12-سبتمبر-2017

نتنياهو وفلينكشتين ظلت علاقتهما سرية حتى عام 2013

أوصى أن يُكتب في رثائه أنّه الرجل الذي حوّل كلمة ليبرالي إلى لعنة في ثلاث قارات، وبفضله صار نتنياهو رئيسًا للحكومة الإسرائيلية، وهو من أدخل تغييرات جوهرية إلى الحياة السياسية الإسرائيلية، دون أن يجيد الحديث بجملة واحدة باللغة العبرية. كل هذه الأوصاف اشترك المحللون السياسيون الإسرائيليون في إطلاقها على المستشار الاستراتيجي والخبير في الدعاية الانتخابية، اليهودي الأميركي آرثر فلينكشتين، بعد موته قبل عدة أيام عن 72 عامًا.

فلينكشتين، نجح  بتحويل الحملات الدعائية السياسية في إسرائيل من فن إلى علم. وحتى اللحظة التي دخل فيها إلى الحياة السياسية الإسرائيلية عام 1996، كان المرشح في الانتخابات في إسرائيل يلقي خطبًا إبداعية، وباستخدام وسائل الإعلام كانت الأحزاب تعزز قوتها.

كانت بداية عمل فلينكشتين في إسرائيل لصالح بنيامين نتنياهو في معركته الانتخابية عام 1996، في مواجهة شمعون بيريز، الحاصل حينها على جائرة نوبل للسلام، والذي شغل منصب رئيس الحكومة ووزير الجيش، ويملك  تجربة ثرية في الاقتصاد والأمن.

استطاع نتنياهو عام 1996 الانتصار على بيريز رغم ضعف سيرته الذاتية أمامه، بفضل خبير العلاقات العامة فلينكشتين الذي أوصاه بتحويل القدس إلى الأمر الحاسم على جدول الأعمال

أما نتنياهو فكان قد بلغ حينها 47 عامًا، وأعلى منصب شغله نائب وزير الخارجية، وفي تلك المرحلة جاء فلينكشتين، وألقى نظرة على كل المعطيات المستخلصة من استطلاعات للرأي العام، ومن بين إجابات 100 سؤال تبين له أن نتنياهو يتفوق على بيريز فقط في مسألة القدس، فأشار عليه بضرورة  تحويل قضية القدس إلى الأمر الحاسم على جدول الأعمال. لم يكن بيريز يدرك عندها أنه يواجه عبقري الدعاية السياسية الأميركي، وكانت ردة فعله مثل تصدي الفرسان للمدرعات.

اقرأ/ي أيضًا: نتنياهو: اشربوا الأنخاب فالعرب صاروا حلفاء

اختار خبير الدعاية السياسي الأميركي دعاية تلفزيونية، اتهم فيها بيريز بإنه قال "سواء أراد الإسرائيليون أم لا، القدس عاصمة فلسطين". وجاء في الدعاية أيضًا "من هو الذي التزم بمكافحة الإرهاب، وفي نفس الوقت أفرج عن قتلة الإسرائيليين؟ من القادر على محاربة الإرهاب ولكنه لا يريد؟". وختم بالقول: "بيريز وعرفات، هذا المكون خطر على إسرائيل".

الاستشارات الاستراتيجية التي قدمها فلينكشتين، جاءت نسبة الخطأ فيها 2% في انتخابات 1996، وأخبر نتنياهو ولبيرمان أنهما سينجحان، ولم يكن ذلك مستغربًا، فالرجل قبل أن يستأجره نتنياهو كان سببًا في فوز عشرات المرشحين بعضوية الكونغرس، كما كان سببًا في فوز جورج بتاكي في الانتخابات في نيويورك، وهي ولاية محسوبة تقليديًا على الجمهوريين، فتحولت إلى ولاية موالية للحزب الديمقراطي.

 وكانت آلية عمل الدعاية الانتخابية التي طبقها فلينكشتين تقوم على نظرية الأرقام. وتحول مع الوقت إلى المحور الأهم في السياسة الإسرائيلية، وهذا يتمثل بتكرار رسالة إعلامية بطريقة واضحة وحادة، تقوم على التخويف والكراهية، وتجلى ذلك، في الدعاية الانتخابية التي اختارها لزعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور لبيرمان، في انتخابات 2006، التي اعتمدت على شعار "بدون ولاء ليس ثمة جنسية"، وكانت معدة لحصد أصوات الطبقات الأكثر عنصرية في المجتمع الإسرائيلي، التي تسعى لتهجير فلسطينيي الداخل.

كان لفلينكشتين الفضل في تضاعف جماهيرية حزب ليبرمان، بعد أن أوصاه بالتركيز في رسالته على التخويف والكراهية والعنصرية ضد الفلسطينيين في أراضي 48.

وبالفعل تضاعفت قوة ليبرمان السياسية واحتل حزبه لأول مرة مكانة الحزب الرابع من حيث الحجم في الكنيست، ووصل ليبرمان إلى منصبي وزير الخارجية، ثم وزير الحرب، بعد أن كانت حقيبة وزارة الحرب قريبة من هرتسوغ زعيم المعسكر الصهيوني خلال مفاوضات بينه وبين نتنياهو، انتهت بنتائج غير متوقعة للأخير، إذ ورث ليبرمان المنصب من موشيه يعلون الليكودي الذي ظل لوقت طويل مقربًا من نتنياهو.

وتوقع فلينكشتين فشل نتنياهو في انتخابات عام 1999 لصالح إيهود باراك، وقد حدث ذلك بالفعل. وجاء اتحاد نتنياهو وليبرمان، وقرارهما خوض انتخابات 2013 بقائمة مشتركة امتثالاً  لتقديرات أخبرها فلينكشتين لنتنياهو في لقاء سري جمعهما، وقد ظلت علاقة الرجليين سرية حتى جرى الكشف عنها في فلم وثائقي ذلك العام.

وعلى الرغم من الاستشارات الاستراتيجية الناجحة التي قدمها فلينكشتين، فإنه توقع لنتنياهو فوز مت رومني على باراك أوباما في الانتخابات الاميركية، وبناء على ذلك، أقدم نتنياهو على أكثر رهاناته فشلاً عندما تدخل في الانتخابات الاميركية لصالح المرشح الفاشل.


اقرأ/ي أيضًا:

ليبرمان: سنسحب جنسيات "خونة" القائمة المشتركة

ليبرمان وزيرًا.. انتظروا الأسوأ

تفاصيل لعبة ليبرمان في الضفة.. سياسة العصا والجزرة