25-أكتوبر-2024
اليوم التالي للحرب والإمارات.jpg

(Getty)

كشفت تسريبات، عن وثيقة وصفت بأنها "خطة إماراتية لليوم التالي" بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وصلت إلى السلطة الفلسطينية، عبر الولايات المتحدة الأميركية، تتضمن وجود قوات دولية على أرض قطاع غزة، واشتراط "إصلاح السلطة الفلسطينية"، وتسعى إلى تهميش "نفوذ حركة حماس" على المدى البعيد، وفق ما ورد في صحيفة "العربي الجديد".

قال مسؤول فلسطيني رفيع لـ"العربي الجديد" إن "القيادة الفلسطينية لا يمكنها أن تقبل بأي دور إماراتي في قطاع غزّة في اليوم التالي للحرب". وتابع المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، "وصلت إلينا الخطة الإماراتية عبر القنوات الأميركية، وجرى رفضها عبر القنوات الأميركية أيضًا، حيث أبلغنا الولايات المتحدة على نحو مباشر رفضنا لها، في لقاء أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، الإثنين الماضي، بمساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف".

قال مسؤول فلسطيني رفيع لـ"العربي الجديد" إن "القيادة الفلسطينية لا يمكنها أن تقبل بأي دور إماراتي في قطاع غزّة في اليوم التالي للحرب"

وأوضح المسؤول أن ليف طلبت قبل زيارتها رام الله، لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لكنه رفض اللقاء "عندما علم أنه لا يوجد لديها أي جديد"، فيما أبلغها الشيخ برفض عباس للخطة.

وأضاف المسؤول: "أخبرنا الولايات المتحدة أن البديل عن الخطة الإماراتية وحدة الأراضي الفلسطينية الضفة وقطاع غزّة والقدس الشرقية، وأن الولاية السياسية والجغرافية والقانونية واحدة على دولة فلسطين ومنظمة التحرير هي الممثل الشرعي الوحيد، وأن الحكومة الفلسطينية تمارس صلاحياتها ومسؤولياتها على قطاع غزة كما تمارسها على الضفة الغربية، وموضوع اليوم التالي للحرب في قطاع غزة هو شأن داخلي فلسطيني".

ووضعت الخطة الإماراتية شروطًا مسبقة ترى فيها القيادة الفلسطينية "استكمالًا لدور الإمارات الذي يتدخل في الشؤون الفلسطينية الداخلية"، ويسوّق أمام العالم أن السلطة "تعاني من استشراء الفساد وتفتقد المصداقية"، حسب المسؤول الفلسطيني. 

وثيقة اليوم التالي من الإمارات.jpg

ومن أبرز هذه الشروط "أن تخضع السلطة الفلسطينية لإصلاحات، وتظهر الشفافية والمساءلة، لاستعادة المصداقية والثقة بين الشعب الفلسطيني والشركاء الدوليين، وسيُعْتَرَف بها باعتبارها الهيئة الإدارية الشرعية الوحيدة في غزّة، وستشمل هذه العملية تعيين رئيس وزراء جديد وإنشاء لجنة غزّة من خلال مرسوم رئاسي".

وتتضمن الخطة الإماراتية وجود قوات أمنية عربية و"مرتزقة" (متعاقدون عسكريون) ولا يوجد دور فلسطيني مباشر في الأمن في البداية.

وتركز الخطة على إرساء قواعد حكم تحت مظلة السلطة الفلسطينية، على أن تتولى الإمارات بالتعاون مع الولايات المتحدة وعدد من الأطراف الإقليمية الإشراف على تنفيذ الخطة، وضمان التقدم فيها عبر لجنة توجيهية دولية.

وتشترط الخطة، اعتبار السلطة الفلسطينية "الهيئة الإدارية الشرعية الوحيدة في غزة"، فيما تقوم بإصلاحات جذرية تشمل: "الشفافية والمساءلة لاستعادة ثقة الفلسطينيين والشركاء الدوليين"، وأن يصدر مرسوم رئاسي بتعيين رئيس وزراء جديد وإنشاء لجنة خاصة لإدارة شؤون غزة. كما تتطلب من إسرائيل تقديم تنازلات للتقدم نحو حل الدولتين.

واقترحت الخطة وضع بعثة دولية مؤقتة بناء على طلب رسمي من السلطة الفلسطينية لتحل محل الوجود العسكري الإسرائيلي في القطاع، وستشرف البعثة على توفير الأمن وإنفاذ القانون، وستشمل قوات من دول عربية، بما في ذلك أفراد متعاقدون، دون وجود مباشر لأيّ دور أمني فلسطيني في المرحلة الأولى.

وفي سياق تنفيذي، ستُشَكَّل لجنة لإدارة شؤون غزة، تتألف من فلسطينيين يخضعون لفحص دقيق من إسرائيل، وستكون مسؤولة عن الإدارة اليومية وإعادة تأهيل الاقتصاد وتوفير الخدمات الاجتماعية، مع دمج موظفين سابقين من السلطة الفلسطينية إلى جانب موظفين كانوا يعملون تحت حماس، بشرط الموافقة الأمنية من اللجنة وإسرائيل.

كما أكد الاقتراح أن الخطة لا تسعى إلى التوصل لاتفاق جديد مع إسرائيل، ولكنها ستضمن الامتثال للاتفاقيات الأمنية والاقتصادية القائمة، مثل بروتوكول باريس. موضحةً: "سيتم إدارة المخاوف الأمنية الإسرائيلية دون الحاجة إلى إعادة التفاوض".

وحول إعادة إعمار غزة، قالت الخطة: "ستتحمل السلطة الفلسطينية مسؤولية إعادة بناء غزة، مدعومة بدعم مالي من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والجهات المانحة الدولية الأخرى". مضيفةً: "ستركز الجهود على إعادة بناء البنية التحتية واستعادة الخدمات وإعادة إنشاء مؤسسات السلطة الفلسطينية".

أمّا عن المصالحة، فقد قالت: "بدء الحوار بين فتح وحماس لتحقيق توافق في الآراء يضمن قبول حماس للجنة والبعثة الدولية".

وضمن الجدول الزمني للخطوات التنفيذية، تهدف الخطة إلى إصدار مرسوم رئاسي لتشكيل حكومة جديدة للسلطة الفلسطينية، مع تعيين رئيس وزراء جديد، حيث اقترح اسم سلام فياض لتولي هذه المهمة والإشراف على الضفة الغربية وقطاع غزة معًا. وسيتم تكليف الحكومة الجديدة بقيادة الإصلاحات والإشراف على إعادة التأهيل في غزة ضمن خطة إعادة الإعمار.

وتشمل الخطوات أيضًا تشكيل حكومة تكنوقراطية تسعى إلى تنفيذ إصلاحات في هيكل السلطة الفلسطينية، وتقديم السلطة الفلسطينية طلبًا رسميًا لنشر بعثة دولية مؤقتة في قطاع غزة، حيث ستتولى هذه البعثة ضمان استقرار القطاع بعد الانسحاب العسكري الإسرائيلي المتوقع. وتهدف الخطة إلى تمهيد الطريق أمام السلطة الفلسطينية، التي ستبدأ عمليات إعادة الإعمار بدعم مالي من الإمارات والسعودية ودول مانحة أخرى، مع تركيزها على إصلاح البنية التحتية وتقديم الخدمات الأساسية.

وبمجرد تنفيذ الإصلاحات، تهدف الخطة إلى أن تستعيد السلطة الفلسطينية المصداقية السياسية اللازمة للعب دور رئيسي في القطاع، مع العمل على تهميش نفوذ حماس على المدى البعيد.

وثيقة اليوم التالي الإمارات.jpg

إلى جانب الرفض الفلسطيني السابق، أكد المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، في بيان صدر عقب اجتماعه أمس الخميس، على رفضه القاطع للخطة الإماراتية التي تم الحديث عنها بخصوص الأوضاع بعد الحرب على غزة، واصفًا إياها بأنها تعكس دور الإمارات في الهيمنة على الوضع الفلسطيني بما يتماشى مع الرؤية الإماراتية والأميركية والإسرائيلية، مما يمثل خطرًا على وحدة الشعب الفلسطيني ومؤسساته. وحذر من الشروط المسبقة التي تسعى الخطة إلى فرضها، التي تهدف إلى تكريس الوصاية على القرار الفلسطيني.

وأوضح المكتب أن الشروط تهدد شرعية الحكومة الفلسطينية، ويؤدي إلى إنشاء كيان موازٍ لها، مما يزيد من مخاطر فصل غزة عن الضفة الغربية والقدس. وذكر المكتب أن دور اللجنة التوجيهية المؤقتة في مراقبة إصلاحات السلطة قد يتحول إلى دور دائم، مما يعيد الوصاية على القرار الفلسطيني المستقل.

وفي ختام البيان، طالب المكتب السياسي الجهات الرسمية الفلسطينية برفض الخطة الإماراتية بالكامل، مؤكدًا على أهمية منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني. ودعا إلى ضرورة توحيد الموقف الفلسطيني من خلال حوار وطني شامل، يعزز من قدرة الشعب الفلسطيني على مواجهة التحديات الحالية، ويدعم نضاله من أجل تحقيق استقلاله.

خطة اليوم التالي الإمارات.jpg

خطة "اليوم التالي".. رفض وخلاف

قالت القناة 12 الإسرائيلية، أول أمس الأربعاء، إن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، قد رفض الخطة الإماراتية، وأكدت القناة أن أبو مازن أبلغ الولايات المتحدة الأميركية عن معارضته للخطة خلال اجتماع عقده في رام الله مع مساعد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن.

وكان موقع أكسيوس الأميركي قد نقل، الأسبوع الماضي، عن مسؤولين أميركيين قولهم إن وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، يدرس "خطة لما بعد الحرب" تعتمد على أفكار طُوِّرَت بالتعاون بين الاحتلال الإسرائيلي والإمارات. ومن المتوقع أن تُعرض هذه الخطة بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.

وأشار التقرير إلى قلق العديد من المسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية من أن هذه الخطة قد تؤدي إلى تهميش رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وهو ما تسعى إليه كل من "إسرائيل" والإمارات في المدى القريب.

وأكد مسؤولون لـ"أكسيوس"، أن مسؤولين أميركيين بما في ذلك وزير الخارجية أنتوني بلينكن، يعتقدون أن التوصل إلى اتفاق بشأن إطلاق سراح الأسرى ووقف إطلاق النار لن يكون ممكنًا قبل انتهاء ولاية إدارة بايدن. ووفقًا لهم، فإن الخطة الإسرائيلية الإماراتية تمثل "خطة بديلة" محتملة يمكن أن تبدأ في رسم مسار للخروج من الحرب.

ومع ذلك، يُشير مسؤولون آخرون داخل وزارة الخارجية الأميركية إلى أن هذه الخطة تعتبر "غير حكيمة"، حيث تخدم فقط مصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. وأكدوا أن الفلسطينيين من المؤكد سيرفضون هذه الخطة، مما يعزز احتمالية فشلها.