10-أبريل-2024
ميناء حيدر باشا التركي

بعد أن اتخذت الحكومة التركية قرارها بتوقيف تصدير (54) منتجًا تجاريًا إلى "إسرائيل"، تكون أنقرة قد انحازت لموقفها السياسي الداعم للشعب الفلسطيني على حساب مصالحها التجارية مع الاحتلال الإسرائيلي، فهل يعد ذلك تغييرًا استراتيجيًا في العلاقة التجارية بين البلدين أم أنها مجرد خطوة تكتيكية؟

 تظهر الأرقام حجم تبادل تجاري كبير بين تركيا و"إسرائيل" رغم تراجعه خلال آخر عام بسبب العدوان على قطاع غزة، لكنه يظل أكبر بنحو 13 ضعفًا مقارنة بين حجم التبادل التجاري بين تركيا وفلسطين.

حجم التبادل التجاري بين تركيا و"إسرائيل" شهد تراجعًا خلال العام 2023 مقارنة مع سنوات سابقة

يقول الخبير الاقتصادي د. نصر الكريم لـ"الترا فلسطين" إن القرار التركي له أبعاد سياسية أكثر من كونه ضربة اقتصادية لإسرائيل، مشيرًا إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين كبير، لكنه يظل رقمًا متواضعًا مقابل حجم التبادل التجاري الذي يربط البلدين مع دول العالم المختلفة.

ويضيف: "بكل تأكيد تظل المصالح التجارية لتركيا مع إسرائيل أعلى من مصلحتها مع فلسطين إذا ما تحدثنا عن حجم أرقام التبادل التجاري، لكن لا أتوقع أن يكون هناك أي تداعيات اقتصادية على الخطوة التركية بقدر ما هي تعبيرًا عن موقف سياسي تجاه العدوان على غزة".

ويلفت د. عبد الكريم إلى أن الناتج المحلي لتركيا يصل إلى نحو 800 مليون دولار، وحجم تبادلها التجاري مع العالم 350 مليار دولار سنويًا، بينما الناتج المحلي الإسرائيلي قرابة 530 مليار دولار، وحجم تبادلها التجاري مع العالم يصل أكثر من 200 مليار دولار سنويًا، ما يعني أن حجم التبادل الكلي بين البلدين والبالغ قرابة 13 مليار دولار(حسب تقديراته)  لا يشكل رقمًا ضاغطًا على الطرفين، إذ بإمكان أي منهما إيجاد بدائل تجارية في حالة وجود قطيعة تامة مع الطرف الآخر.

وحسب بيانات صادرة عن هيئة الإحصاء التركية اطلع "الترا فلسطين" عليها يتبين أن حجم التبادل التجاري بين تركيا و"إسرائيل" شهد تراجعًا خلال العام 2023 مقارنة مع سنوات سابقة، إذ بلغ حجم الصادرات التركية إلى "إسرائيل" قرابة 5.42 مليار دولار نزولاً من 7.03 مليار دولار في عام 2022 و 6.35 مليار دولار في عام 2021. بينما بلغ حجم الواردات التركية من "إسرائيل" نحو 2.4 مليار دولار مع نهاية العام الماضي.

وتظهر الأرقام فجوة شاسعة بين حجم التبادل التجاري بين تركيا و"إسرائيل" مقارنة مع حجم التبادل التجاري التركي الفلسطيني، ورغم ذلك تحتل تركيا المرتبة الثانية من حيث الواردات الفلسطينية بعد الواردات من "إسرائيل"، والمصدّر الأول من حيث التبادل التجاري مع دول العالم الخارجي.

الصادرات التركية إلى فلسطين ارتفعت في العام 2022 بنسبة 48 % مقارنة مع العام 2020 وبنسبة 15 % كمتوسط سنوي

وكان وزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني محمد العامور قد رحب بقرار وزارة التجارة التركية بتقييد تصدير 54 منتجًا إلى إسرائيل اعتبارًا من تاريخ 9 نيسان الجاري.

وقال العامور "إن قرار الحكومة التركية يؤكد على موقف تركيا، رئيسًا وحكومة وشعبًا، المستمر في دعم الشعب الفلسطيني والمساعي الحثيثة التي تبذل لإجبار حكومة الاحتلال على وقف الإبادة الجماعية التي تنفذها منذ 7 أكتوبر 2023". واعتبر العامور القرار التركي خطوة في الاتجاه الصحيح لتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي ومحكمة العدل الدولية بشأن الوقف الفوري لإطلاق النار وتقديم المساعدات والإغاثة لأبناء شعبنا في قطاع غزة.

وحسب بيانات صادرة عن وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطيني يتبين أن الصادرات التركية إلى فلسطين ارتفعت في العام 2022 بنسبة 48 % مقارنة مع العام 2020 وبنسبة 15 % كمتوسط سنوي. 

وتبلغ حجم الواردات الفلسطينية من تركيا نحو مليار دولار سنويًا مشكلة بذلك ثاني أكبر مصدر للتوريد بعد "إسرائيل" بينما تحتل الصين ثالثة بنحو 800 مليون دولار سنويًا. مع العلم أن حجم التبادل التجاري بين فلسطين والعالم الخارجي بلغ في نهاية العام 2022 نحو 9.78 مليار دولار . فيما بلغ حجم الواردات إلى فلسطين نحو 6.42 مليار دولار أكثر من 60% منها مصدرها إسرائيل، لكن معظمها يتعلق بمصادر الطاقة مثل الكهرباء والمحروقات.

وجاء في بيان صدر عن وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس أنه "في أعقاب الخطوة الأحادية التي اتخذتها تركيا"، أوعز وزير الخارجية، للقسم الاقتصادي في الوزارة، بإعداد قائمة من المنتجات التي ستمنع إسرائيل استيرادها من تركيا.

بدوره، استبعد د. سامي ميعاري المحاضر في جامعتي تل أبيب وأوكسفورد ومدير عام المنتدى الاقتصادي العربي أن يكون هناك تغييرًا استراتيجيًا في العلاقة التجارية بين تركيا وإسرائيل حتى بعد القرار التركي الأخير.

ويقول: "التجارب أثبتت أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين قوية حتى في أسوأ الظروف السياسية بينهما"، مستبعدًا حصول قطيعة تجارية بينهما على نطاق واسع.

ويضيف: "إسرائيل تمتلك بدائل فيما لو قررت تركيا قطع العلاقات التجارية"، مشيرًا إلى أن مصلحة الطرفين تقتضي الإبقاء على التبادل التجاري بينهما خاصة أن الاقتصاد التركي يمر بمرحلة حساسة.