قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، إنه من إجمالي نحو 20 ألف عامل صحي قبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، استشهد 500 منهم في الحرب، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، ويوجد أكثر من 300 منهم رهن الاعتقال الإسرائيلي، بحسب وزارة الصحة في غزة.
وتناولت الصحيفة الأميركية، قصة الطبيب الغزّي خالد السر، الذي تحدث آخر مرة مع عائلته في منتصف آذار/مارس، قبل أسبوع من اقتحام القوات الإسرائيلية للمستشفى في جنوب غزة حيث كان يعمل جراحًا. وقال ابن عمه أسيد السر، وهو طبيب مقيم في الولايات المتحدة: "لم ير أحد أو يسمع عنه أحد بعد ذلك. ولا نعرف حتى ما إذا كان ميتًا أم حيًا".
وبحسب منظمة العفو الدولية، فقد اعتقل الطبيب السر من قبل الجيش الإسرائيلي، مستشهدة بشهادات زملائه في العمل والمعتقلين الفلسطينيين الذين تم إطلاق سراحهم. لكن جيش الاحتلال رفض أن يقول ما إذا كان يحتجزه.
من إجمالي نحو 20 ألف عامل صحي قبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، استشهد 500 منهم في الحرب
وتتابع الصحيفة الأميركية: "لكن قصته ليست فريدة من نوعها. إذ تقول وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 300 من العاملين في مجال الصحة في غزة محتجزون لدى إسرائيل، في حين احتجز آخرون لبعض الوقت ثم أطلق سراحهم. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فقد استشهد 500 منهم في الحرب، من إجمالي عدد وصل قبل الحرب نحو 20 ألف شخص".
وبناء على تقديرات حصيلة ضحايا الحرب، فإن هذا يعني أن العاملين في المجال الطبي استشهدوا واعتقلوا بمعدلات أعلى من سكان غزة عمومًا، وتعلق الصحيفة الأميركية، بالقول: "هي ضربة قاسية لنظام الرعاية الصحية الذي دمرت الحرب مرافقه، ولسكان أضعفهم الجوع ونقص المياه النظيفة وانتشار الأمراض على نطاق واسع".
وقالت منظمة المساعدات الطبية للفلسطينيين، وهي منظمة خيرية بريطانية، في بيان لها: "هذا يعادل في المتوسط مقتل اثنين من العاملين في مجال الرعاية الصحية كل يوم، حيث إن واحدًا من كل 40 عاملًا في مجال الرعاية الصحية، أو 2.5 في المائة من القوة العاملة في مجال الرعاية الصحية في غزة، قد مات الآن".
وقال بعض الأطباء الذين تم إطلاق سراحهم إنهم تعرضوا للتعذيب في السجون الإسرائيلية. كما استشهد آخرون أثناء الاعتقال، وفقًا لجماعات حقوق الإنسان.
واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي مدير مستشفى الشفاء في مدينة غزة الدكتور محمد أبو سلمية قبل سبعة أشهر، بعد أن اقتحمت قوات الاحتلال المستشفى -وهو الأكبر في غزة- بزعم أن مقاتلي حماس يستخدمونه لأغراض عسكرية وأن هناك أنفاقاً تحته، ولم توجه له أي اتهامات.
وقال الدكتور أبو سلمية، الذي أفرج عنه في الأول من تموز/يوليو، في مؤتمر صحفي إنه وآخرين تعرضوا "لتعذيب شديد". وأضاف أن إصبعه قد كُسِر، وتعرض للضرب على رأسه بشكل متكرر.
وكان من بين الأطباء الذين استشهدوا في السجون الإسرائيلية الدكتور عدنان البرش (50 عامًا) رئيس قسم جراحة العظام في مستشفى الشفاء. وقد استشهد البرش في نيسان/أبريل في سجن عوفر بالضفة الغربية، مما أثار موجة من الانتقادات من جانب الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان.
وقال تلالينج موفوكينج، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الرعاية الصحية، في بيان صحفي صادر عن الأمم المتحدة: "إن قضية الدكتور عدنان تثير مخاوف جدية من أنه توفي بعد تعرضه للتعذيب على أيدي السلطات الإسرائيلية - إن وفاته تتطلب تحقيقًا دوليًا مستقلًا". وأضاف البيان أن الطبيب "تعرض للضرب في السجن، وكانت علامات التعذيب ظاهرة على جسده"، لكنه لم يذكر أي تفاصيل أخرى.
وأكدت مصلحة السجون الإسرائيلية استشهاده، لكنها امتنعت عن الإفصاح عن أي شيء حول ملابسات وفاته.
كما توفي الدكتور إياد الرنتيسي (53 عامًا)، وهو طبيب أمراض نساء وعمل في مستشفى كمال عدوان في شمال غزة، أثناء احتجازه في سجن شيكما في 11 تشرين الثاني/نوفمبر، بعد ستة أيام من اعتقاله، حسبما ذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في حزيران/يونيو.
قالت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إنها جمعت "معلومات موثوقة" تفيد بأن الغارات العسكرية الإسرائيلية على المستشفيات أدت في كثير من الأحيان إلى "اعتقالات جماعية واختفاءات قسرية، بما في ذلك للعاملين في المجال الطبي". وقالت الهيئة التابعة للأمم المتحدة في بيان لها في 25 حزيران/يونيو إن " الهجمات المنهجية على المستشفيات" وقتل واحتجاز واختفاء العاملين في المجال الصحي كان لها تأثير مدمر على الناس".
ووفقاً لمسؤولي الصحة في غزة، فإن عشرة مستشفيات فقط من أصل 36 مستشفى في غزة تعمل على الإطلاق، في حين أصيبت المستشفيات الأخرى بالشلل بسبب الغارات أو أصبحت غير صالحة للعمل بسبب نقص الوقود والإمدادات الطبية. وقد أدى اعتقال العاملين في مجال الرعاية الصحية إلى إضعاف نظام الرعاية الصحية الهش في غزة في الوقت الذي يحاول فيه علاج الآلاف من الجرحى في الغارات الجوية الإسرائيلية.
وفي ظل غياب أي أنباء عن الدكتور السر منذ آذار/مارس، بدأت منظمة العفو الدولية حملة في حزيران/يونيو تحث السلطات الإسرائيلية على إطلاق سراحه. وطالبت المنظمة الحقوقية إسرائيل بالكشف عن مكان وجود جميع العاملين في مجال الرعاية الصحية الفلسطينيين الذين تم اعتقالهم ووضعهم القانوني والإفراج عنهم ما لم توجه إليهم اتهامات بارتكاب جريمة ما ومنحهم الإجراءات القانونية الواجبة.