07-فبراير-2021

الترا فلسطين | فريق التحرير

برفقة عشرات المعتصمين أمام مؤسسة "رعاية أسر الشهداء والجرحى"، التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، بغزة، تجلس فاتنة أبو جاسر (50 عامًا)، تنصتُ بصمتٍ بالغٍ إلى همهمات المحيطين بها من ذوي الشهداء والجرحى، المقطوعة رواتبهم منذ عدة سنوات.

 اللجنة الوطنية لأهالي الشهداء والجرحى،أعلنت الإضراب كخطوةٍ تصعيدية

اليوم، هي لم ترفع اللافتة التي تنادي بإغاثة أرامل الشهداء فقط، بل شاركت ككل من هم في مثل حالها في إضرابٍ مفتوحٍ عن الطعام، أعلنته اللجنة الوطنية لأهالي الشهداء والجرحى، كخطوةٍ تصعيدية، احتجاجًا على التصريحات التي وصفها الناطق باسمها علاء البراوي لـ الترا فلسطين، بـ "غير الموثوق بصدقها"، على لسان مسؤولين في المؤسسة، "تعهدوا بإعادة الرواتب المقطوعة، وصرفها لغير المستفيدين منها، بعد انتهاء الانتخابات الفلسطينية، وتشكيل الحكومة الجديدة".

منذ أكثر من ست سنوات، تشارك أبو جاسر –وهي زوجة شهيد استشهد خلال عدوان عام 2014م- في الاعتصام الأسبوعي الذي تنظمه اللجنة. لا شيء تغير عليها إلا أنها منذ ثلاثة أسابيع تشارك من هم في مثل حالها هنا، الاعتصام بشكلٍ يومي، ترفع اللافتات المنادية بحقوق الشهداء والجرحى، وترد بلغتها العفوية البسيطة على وعودات ما بعد الانتخابات بقولها: "الحقوق قبل الصندوق".

 جاسر: لم يخصص لعائلتي أي راتب بعد استشهاد زوجي عام 2014م

تقول السيدة التي تقطن مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمال القطاع، لـ الترا فلسطين: "استشهد زوجي بينما كان يعمل في تصليح عطل كهربائي لجارنا تاركًا لي 7 أطفال، هو يعمل في هذا المجال أصلًا، ولم يكن لنا معيلٌ غيره".

انتهى العدوان، وصار لا بد من أن تتجه السيدة إلى مؤسسة "رعاية أسر الشهداء والجرحى"، لعلها تحصل مثل بقية أهالي الشهداء على ما يسدُّ العَوَز. قالت: "كان ردهم حينذاك، صعبًا، محرجًا، ومرعبًا بالنسبة لسيدة لا تعرف ماذا تفعل، قالوا لي بالحرف الواحد: اذهبي لمن قصفوكم".

أبو السبح: لو قررت اللجنة الإضراب يوميًا أنا معهم.. هذه حقوق أبنائنا

منذ ذلك الحين، لم تحصل السيدة، على أي راتب، ولم يخصص لها ولعيالها –الذين اعتمدوا على مساعدة الأقارب وأهل الخير- أي نفقة، أسوةً بغيرها من أهالي الشهداء والجرحى.

بالقرب، كان الستيني فتحي أبو السبح، يقفُ مصفرّ الوجه. هو لم يأكل شيئًا منذ الصباح التزامًا بالإضراب اليوم، يعلق: "لو قررت اللجنة الإضراب يوميًا أنا معهم، هذه حقوق أبنائنا، وليس من حق أحد أن يحرمنا منها بدون سبب".

أبو السبح: صرفوا لعائلتي راتب شهيد بعد خمس سنوات، وقطعوه قبل عامين

لأبي السبح، ابنٌ عشريني استشهد خلال عدوان 2008- 2009م (حسام)، وهو الآخر لم يحصل على أي شيقل كراتبٍ يسانده "وهو العاطل عن العمل"، ويساند عائلته منذ ذلك الوقت حتى عام 2013م.

يقول لـ الترا فلسطين: "صرفوا لعائلتي راتب شهيد بعد خمس سنوات من المشاركة الأسبوعية في هذا الاعتصام، ظننتُ أن الأمور فُرجت، لكن الأمر لم يتم بالشكل الذي ظننته".

أبو السبح: لا أسباب لقطع الراتب، رد المؤسسة كان: هكذا جاء القرار من رام الله

مطلع يناير 2019م، انقلبت الأمور رأسًا على عقب في بيت أبو السبح. راتب بقيمة (1400 شيقل) كان يتقاضاه شهريًا، قُطِعَ فجأة! "ولا أسباب لدى أحد، رد المؤسسة كان: هكذا جاء القرار من رام الله".

يعود الرجل ليطالب بحق ابنه، مشيرًا بسبابته إلى المشاركين بالاعتصام، ثم يزيد: "وحقوق هؤلاء جميعًا"، مرددًا عبارة السيدة أبو جاسر أعلاه :"الحقوق قبل الصندوق".

البراوي: على الفصائل في القاهرة طرح ملف أهالي الشهداء وإيجاد حل قبل الانتخابات

من جانبه، قال علاء البراوي، الناطق باسم اللجنة الوطنية لأهالي الشهداء والجرحى لـ الترا فلسطين: "الإضراب اليوم، يندرج ضمن الخطوات التصعيدية التي اتخذتها اللجنة احتجاجًا على عدم تلبية مطالبنا منذ عدة سنوات"، مطالبًا الفصائل المجتمعة في القاهرة، بطرح "ملف أهالي الشهداء المقطوعة رواتبهم بقوة خلال اجتماعاتهم هناك، لإيجاد حل قبل إجراء الانتخابات".

ما أجج مشاعر أهالي الشهداء والجرحى –تبعًا للبراوي- تصريحات إدارة مؤسسة "أسر الشهداء والجرحى"، قبل عدة أسابيع، إذ أكدت أن صرف الرواتب وتخصيصها لهذه الفئة، سيتم بعد انتهاء الانتخابات وتشكيل الحكومة.

البراوي: 1943 عائلة من عائلات شهداء 2014 لم يتلقوا أي رواتب، وتم قطع رواتب 2700 أسرة مطلع عام 2019

وبحسب الناطق باسم اللجنة الوطنية لأهالي الشهداء والجرحى، فإن نحو 1943 عائلة من عائلات شهداء عدوان عام 2014، لم يتلقوا أي مخصص مالي، فيما تم قطع رواتب نحو 2700 أسرة شهيد وجريح، من قبل منظمة التحرير مطلع عام 2019م، دون إبداء أي أسباب.


اقرأ/ي أيضًا:

عندما كان الأمل في الحياة "صفر".. روايات ناجين من حرب 2014

"أسياخ البلاتين".. كتلة لهب في أقدام جرحى غزة