05-أبريل-2024
أمنيات أطفال غزة في يوم الطفل الفلسطيني

"حلمي أرجع ع دارنا" .. كانت هذه الأمنية الأكثر تكرارًا على ألسنة أطفال قطاع غزة النازحين في الخيام ومراكز الإيواء بمدينة رفح الملاصقة للحدود الفلسطينية المصرية جنوب قطاع غزة.

لقد تركت الحرب الإسرائيلية الضارية والمستعرة منذ ستة شهور أثرها الثقيل على أطفال غزة وأحلامهم الغضة كأعمارهم، وقد فتكت بهم آلة القتل والدمار، وخطفت أرواح عشرات الآلاف منهم، فيما باتت حياة مئات آلاف الأطفال في مهب الريح، ويعصف بها الخطر في كل لحظة وحين.

تقول ريهام أبو جليدان (14 عامًا): "الحرب قلبت حياتنا"، وهذه الطفلة واحدة من أطفال كثر التقى معهم "الترا فلسطين" ليرصد أثر الحرب على حياتهم وأمنياتهم في "يوم الطفل الفلسطيني"، الذي يصادف 5 أبريل/نيسان الجاري.

 

العودة للمدرسة والديار

طالت هذه الحرب على ريهام وتبدلت عاداتها وروتين حياتها اليومي، وبدلاً من الاستيقاظ مبكرًا لتعد نفسها للذهاب إلى المدرسة، باتت لديها مهمة يومية بالمساعدة في توفير المياه، وطعام مجاني من تكية خيرية.

كانت ريهام متفوقة في مدرستها، وتقول: "أحلم أن أصبح طبيبة أعالج أبناء بلدي"، وتتساءل بحرقة: "أين هي المدرسة وأين تعليمنا وحياتنا؟ .. نفسي أرجع لدارنا ومدرستي".

وتشير آخر تحديثات "المكتب الإعلامي الحكومي بغزة" إلى أن آلة الحرب الإسرائيلية قتلت 14500 طفل وطفلة، وألقت بزهاء 17 ألفًا في "خانة الأيتام" بفقدهم الوالدين أو أحدهما، ودمرت كليًا أو جزئيًا أكثر من 400 مدرسة.

الطفلة ريهام أبو جليدان
الطفلة ريهام أبو جليدان

ميار عرفات (13 عامًا) طفلة نازحة مع أسرتها من شمال القطاع إلى مدينة رفح، تشاطر ريهام الشوق إلى المدرسة، وتقول: "اشتقت لمريول المدرسة"، وتقصد الزي المدرسي الذي دُفن مع ملابسها وألعابها وكل محتويات منزل أسرتها، الذي حولته غارة جوية إسرائيلية إلى كومة من الركام.

"لقد حطموا منازلنا ومدارسنا وأحلامنا، وأصبحت مهمتنا المستحيلة هي البحث عن مكان آمن حيث لا أمان في غزة"، بكلمات شبيهة عبرت ميار والكثير من الأطفال عن واقعهم المأساوي تحت وطأة هذه الحرب الإسرائيلية المجنونة.

 

المهندس الصغير

ولم يبلغ الطفل عمرو جبر السادسة من عمره، لكنه يدرك حجم الكارثة التي حلت بالقطاع الساحلي الصغير، بحلمه أن يصبح مهندسًا ليساهم في بناء ما دمرته الحرب، ويقول: "نفسي أن أصبح مهندسًا وأعمر البيوت المدمرة".

الطفل عمرو جابر
الطفل عمرو جابر

عمرو نزح مع أسرته من بلدة بيت لاهيا في شمال القطاع، ويقيمون بخيمة قريبة من الحدود الفلسطينية المصرية بمدينة رفح، ويشعر بالشوق لروضته وأصحابه.

وتقول والدة عمرو إنه يتحدث كثيرًا عن الدمار الذي تسببت به الحرب، ويسأل: "وين الناس بدها تعيش بعد الحرب؟، ومين بدو يعمر البيوت المدمرة؟"، ومن بعدها أصبح يقول إنه يريد أن يصبح مهندسًا كي يعيد إعمار غزة.

 

الجريحة الطبيبة

نجت الطفلة آية الحلو من قصف جوي إسرائيلي وكُتبت لها الحياة مرتين، بعد استهداف منزل أسرتها ومنزل لأقاربها نزحت إليه في شمال القطاع، قبل أن تنزح هذه الأسرة مرارًا من شمال القطاع إلى جنوبه حتى استقر بها الحال بخيمة بمدينة رفح.

الطفلة آية الحلو
الطفلة آية الحلو

خرجت آية (10 أعوام) من هذه التجربة المريرة بجرح غائر وحلم، وتقول: "خضعت لعمليتين جراحيتين لعلاج جروح شديدة أصبت بها في أطرافي، وأصبحت أتمنى أن أصبح طبيبة كي أعالج الأطفال وأبناء شعبي (..) الغارة خطفت أبي وسأعيش يتيمة بقية حياتي".

وتحرم الإصابة بحروق بالغة هذه الطفلة من اللعب مع أقرانها والتعرض للشمس، وتتمنى لو تبرأ منها وتعود إلى بيتها وحياتها الطبيعية وطفولتها.

 

روتين حرب

وانقلبت حياة الطفلة مريم أبو دية (8 أعوام) رأسًا على عقب، وفرضت عليها الحرب روتين حياة قاس، وتقول: "كنت استيقظ مبكرًا، أعد نفسي للمدرسة، أما اليوم فلم تعد هناك مدارس، ولكنني استيقظ مبكرًا لتوفير المياه لأسرتي في الصباح، وقبل المغرب أذهب للتكية الخيرية لجلب بعض الطعام المجاني".

الطفلة مريم أبو دية
الطفلة مريم أبو دية

تحلم هذه الطفلة أن تصبح معلمة، لتعليم أطفال فلسطين، إدراكًا منها لقيمة التعليم في حياة الإنسان، وهي وجميع طلبة المدارس والجامعات في غزة قد حرمتهم الحرب من التعليم، وبات مستقبلهم في مهب الريح.