09-يونيو-2022
قرية رمانة

صورة عامة تظهر أحد أحياء قرية رمانة ودوريات من جيش الاحتلال | تصوير جعفر اشتية

تفرض سلطات الاحتلال عقوبات جماعية على سكان قرية رمانة غرب جنين، وهي قرية الأسيرين أسعد الرفاعي وصبحي صبيحات؛ منفذا عملية إلعاد قرب تل أبيب (بداية شهر أيار/مايو) التي أدت إلى مقتل 3 إسرائيليين وإصابة 4 آخرين. القرية الحدودية الأقرب لحاجز سالم العسكري، ويبلغ عدد سكانها ستة آلاف نسمة، يعتمد نسبة كبيرة منهم على العمل داخل الخط الأخضر، أصبحوا الآن محرومين من العمل لأن عنوان السكن في بطاقاتهم الشخصية "رمانة".

إلغاء التصاريح لم يكن أثره اقتصاديًا وحسب، فقرية رمانة التي عزلها الجدار الفاصل عن القرى المجاورة لها، يحتاج أهلها للتصاريح من أجل التواصل مع العائلات التي تربطهم بها علاقاتٌ اجتماعية وأسرية في القرى المجاورة لها ويفصلها عنها الجدار

إلغاء التصاريح لم يكن أثره اقتصاديًا وحسب، فقرية رمانة التي عزلها الجدار الفاصل عن القرى المجاورة لها، يحتاج أهلها للتصاريح من أجل التواصل مع العائلات التي تربطهم بها علاقاتٌ اجتماعية وأسرية في القرى المجاورة لها ويفصلها عنها الجدار، والآن حُرموا من هذا التواصل مع وقف إصدار التصاريح.

يقول الناطق باسم فتح في قرية رمانة أحمد الأحمد، إن سلطات الاحتلال ألغت تصاريح جميع العمال من رمانة، ومنعت أهالي الأسرى الذين يتملكون تصاريح من زيارة أبنائهم الأسرى، بينما يواصل جيش الاحتلال اقتحام بيوت في القرية ليلاً والتنكيل بأهلها؛ بما فيهم الأطفال، والقيام بأعمال تخريب داخلها، وتنفيذ اعتقالات في القرية.

وأوضح الأحمد، أن الإجراءات الانتقامية طالت المواضيع الصحية أيضًا، فسلطات الاحتلال أوقفت جميع التحويلات الطبية للعلاج داخل الخط الأخضر لكل من يحمل بطاقة هوية قرية رمانة، رغم أن هذه التحويلات تأتي ضمن إجراءات رسمية.

الإجراءات الانتقامية طالت المواضيع الصحية أيضًا، فسلطات الاحتلال أوقفت جميع التحويلات الطبية للعلاج داخل الخط الأخضر لكل من يحمل بطاقة هوية قرية رمانة

وبيّن، أن تداعيات هذه الإجراءات تنعكس على الواقع الاقتصادية والاجتماعي في البلد، "فمن ناحية اجتماعية قرية رمانة منطقة حدودية مع قرى سالم وزلفة وأم الفحم الواقعة داخل الخط الأخضر، والعديد من أهالي رمانة لديهم أقارب في هذه البلدات، ويتزوجون أيضًا منها، والتداخل الاجتماعي لا يمكن لحدود الفصل العنصري أن تؤثر فيه، لكن الاحتلال بالإضافة لهذا الجدار منع التصاريح والزيارات الاجتماعية".

وأضاف، أن عدد التصاريح التي أوقفها الاحتلال يُقارب 800 تصريح، وأصحاب هذه التصاريح يعيلون عائلات مكونة من عدة أشخاص، وبالتالي فإن آلاف الأفراد يُعاقبون بدون ذنب.

وإلى جانب إلغاء التصاريح، أغلق جيش الاحتلال الفتحات في الجدار الفاصل المحيط بقرية رمانة. الشاب عمر أبو عاصم كان يعبر من خلال هذه الفتحات إلى عمله في قطاع البناء داخل الخط الأخضر، لكنه منذ بدأ جيش الاحتلال إجراءاته الانتقامية أصبح بلا عمل. يقول: "مر شهرٌ ونحن الآن في الشهر الثاني، وسيمر الثالث وسنظل صامدين، بالنسبة للاحتلال هو رادع لنا، لكن بالنسبة لنا لا ليس رادعًا".

وأضاف أبو عاصم، أن هذه الإجراءات أثرت على حياته الشخصية كثيرًا، إذ كان مقبلاً على الزواج، ويعمل من أجل تكوين نفسه وتأسيس أسرة، "وإذا استمر هذا الحال على المدى البعيد، سأبدأ بالبحث عن وظيفة عمل في محافظة جنين. هذه البلد لا يموت فيها أحد من الجوع".

عدد العمال بدون تصاريح من أبناء القرية داخل الخط الأخضر كان أكبر من العدد الذي يدخل بتصاريح عمل رسمية، وبالتالي فإن عدد المتضررين من الإجراءات الانتقامية بالآلاف

من جانبه، حسن صبيحات رئيس مجلس قروي رمانة يؤكد أن عدد العمال بدون تصاريح من أبناء القرية داخل الخط الأخضر كان أكبر من العدد الذي يدخل بتصاريح عمل رسمية، وبالتالي فإن عدد المتضررين من الإجراءات الانتقامية بالآلاف، مضيفًا: "ربما يحدث لأول مرة في تاريخ القرية وربما فلسطين أن يكون العقاب على الجميع وليس فقط أقارب منفذي العملية".

وأكد صبيحات، أن إلغاء التصاريح شمل التجار والمرضى، وأهالي الأسرى منعوا من زيارة أبنائهم قبل نحو أسبوعين.

الشاب معاذ الأحمد، كان يملك تصريح زيارة زوجة باعتبار أن زوجته هي ابنة خاله من بلدة زلفة داخل الخط الأخضر، لكنه فقد هذا التصريح بعد العملية. يقول: "زوجتي حامل بأول طفل لنا، كان يجب أن أكون معها وأساندها في حملها الأول ولكن أنا الآن أتواصل معها من خلال الهاتف فقط".

الشاب معاذ الأحمد، كان يملك تصريح زيارة زوجة باعتبار أن زوجته هي ابنة خاله من بلدة زلفة داخل الخط الأخضر، لكنه فقد هذا التصريح بعد العملية. يقول: "زوجتي حامل بأول طفل لنا، كان يجب أن أكون معها وأساندها في حملها الأول

وأضاف معاذ: "حاولت التوجه إلى الحاجز لكن الجندي قال لي: هويتك رمانة لف وارجع. لن أقول إنني لست متأثرًا بحرماني من التواجد مع زوجتي، فهذه اللحظة تعتبر لحظة العمر، كيف يمكن أن يأتي ابني لهذه الحياة، وأنا لست معه أو مع والدته وبجانبهم، الاحتلال يمنعني من أجمل اللحظات".

وتابع: "نحن مستاؤون من الوضع الراهن، لكن الاحتلال يحاول إيصال فكرة بالحرمان الجماعي، ومحاربتنا في أرزاقنا، ونحن سنتحمل كل ذلك، ولقد كنّا دومًا في البلدة متكاتفين ومتعاونين، ومعروفين بالكرم والجود، والآن لن ننسى بعضنا البعض، بل سندعم بعضنا البعض" كما قال.

أما ضياء محاميد، فظل يُحاول يوميًا العبور إلى الخط الأخضر، لكن كلما وصل إلى الحاجز قال له الجنود "لف وارجع". يقول إنه عندما حاول أن يخبره أن معه تصريح ألقى الجندي التصريح في وجهه وقال له "ممنوع تدخل".

في النهاية توجه محاميد للعمل داخل محافظة جنين، فهو متزوجٌ وأبٌ لأربع بنات، وعليه أن يكسب قوت يومه ويعيل عائلته. يُضيف: "نحن العمال ندفع مقابل كل تصريح 2500 شيكل، وبعد أن نعمل التصريح وندفع تكاليفه يمنعوننا من الدخول". لكنه يؤكد أن الاحتلال "لا يستطيع إيقافنا ومنعنا، ولا يؤثر علينا (..) لن يموت أحد من الجوع" حسب تعبيره.