20-أبريل-2017

تحت عنوان "خزائن: كمحاولة لبناء وعي أرشيفي جديد" قدّم وناقش الباحث فادي عاصلة مبادرة "خزائن" ضمن محاضرة في برنامج علم الاجتماع والأنثروبولوجي في معهد الدوحة للدراسات العليا (17 نيسان\ ابريل). 

مبادرة تطوعيّة مستقلة، توثّق الحياة اليومية وتهتم بالإرث الفلسطيني الذي لا يهتم بجمعه أحد؛ لتوثيقه وحمايته من التلف

تأتي التسمية من فكرة المكتبة في التراث العربي الإسلامي كخزائن بيت الحكمة، وتصنّف المواد التي تصل حسب من قدّمها كلٌ في خزانته. وتجمع المبادرة كل المواد التي تعد (أفيمر Ephemera)، ومعناها الحرفيّ "كل عابرٍ مكتوبٍ أو مطبوع ولا يُهتم بجمعه أو حفظه، هي كل المواد الورقية قصيرة المدى، أي ملصقات، مناشير، بيانات، دعوات، إعلانات، بروشورات وغيرها)ـ وتأتي هذه الكلمة ذاتها من المعنى الإغريقي لـ ephemeros ; ما يبقى ليومٍ واحد. والاهتمام هو للمواد المهملة التي لا يسعى أحدٌ لتوثيق وجمعها إلا من خلال مبادرات غير ممنهجة، وهي مادة خام ستكون ضرورية للأجيال القادمة ولباحثي المستقبل لدراسة فهم التفاعلات الاجتماعية في البلاد.

اقرأ/ي أيضًا: وثّق.. أرشفة التراث الفلسطيني رقميًا

بدأت خزائن في كانون ثاني/ يناير 2016، كأرشيف فلسطيني مجتمعي متنوع يُعنى بالذي لا يجمعه أحد، وهي متفرّقة لدرجة لا يمكن حصرها، وكمبادرة تصر على المباشرة بالأرشفة لتكون جزءًا أساسيًا ضمن الذاكرة الجمعية التي نصنعها في شعوبنا. هذه المواد التي يصعب حتى التنبؤ بها تدل على حراك واسع في كل مكان لأنها نتاج الطبقات البسيطة عادةً في المجتمع.

يوثّق "متطوعو خزائن" الشواهد التي تدل على مراحل تاريخية، ليقرأها الباحثون والكُتاب، وتصبح جزءًا من عمليات دراسة المجتمعات والتاريخ والتغيرات

من أجمل ما يمكن أن يرى المتابع على صفحة المبادرة على فيسبوك سلسلة من الصور والكتابات والمواد الممسوحة ضوئيًا، وترافقها قصص حول المادة الموجودة، منها ملفات تم اكتشاف وجودها مثل "ملف المتسللين" الذي كتب فيه الإسرائيليون عمّن حاول الدخول لفلسطين بعد عام 1948. وُجدت أيضًا كُتبٌ صدرت عن مطابع رسمية قبل عام 1948 ولكن أسماء هذه المطابع لم تكن ضمن السجّلات الرسمية الموجودة الآن، والكتب لا وجود لها في وقتنا.

ضمن القصاصات أيضًا، وجد المتطوعون أول إعلانٍ للترحيب بالشيخ عز الدين القسام أستاذًا في مدرسته حال وصوله.

الكثير من القصص التي يجري جمعها وتوثيقها، بانتظار الباحثين لإعادة ربط خيوطها، وتحليلها في ضوء العوامل الجديدة، وفق ما يقول فادي عاصلة.

[[{"attributes":{},"fields":{}}]]

اقرأ/ي أيضًا: مستودع الأنيس الرقمي.. مركز بحجم عاصمة

المبادرة استطاعت إلى الآن جمع أرشيف 108 أشخاص بنحو 38 ألف وثيقة تُغطّي آخر 300 عام تقريبًا، لكن؛ كيف يتم حفظ هذه المواد الأرشيفية؟

بحسب الباحث عاصلة، فإنّ المواد وُزّعت خلال عملية الأرشفة بين عدد من المدن، وهي محفوظة باحترافية حسب معايير الحفاظ وحماية الورق والمنشورات بالقدر المستطاع، في بيئة خالية من الأحماض .

شعار خزائن: "نجوب العالم لنحمي الإرث الإنساني في العالم العربي"

وفي خطوة أوسع، ستكون المواد المُجمّعة جاهزة على الموقع الإلكتروني الخاص بالمبادرة، والذي سينطلق في النصف الثاني من هذا العام، ويشمل المواد كاملة، بتصنيفات تُسهّل على الباحثين التعامل معها، فمثلًا تندرج إمكانية البحث حسب الدول أو المؤرشفين أو الثيمة وغيرها، ومن بين 38 ألف وثيقة موجودة تم إلى الآن المسح الضوئي لما لا يقل عن 12000 مادة منها.

[[{"attributes":{},"fields":{}}]]

ويقول فادي إنّ  هذا التوثيق مهم لفهم التغيّرات والفعل الاجتماعي نحو إدراك الماضي، فالتاريخ لا يُدرس لأجل دراسته بقدر ما هو مقولة لتجاوز عثرات الماضي وتجاوز المستقبل، وتجميع المواد هو عملية فهم التنظيم الداخلي لهذه الفئات. نحن نؤرشف محطات ونحاول الانتصار في معارك جزئية في الطريق إلى المستقبل.

[[{"attributes":{},"fields":{}}]]

[[{"attributes":{},"fields":{}}]]

[[{"attributes":{},"fields":{}}]]


فادي عاصلة، باحث فلسطيني خريج قسم الدراسات العليا في الجامعة العبرية في الأدب المقارن (عبري، سرياني)، وقسم الدراسات العليا في جامعة برلين الحرة بتخصص العلاقات بين الأديان في الحضارة العربية الإسلامية. عمل كباحث واستشاري في العديد من المؤسسات الفلسطينية: المتحف الفلسطيني، متحف ياسر عرفات، مؤسسة الفنون الشعبية، مركز مدار "المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية" وغيرها.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

أنيس صايغ.. أرشيفٌ لفلسطين

عن تاريخ الصيدلة في فلسطين.. صور

مكتبات مثقفي نابلس.. سيرة ضياع وتفريط