18-مايو-2024
القيادي في حركة حماس، حسام بدران - أرشيف

القيادي في حركة حماس، حسام بدران - أرشيف

تعثّرت مؤخرًا مفاوضات وقف إطلاق النار غير المباشرة بين حركة حماس و"إسرائيل" بعد رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المصادقة على اتّفاق شاركت الولايات المتحدة في صياغته، وفاجأت حماس الجميع بموافقتها عليه، واندفعت بعد ذلك الدبّابات الإسرائيلية تجاه رفح، وتوسّع نطاق ضربات جبهات الإسناد من اليمن ولبنان والعراق باتجاه أهداف ومصالح إسرائيلية.

حول هذه التطوّرات وغيرها، أجرى موقع "الترا فلسطين" حوارًا مع عضو المكتب السياسي لحركة حماس، ومسؤول مكتب العلاقات الوطنية فيها، حسام بدران.

وعن سير حوارات التفاوض، قال بدران، إنه "لم يحدث خلال الفترة الماضية أيّ جولات جادّة في هذا الإطار، لأن الكرة باتت في ملعب نتنياهو الذي رفض المقترح المقدّم من الوسطاء عمليًا، من خلال دخول رفح عسكريًا، وأرسل الوفد الإسرائيلي ليقدّم اعتراضات كثيرة على نقاط اتفق عليها سابقًا في بنود الصفقة.

حسام بدران لـ الترا فلسطين: من المبكرّ الحديث عن تفاصيل حول شكل استراتيجية التفاوض القادمة، لكن فصائل المقاومة عقدت لقاءات عديدة للخروج بسياسة متفق عليها بين الكلّ الفلسطيني

وكانت حماس قد أصدرت بيانًا جاء فيه: "سنجري مشاورات مع قيادات فصائل المقاومة الفلسطينية من أجل إعادة النظر في استراتيجيتنا التفاوضية". وأوضح بدران أنه من المبكرّ الحديث عن تفاصيل حول شكل استراتيجية التفاوض القادمة، لكن فصائل المقاومة عقدت لقاءات عديدة في دمشق وبيروت للخروج بآلية وسياسة متفق عليها بين الكلّ الفلسطيني، ومن شأنها الحفاظ على المطالب الفلسطينية التي تحفظ حقوق الشعب.

وعن المطالب المتفق عليها وطنيًا في التفاوض، أجاب بدران أنها واضحة ومجمع عليها، وهي: "أن يؤدي التفاوض إلى وقفٍّ تامٍ وشامل لإطلاق النار، يتبعه انسحاب الاحتلال من كل مناطق قطاع غزة، ثم السماح للنازحين بالعودة إلى منازلهم وأماكن سكنهم دون قيّد أو شرط، والبدء بإعادة الإعمار وإغاثة سكّان القطاع، وأخيرًا إجراء صفقة تبادل أسرى جادّة".

ماذا يريد الاحتلال؟

وأشار القيادي في حماس لـ الترا فلسطين إلى أن الاحتلال يسعى لإبرام اتفاق محدد يسمح له بإخراج عدد من الأسرى والعودة إلى اشتعال الحرب مجددًا، وهذا ما يرفضه المفاوض الفلسطيني.

وأكد حسام بدران أن المقاومة لن تقبل بقاء جنديّ إسرائيليّ واحد على أرض قطاع غزة، وذلك ردًا على النوايا الإسرائيلية المرتبطة بتجزئة قطاع غزة وفصل محافظتي الشمال عن الجنوب عبر حاجز "نتساريم".

وقال: "ليس كلّ ما يعلن عنه الاحتلال يحققه، لأنه أعلن عن مخططات كثيرة منها بديل عشائري لحكم غزة، أو حكم عسكري إسرائيلي، أو حكم عربي.. وكلها مخططات فشلت لأن المقاومة ضربت الاحتلال في كلّ منطقة دخلها أو حاول الدخول إليها".

نقاط قوة بيد حماس!

وردًا على سؤال "الترا فلسطين" حول نقاط القوة التي تملكها حماس، قال بدران: "أوراقنا الأساسية هي الذاتيّة من خلال صمود شعبنا أمام المجازر في غزة، وقوة المقاومة العسكرية التي أدركت الولايات المتحدة أنه لن يتم القضاء عليها". إضافة إلى تراكمات إيجابية منها تفهّم دول إقليمية وعالمية موقفنا من بدء معركة الطوفان، تزامنًا مع حراك شعبي وجماهيري في جامعات أميركا ودول أوروبا، الذي انعكس على مواقف الأمم المتحدة بقضية العضوية الكاملة حيث صوتت 143 دولة لصالح فلسطين، وكل ذلك وسط انشقاقات داخلية إسرائيليًا في مجلس الحرب والحكومة، مع المعارضة والمحتجّين في الشوارع.

وأوضح بدران أن الضّامن لأي ورقة سيتم الاتفاق عليها هم الوسطاء "المصريّ والقطريّ"، وأن الولايات المتحدة الأميركية ضامن بصفتها طرفًا يؤثر على الاحتلال لا على المقاومة. مبينًا أن حماس اقترحت دولًا وازنة مثل روسيا وتركيا لضمان الاتفاق لكن ذلك قوبل بالرفض الإسرائيلي.

وفي إجابته عن مدى قدرة المقاومة على الصمود، أفاد بدران بأن كتائب القسام، أعدّت لهذه المعركة ما لا يتوقعه الاحتلال خلافًا لما توقعه بأن يتم القضاء على حماس خلال أيام أو أسابيع، قائلًا: "نحن في الشهر الثامن من الحرب وقادرون على ضرب الاحتلال بطرق عديدة، ونحن من يقرر أين وكيف ومتى نضرب الاحتلال بالصواريخ مثلًا، ونقول إن المقاومة قادرة على الصمود ولا خوف على مقدّرات كتائب القسام عسكريًا".

وردًا على تصريحات إسرائيلية أشارت إلى أن رئيس حماس في غزة يحيى السنوار في عزلة، ولا علاقة له باتخاذ القرار، قال بدران: "منذ بداية الحرب وحماس تأخذ قراراتها عبر مؤسساتها الرسمية والشورية والتي تشارك فيها القيادة بالخارج وقيادة قطاع غزة بمن فيهم القيادي يحيى السنوار، والاحتلال بهذه التصريحات يوهم العالم بأن معركته مع قيادة حماس، وهي في الحقيقة مع الشعب الفلسطيني كله الذي دفع الثمن الأكبر من الدماء".

وأشار بدران لوجود اتصالات مكثّفة مستمرة مع قوى المحور وجبهات الإسناد، وتحديدًا في لبنان واليمن حيث أكدوا للمقاومة أن ضرباتهم لن تتوقف في استهداف المصالح والأهداف الإسرائيلية إلا بعد توقف إطلاق النار في غزة، وهذه من أهم أوراق القوة لدى المقاومة، وفق تعبيره.

أمّا في الشأن الداخلي الفلسطيني، كشف بدران أنهم اقترحوا سابقًا على كل الفصائل بما فيهم فتح، تشكيل حكومة توافق وطني تعتمد على الكفاءات حتى لا يعيق أحد دعمها دوليًا، الأمر الذي كان محط قبولٍ لدى معظم الفصائل، بالإضافة لدول عربية وغير عربية. غير أن الرئيس محمود عبّاس شكّل حكومة تكنوقراط من شخصيات مقرّبة منه ومن حركة فتح، ما أثار حفيظة ورفض حماس والجهاد والجبهة الشعبية وحركة المبادرة والجبهة الديمقراطية.

حوار في الصين

ولفت بدران إلى وجود حوار فصائلي واسع من المقرر أن يعقد نهاية الشهر القادم في الصين، حيث بدأت حماس إجراء نقاشات مع الفصائل للتحضير إلى لقاءٍ يرقى لتضحيات الشعب الفلسطيني، وأبرز أجندته: "ترتيب البيت الداخلي، والتأكيد على مخاطبة العالم بصوت فلسطيني واحد، وإدارة المرحلة بأقل قدرٍ من الخلافات، وأن تكون المرحلة الحالية تحضيرية للانتخابات الفلسطينية التي يختار فيها الشعب قيادته".

حسام بدران:  أي محاولة ضغط لا تؤثّر علينا، وأكبر ضغط علينا الآن هو استمرار القتل بحقّ شعبنا

وكانت الصين قد جمعت حركتي حماس وفتح في لقاءٍ ثنائي في 29 نيسان/ ابريل الماضي، وحضر بدران الاجتماع حيث قال: "دخول الصين بحجمها وتأثيرها الدولي على خط القضية الفلسطينية، ودعم ترتيب العلاقة بين الفصائل سيكون له آثار إيجابية ونحن لا نرفض أي جلسات حوار".

وفي وقت سابق، عُقد لقاءٌ رفيع المستوى بين سفير إدارة غرب آسيا وشمال إفريقيا في وزارة الخارجية الصينية، وانغ كهجيان، مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في 17 آذار/ مارس الماضي.

وحول وجود ضغوط عربية على حماس خلال الحرب، رد بدران: "العالم له تجربة سابقة معنا، بأن أي محاولة ضغط لا تؤثر علينا، وأكبر ضغط علينا الآن هو استمرار القتل بحقّ شعبنا، وما دون ذلك لا تأثير له على سير مستوى المقاومة أو التفاوض".