10-نوفمبر-2016

في أقصى جنوب الضفة الغربيّة؛ كانت تتربع المدينة الكنعانيّة القديمة "جوشن"، والتي عُرفت لاحقًا باسم "الظاهرية"، نسبة إلى "الظاهر بيبرس" الذي رأى في موقعها، مكانًا استراتيجيًا عمل على تحصينه واتخاذه نقطة انطلاق لمواجهة "الفرنجة".

فيها الكثير من المواقع الأثرية القديمة، منها ما يعود للعهد الروماني، لكنّها تعاني عزوفًا من السيّاح، عن زيارتها!  

في جزئها الجنوبيّ تحديدًا؛ تتربّع البلدة القديمة من الظاهرية التي تحوي نسيجًا معماريًا مكونًا من نحو 972 مبنىً قديم، يفصل بين شقيّها الشارع الرئيس، منها 32 مبنىً أثري تتنوّع بين (حصن، مسجد، كنيسة، مقام، قلعة، قصر)، ويعود تاريخها لما قبل عام 1700 للميلاد.

بلدة الظاهرية التي تبعد عن الخليل نحو 23 كيلومترًا، فيها نحو 2.5% من تراث فلسطين المعماري، وفق ما يقول مدير بلديّتها عزمي رضوان لـ "ألترا فلسطين"، مشيرًا إلى أنّه تم ترميم عدد كبير من هذه المباني التراثية بتكلفة مليوني دولار، تكفّلت بها مؤسسات مانحة، منذ عام 2007.

تجاوز عدد سكّان البلدة في آخر إحصائية قبل سنوات، 30 ألف نسمة، وتصل مساحتها 120 ألف دونم 

الأبنية التراثية والأثرية في البلدة، تتوزع على عدة حارات وأزقة ومنها، حارة وسط البلد، أبو الروازن، والقيصرية (نسبة للقصر الموجود فيها)، وعقبة الحامض. وتتوزع هذه الحارات إلى عدة أحواش للعائلات الساكنة فيها؛ كحوش الرباع الذي أصبح جزء منه مقهى مع ساحة عامة كبيرة، وحوش دار الطل الذي يتوسط منطقة الخوخة، ويحدُّه من الشمال منطقة الحصن، والسوق التجاري جنوبًا، والذي يتميز بتصميمه وجمال تكوينه.

من شوارع الظاهرية

استخدامات هذه التشكيلات المعمارية، متنوعة، فمنها ما كان يستخدم كمضافات أو دواويين، وجوامع، ومنها ما كان مدرسة وعصّارات للزيتون (البدود)، بالإضافة لاستخدامها كمساكن ودكاكين. ويظهر في ثنايا هذا النسيج التاريخي مجموعة من السقايف والمغر والطوابين التقليدية.عدا عن عدد من المقامات؛ كمقام أبو خروبة، والمسجد العمري، ومقام أبو الفصل، ومقام الغماري، ومقبرة ومقام أبو دبور.

ومن المباني الأثرية الموجودة في الظاهرية؛ حصن القيسرية الروماني، الموجود وسط البلدة، والذي تشير بعض التقديرات إلى أنّ عمره يصل ألفيّ عام، حيث كان يستخدم كقاعدة عسكرية في زمن الإمبراطوريّة الرومانيّة، وهو عبارة عن سور مكوّن من حجارة ضخمة ومشذّبة جيّدًا، بحسب ما ورد في تقرير لبلدية الظاهرية، ويعدُّ من أبرز المعالم في البلدة القديمة، بمساحة 540 مترًا مربعًا، ويتكون من طابقين وساحة مستطيلة.

دكاكين بلدة الظاهرية

المتجول بين أزقة البلدة القديمة سيلاحظ الانسجام بين مبانيها، والرتابة، حيث تتلاصق الأحواش مع بعضها، وتتوحد الدكاكين في صف واحد في منطقة السوق القديم، ويغلب الشكل شبه الكروي على أسقف المباني فيها.

أمّا تحت أرض تلك البلدة؛ فيظهر انتشار الكهوف والمغر التي سُكنت منذ آلاف السنوات، وهُنا يدعو مدير البلدية الجهات المختصّة لاستكشاف تاريخ هذه المغر والكهوف، والتنقيب عن آثارها.

مبنى شركة الكهرباء بلدية الظاهرية

المُسنّ محمد هوارين، الذي طوى 78 عامًا من سنوات عمره، يسترجع ذكريات طفولته في بلدته القديمة، حين كانت مقرًّا لعدد من السلطات التي حكمت فلسطين قبل الاحتلال الإسرائيلي، حين كانت تتخذ من "المقاطعة/ مقرّ شرطة الظاهرية حاليًا"، مقرًّا لها. ولا ينسى "جنود الإنجليز" وهم يتجوّلون في بلدته ركوبًا على الأحصنة، بحثًا عن "مطلوبين".

محمد الهوارين من أهل الظاهرية

وتشير وزارة السياحة إلى عدد من الأديرة والكنائس التي تدل على عشرات القرى البيزنطية المسيحية التي كانت في تلك المنطقة، ومن أبرزها كنيسة عناب الكبيرة والصغيرة، ورجم اجريدة في منطقة الدير وسط المدينة.

وتحتوي الظاهرية على عدة خرب أثرية أيضًا، كخربة زنوتا وخربة عناب الكبيرة نسبة إلى قرية Anap الرومانية، التي احتوت بقايا مدينة وكنيسة، وجدران وبرج حراسة تم تحويله إلى جامع إسلامي في فترة ما، بالإضافة إلى معاصر.

وبالرغم من إدراج الظاهرية ضمن مسار إبراهيم الخليل (مسار سياحي من شمال جنين إلى المسجد الإبراهيمي بطول 321 كيلومتر)، إلا أن الوجه السياحي للظاهرية لم يتضح بعد. فالبلدة بحاجة لبرامج جذب للسياح والزوّار الذين لا يتجاوز عددهم الألف سنويًا، ويرتادونها بهدف البحث والاستكشاف، وفق عزمي رضوان مدير البلدية.

من مباني بلدة الظاهرية

وخصصت البلدية، أحد المباني المرممة في البلدة القديمة، كنزل للباحثين والزوّار، يجدون فيه أبسط ما يحتاجون خلال زيارتهم.

بالمصادفة، تزامن وجودي في الظاهرية، مع وفد فرنسيّ كان في زيارة لها، للاطلاع على تاريخها وأثارها، وقالت إحدى المشاركات إنّها فوجئت بالمباني والآثار التاريخيّة الموجودة، مشيرةً إلى أنّ الظاهرية لا تقل أهميّة سياحية وتاريخيّة عن مناطق في بيت لحم والخليل والقدس.

فيما أبدى شاب فرنسيّ آخر كان ضمن الوفد، استغرابه من عدم وجود اهتمام أكبر من الجهات المحليّة والمختصة، بمباني البلدة القديمة، والمهجورة.

وكبادرة لإحياء هذه المباني القديمة، تتخذ عدد من المؤسسات الحكومية والأهلية والخاصة منها مقرّات لإنعاش الحركة فيها، بعدما هجرها عدد من سكانها، وانتقلوا إلى أطراف المدينة، فتجد فيها مقرًّا للمحكمة الشرعية، ومديرية الداخلية وشركة الكهرباء، وجمعية للمعاقين وغيرها.

مدير مديريّة وزارة السياحة، في الخليل أحمد الرجوب، قال لـ "ألترا فلسطين" إنّ وزارته تضع مجموعة خطط وإجراءات لتنشيط السياحة في محافظة الخليل، والتي تقع ضمن المربع السياحي الذهبي الذي يشمل أيضًا القدس، بيت لحم، وأريحا.

أمّا بخصوص جنوب الخليل والظاهرية تحديدًا، فتقول الوزارة إنّها عقدت اتفاقية مع الفرنسيين، لتطوير السياحة في الظاهرية وعدة مناطق في محيطها تابعة لدورا، مثل بيت مرسم والبرج ورابود، ويستمر لثلاث سنوات.

المباني القديمة في بدة الظاهرية

الفرن القديم في بلدة الظاهرية

من آثار بلدة الظاهرية

من آثار بلدة الظاهرية 3

من آثار بلدة الظاهرية 4

من آثار بلدة الظاهرية 1

السوق القديم في بلدة الظاهرية

شركة الكهرباء في بلدة الظاهرية سيلكو

 

زقاق في بلدة الظاهرية

 

من آثار بلدة الظاهرية 5

 

نزل في بلدة الظاهرية

 

جمعية بلدة الظاهرية

 

ديوان قاضي القضاة

 

من آثار بلدة الظاهرية 2