الطبقة العاملة الإسرائيلية المسالمة في عملية التغيير في الشرق الأوسط، عبر التعاون مع الطبقة العاملة العربية ككل، وأن خلق صراع بينهما هو تفتيت للصراع الطبقي وانتصار للبرجوازية.
الطبقة الإسرائيلية العاملة، تشكّلت عبر عملية استعمار الأراضي والمساكن الفلسطينية، وإزاحة العامل الفلسطيني، وأصبح بقاؤها وتحسُّن ظروفها مرتبط بالاستمرار في هذه العملية
وهذا الطرح يتغاضى تمامًا عن أن الطبقة العاملة الصهيونية ليست في حالة عداء مع الرأسمالية العالمية، بل على العكس، فدور إسرائيل ككلب حراسة للامبريالية في المنطقة جعل من الطبقة العاملة الإسرائيلية طبقة تموّل بواسطة الامبريالية بدون أن تستغل بواسطتها.
فالكيان الصهيوني هو أكبر من يتلقى الدعم في المنطقة والعالم، فمليارات الدولارات التي تأتي على شكل معونة أمريكية وتحويلات المنظمات الصهيونية بالخارج تجعل من مستوى معيشة العامل الصهيوني على غرار النموذج الشمال أمريكي والاوروبي الغنيّ.
بالإضافة لهذا، فإن الطبقة العاملة الإسرائيلية تشكّلت عبر عملية استعمار الأراضي والمساكن الفلسطينية، وإزاحة العامل الفلسطيني، وبالتالي أصبح بقاؤها وتحسُّن ظروفها مرتبط بالاستمرار في هذه العملية، وليس العكس.
نعم قد يواجه العُمّال الصهاينة تمييزًا على يد نخبة الدولة ذوي الأصول الأوروبية (الأشكينازي)، لكنهم يتوحدون مع هذه النخبة للدفاع عن مزاياهم كإسرائيليين في مواجهة مطالب الفلسطينيين، وبالتالي فكلهم جنود احتياط لجيش الاحتلال.
إنّ كل ما يقدمه هذا الخطاب الذي تطرحه الستالينية وحلقات عدة من الأممية الرابعة بهذه الصيغة الطبقية أو تنويعاتها حول مفهوم الإنسانية، خدمة لليمين يمكّنه من استخدام هذا الخطاب ورسم صورة غير حقيقية عن المجتمع الصهيوني كجزء من عملية تمرير دمج الكيان الصهيوني في عقل العامل العربي والفلسطيني، والتغاضي عن الحقيقة الاستيطانية والاستعمارية لكل حاملي الجنسية الصهيونيّة.
اقرأ/ي أيضًا:
دماء "الهنود الحمر" من أجل غسل ذنوب إسرائيل