01-نوفمبر-2016

"الحسبة تتحوّل إلى مكبٍّ للفواكه والخضار الإسرائيلية"، يتحدّث أحد الباعة عن البضائع الإسرائيلية شبه التالفة التي تدخل يوميًا، إلى سوق رام الله المركزي "الحسبة"، في ظلّ فوضى عارمة، ولا رقابة من الجهات التي يُفترض أن تراقب ما يحدث.

80 مشتاح من الخضار والفواكه الإسرائيلية التالفة تصل يوميًا إلى السوق

تاجر الخضار والفواكه في "حسبة" رام الله، والذي عرّف عن نفسه بـ "أبو محمد" يقول لـ "ألترا فلسطين" إنّ ما لا يقل عن 80 "مشتاح" من الخضار والفواكه التالفة تصل يوميًا إلى السوق. والمشتاح يحوي (60 – 80 كرتونة)، بما مجموعه نحو ستة آلاف كرتونة.  

وبنبرة تهكميّة يقول البائع "حسن" إنّ هذه البضائع (التالفة) هي التي "تسوّي المصاري"، لافتًا إلى أنّ الكثير مما في السوق عبارة عن "بضاعة زيبل" وفق المصطلح العبري الذي يعني: "زبالة".

التجّار يتسابقون على البضائع التالفة!

وعن الآليّة التي يجلب فيها التجّار، هذه البضاعة، يكشف مسؤول قسم الرقابة في وزارة الزراعة محمد الأسمر، لـ "ألترا فلسطين" عن أنّ بعض التجار الفلسطينيين ينتظرون انتهاء التسوّق في السوق الإسرائيلي بمدينة "تل أبيب"، ليأخذوا البضاعة التي لم يتم بيعها،  بسبب التلف الكلي أو الجزئي.

وهُنا يُشير الأسمر إلى أنّ تخلّص التاجر الإسرائيلي من البضائع، يُحتّم عليه دفع مبالغ مالية كبيرة، لإيصالها إلى مكبّات النفايات الإسرائيلية، وعوضًا عن ذلك يتمُّ بيعها للتاجر الفلسطيني الذي يأخذ البضاعة بالإضافة لثمنها، وما يحدث فعليًا هو أنّ التاجر الفلسطيني يكسب مقابل أخذ البضاعة التالفة.

أمّا عن الكيفية التي يتم من خلالها تسويق تلك البضائع في رام الله، وفقًا للأسمر، فإن ذلك يحدث من خلال طريقتين؛ الأولى بيع هذه الخضار والفواكه من خلال سياسة (الكمش/ الكبش) المنتشرة على البسطات في السوق، وغالبًا ما يتم بيعها بسعر أقلّ نوعًا ما. وأمّا الطريقة الثانية فمن خلال تسويقها لبعض محلات العصائر والكوكتيل، التي تقوم بشراء الفواكه التالفة واستصلاح بعضٍ منها، وبيعها للناس من خلال إزالة الجزء الظاهر من التلف، وهذا أمرٌ غير صحيّ.

أقرأ/ي أيضًا: السلطة الفلسطينية.. فشلت حتى في زراعة البطيخ

أين المشكلة؟!

وعن الضرر الذي يحدث للمستهلك، جرّاء هذا النوع من البضاعة، يقول التاجر "أبو حسن" إنّه أحضر هذه البضائع للتخلّص منها، لكنّه لا يرى "أيّ مشكلة" في استصلاح ما يستطيع منها، وفق ما يقول.

حسبة البيرة، مُقامة على أرض مساحتها دونمين، وتعود لوزراة الأوقاف، وتشرف عليها بلدية البيرة

أمّا فيما يتعلّق باحتمالية التعرّض للمساءلة القانونية، والتي قد تؤدي إلى السجن، فيقول "أبو حسن" إنّه لن يمكث طويلًا، فأقصى ما في الموضوع كفالة مالية لا تتجاوز مبلغ ألف شيقل، وتنتهي القضية. وهو ما يتفق معه مسؤول الرقابة في وزارة الزراعة، بالقول إنّ الرادع الحقيقي للتجّار، غير موجود، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أنّ وزارة الزراعة طالبت أكثر من مرة  بوجود قضاة ينظرون في القضايا الزراعية التي تُحال للمحاكم يوميًا.

وفي حال ضبط بضاعة تالفة، يقول الأسمر، إنّه يتم حجز الشاحنة، وتحويل الملف للنيابة العامة، التي تقرر بدورها إتلاف البضاعة أو بيعها في مزاد علني في حال كانت صالحة للاستهلاك.

حيتان التُجّار يُخفون بضائعهم!

وبحسب أرقام رسمية حصلت عليها "ألترا فلسطين" من وزارة الاقتصاد، فقد تم ضبط ما لا يقلّ عن 84 طنًا من المواد الغذائية الفاسدة منذ بداية العام الجاري 2016، وبلغت كلفة البضائع الإسرائيلية التي تم إتلافها حوالي 2 مليون شيقل.

ما لا يقلّ عن 84 طنًا من المواد الغذائية الفاسدة تم ضبطها منذ بداية العام الجاري 2016

ويقول رئيس قسم الرقابة الصحية في بلدية البيرة، عطا الله التميمي، إنّ هناك موظفًا متخصصًا للرقابة على الخضار والفواكه القادمة من إسرائيل، حيث تقوم البلدية بعملية إتلاف يومية في فترتي الصباح والمساء، لكنّه يقول في ذات الوقت إن بعض البضائع التي يخفيها التجار، يُكشف عنها خلال الرقابة اليومية على "البسطات" الصغيرة للبائعين، إذ يخرجها التجار تدريجيًا للسوق حتى لا تتلفها البلدية".

ويرد على سؤال حول إمكانية منع دخول البضائع الإسرائيلية التالفة بدلًا من مراقبة التجار والباعة يوميًا، بقوله: "هذه صعبة"، هناك سياسة عليا، ولا أحد يستطيع منع البضائع الإسرائيلية.

ويكشف المفتش في بلدية البيرة عصمت السلامين لـ "ألترا فلسطين" عن إتلاف كميّات من الفواكه والخضار مؤخرًا، لكنّه يشير إلى أنّهم يعثرون في بعض الأحيان، على بضائع تالفة في مخازن صغيرة، لكن لا أحد من التجّار يعترف أنها تخصّه، خوفًا من التعرّض لمحاكم ضبط إمّا من البلدية أو من القضاء.

اقرأ/ي أيضًا: محاضر جامعيّ صباحًا ومزارع جوافة مساءً

ويشير مدير قسم الخدمات في وزارة الزراعة، ظاهر التايه، إلى أنه يتم التعميم على التجّار بعدم جلب الخضروات والفواكه الإسرائيلية إلى الأسواق في مواسم توفر المنتج المحلي منها؛ كالبطيخ والبطاطا وغيرها، وفي حال إدخال بضائع يُحوّل التاجر للنيابة.

وتتذرع وزارة الزراعة بعد توفّر موظفين وسيارات بشكل يمكِّنُها من القيام بدورها الرقابيّ، وتنحصر رقابتها على صلاحية التصريح الموجود بحوزة التاجر والذي يتيح له جلب البضائع.

المنتج المحلي هو الخاسر

المزارع والتاجر "خالد" الذي يعمل في حسبة رام الله، بدا الاستياء واضحًا على وجهه حين الحديث عن الموضوع، فهو يرفض التعامل مع البضائع الإٍسرائيلية التالفة، ويقول إنّه يشتري "بكسة" الخيار (الصندوق) من مدينة جنين بـ40 شيقل، فيما يشتري الباعة ذات الصندوق القادم من "إسرائيل" بثمن لا يزيد عن عشرة شواقل، متسائلًا: "كيف أنا رح أبيع؟".

الخضار والفواكه القادمة من "إسرائيل" أرخص بكثير جدًا، مقارنة بأسعار المنتج الزراعي الفلسطيني

ويتابع خالد أنّ هناك العديد من الأمور التي تؤثر على المزارع الفلسطيني، فسعر "شوال" السماد، كان قبل مجيء السلطة لا يزيد عن 25 شيقلًا، واليوم يصل سعره إلى 127 شيقلًا، كما أنّ متر أنبوب البلاستيك للريّ، كان بشيقل واحد فقط، فيما سعره اليوم أربعة شواقل.. "الهوا صرنا ندفع عليه فلوس". 

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الضفة الغربية: زراعة الدخان "عادي" وتجارته ممنوعة

انفوجرافيك: موسم الزيتون في فلسطين

عنب الخليل في مهرجانه السادس.. ندرة وتنوع