على مدار سنوات طويلة، كانت العمليات الشهيرة لوحدة هيئة الأركان الإسرائيلية "سييرت متكال" صاخبة، ولكن وحدة النخبة هذه لم يتم إنشاؤها لتحرير رهائن، أو تنفيذ عمليات ضد الفدائيين الفلسطينيين، بل من أجل التجسس، وكان الهدف تحديدًا أكبر أعداء إسرائيل بعد إقامتها، وهي مصر.
رئيس حكومة الاحتلال الأسبق إيهود باراك، كان من القادة الأوائل للوحدة، يوضح في كتابه الجديد العمليات الأولى التي نفذتها الوحدة، ويصف نجاحها في زرع أجهزة تنصت فعالة تستهدف الجيش المصري خلال حرب 1996 وبعدها. ومن أجل التغطية على وجود ذلك الجهاز، تم اختلاق معلومة حول جاسوس في الصفوف المصرية.
معلومات سرية عن تجسس إسرائيل على الجيش المصري لسنوات خلال ستينات وسبعينات القرن العشرين، يكشفها إيهود باراك
وفي كتابه؛ يصف باراك بالتفصيل، لأول مرة، العمليات الاستخباراتية التي شارك فيها طوال سنوات عديدة، واعتُبرت الأكثر سرية لعقود، ومن أهمها التجسس على الجيش المصري في عمق شبه جزيرة سيناء، وقد مهدت بعض تلك العمليات لانتصار إسرائيل في حرب حزيران "النكسة"، وكان من الممكن أن تمنع "كارثة حرب رمضان" عام 1973.
اقرأ/ي أيضًا: كيف تجسس الإسرائيليون علينا في المقاهي؟
يشرح باراك المهمة التي قادها بنفسه ضد الجيش المصري مبينًا أن الجبهة السورية لم تكن مصدر القلق الرئيس لـ إسرائيل في الستينيات. يقول: "مصر كانت تملك أكبر جيش عربي، والتنصت على الجيش المصري في عمق سيناء يتطلب جهازًا أكبر وأقوى بكثير، وليس جهازًا يمكن حمله على ظهر جنود الكوماندوز".
في ذلك الوقت، تسلم "سلاح الجو" في جيش الاحتلال الإسرائيلي أول مروحيات نقل كبيرة من طراز سيكورسكي S-58s، وتقرر أن العملية الأولى لوحدة "سييرت متكال" سيتم تنفيذها بواسطة المروحيات.
يبين باراك، أن معظم المعلومات حول برنامج التنصت على الاتصالات المصرية لا تزال سريّة، لكنه رغم ذلك يقدم في كتابه الكثير من التفاصيل الجديدة، بما في ذلك حقيقة أن المخططين تشاوروا مع الجيولوجيين لتحديد ما هي أفضل الأماكن لوضع أجهزة التنصت، وما هي الأساليب التي تم تطويرها لإخفائها عن أنظار جنود الصحراء المصريين.
اخترعت إسرائيل قصة جاسوس لها في الجيش المصري للتغطية على أجهزة تنصت تستخدمها في التجسس
نفذت وحدة النخبة عمليتها تلك مطلع عام 1964، من خلال ربط جهاز التنصت الإسرائيلي بخط الاتصالات المصري وإخفائه، وذلك بمصادقة رئيس أركان جيش الاحتلال الجديد آنذاك إسحق رابين. هذه العملية أعقبتها عمليات مشابهة أخرى، سمحت لمخابرات الاحتلال بالحصول على صورة واضحة عن تحركات الجيش المصري، لدرجة أن جيش الاحتلال اخترع بعد حرب 1967 قصة عميل إسرائيلي في الجيش المصري، لشرح كيفية حصول قوات المشاة الإسرائيلية في الحرب على معلومات كاملة عن تحركات العدو، والتغطية على حقيقة التنصت.
ويشرح باراك في كتابه، الذي يحمل عنوان "بلادي، حياتي: القتال من أجل إسرائيل، البحث عن السلام"، تفاصل عملية شارك فيها لتركيب معدات تنصت، وقعت في أوائل السبعينيات. هذه العملية، تخللها هجوم على منشآت مصرية بالمروحيات من أجل إخفاء المهمة الحقيقية.
حلّقت طائرات الاحتلال المروحية فوق قناة السويس، وكما في مهام سابقة، اكتشف فريق باراك أن تركيب جهاز التنصت وإخفائه كانا أصعب بكثير من المتوقع. يقول باراك عن العملية: "للمرة الأولى منذ أن قمنا باحتلال سيناء، حصلت إسرائيل مرة أخرى على اتصالات في بث مباشر من داخل مصر".
اقرأ/ي أيضًا:
برامج تجسس إسرائيلية تُباع لدول عربية