29-ديسمبر-2022
دلفري فلسطين

صورة توضيحية: سيارة توصيل | غيتي ايميجز

مع انتشار التجارة الإلكترونية والبيع والشراء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ظهرت الحاجة للتعامل مع شركات التوصيل، لكن ثمة مشاكل تواجه هذا القطاع كان ضحاياه أصحاب مشاريع تجارية سواء إلكترونية أو واقعية، الاحتيال أحد أهم أشكالها.

صاحب الشركة ظلّ يطمئنها بشكل مستمر بأنها ستحصل على أموالها (47 ألف شيكل) خلال فترة قريبة، وأن قضية التأخير تتعلق بحسابات مالية وبعض المشاكل داخل الشركة، لكنه لم يوفي بوعوده، حتى اختفى فجأ

نورا أيوب من مدينة القدس، تعمل في مشروع أونلاين لبيع الزيوت والعطور، تعاملت مع شركة توصيل مقرها في الضفة الغربية، كانت اتفقت مع التاجر الذي يورد لها البضاعة على أن تدفع له رأس المال حين بيعها، لكنها لم تستطع أن تسدد قيمة البضاعة بسبب عدم تحصيلها الأرباح بعدما تراكم على شركة التوصيل مبلغ 16 ألف شيكل، ما تسبب لها بمشاكل مالية كبيرة.

تقول نورا، إنها حاولت بشتى الطرق الحصول على تحصيلاتها المالية من شركة التوصيل، ولجأت لعائلته التي رفضت إنصافها، وعلمت فيما بعد أنها ليست سوى ضحية من عشرات الضحايا لذات الشركة.

حالةٌ أخرى اطلع عليها الترا فلسطين، تأخرت عملية احتيال شركة التوصيل فيها لما بعد عدة تعاملات بينها وبين التاجرة "سارة"، ما جعل شركة التوصيل تحظى بثقتها، خاصة أن الطرود كانت تصل للزبون في الموعد المحدد، دون أي خدوش أو كسور، وكان التحصيل المالي يصلها تباعًا ودون أي تأخير، وما زاد ثقتها أن أصحاب مشاريع كبيرة ووازنة  تتعامل مع ذات الشركة منذ فترة طويلة، ولكن بعد مدة أصبح التحصيل المالي للطرود يصل متأخرًا، حتى انقطع تمامًا.

تلغرام الترا فلسطين

وأوضحت "سارة"، أن صاحب الشركة ظلّ يطمئنها بشكل مستمر بأنها ستحصل على أموالها (47 ألف شيكل) خلال فترة قريبة، وأن قضية التأخير تتعلق بحسابات مالية وبعض المشاكل داخل الشركة، لكنه لم يوفي بوعوده، حتى اختفى فجأة وانقطع الاتصال معه، ثم علمت لاحقًا أنه فر خارج البلاد.

أما التاجر "علي" -اسم مستعار- فلم يستسلم بعد تعرضه لعملية احتيال كبيرة قامت بها شركة التوصيل التي كان يتعامل معها، فرفع قضية في المحاكم الفلسطينية بالتعاون مع تجار آخرين تم الاحتيال عليهم من ذات الشركة، وبمبلغ يقدر بمئات آلاف الشواكل، جزءٌ منهم تم تسديد تحصيلهم المالي عن طريق الشيكات التي تبين لاحقًا أنها بدون رصيد.

يقول إن المحكمة لم تفعل شيئًا حتى اللحظة، رغم مرور أشهر على رفع القضية. ويعتقد أن السبب في هذا التأخير هو هروب المُشتكى عليه خارج الأراضي الفلسطينية، وأن المحكمة لا تستطيع التعامل مع الملف لحين عودته.

ويضيف أن هكذا قضايا تأخذ وقتها في المحاكم "فحبال المحاكم طويلة"، لكنه قرر أن يمضي في المسلك القانوني لحفظ حقوقه مستقبلاً، خاصة بعد استنفاده كل الطرق لتحصيل أمواله.

يوضح المحامي والمستشار القانوني أمير خلاوي أن التوصيف للإشكاليات التي حدثت مع زبائن شركات التوصيل من الجانب القانوني هو (الإيهام والاحتيال)، مبينًا أن القضايا المرفوعة تحت مسمى الاحتيال تنقسم إلى قسمين، الأول، توجه المشتكي إلى محكمة الصلح لاستعادة المبالغ المالية الخاصة به، وفي هذه الحالة لا يترتب أي عقوبة على المشتكى عليه  في حال دفعه التحصيلات المالية مباشرة، ويحق للمحكمة إصدار قرار بحجز أملاك خاصة به أو الحبس لحين تحصيل المبلغ.

التوصيف للإشكاليات التي حدثت مع زبائن شركات التوصيل من الجانب القانوني هو (الإيهام والاحتيال)، مبينًا أن القضايا المرفوعة تحت مسمى الاحتيال تنقسم إلى قسمين

أما القسم الثاني، وفق المستشار خلاوي، فيتمثل برفع دعوى عن طريق النيابة العامة فيها الشق المدني والحق العام، وفي حال ثبوت الدعوى لا يسقط الحق العام ويعاقب عليه بالسجن أو الغرامة لأنها تعتبر جنحة.

وأفاد أمير خلاوي، أنه في حال كان المشتكى عليه خارج البلاد، وثبت عليه الادعاء، تصدر مذكرة اعتقال بحقه، ويتم مخاطبة الدولة المستضيفة ومطالبة الشرطة الدولية (الانتربول) بتسلميه، وهناك العديد من الحالات التي تم فيها استلام فارين من العدالة بهذه الطريقة، وتحديدًا من تركيا.

ضحايا آخرون تحدثوا لـ الترا فلسطين عن وقوعهم في فخ شركة توصيل تعمل في جنوب الضفة الغربية يمتهن صاحبها الاحتيال عبر ترخيصه أكثر من شركة بأسماء أفراد العائلة، تعمل كشبكة واحدة في الخفاء، ورغم الشكاوى العديدة التي قدمت ضده إلا أنه يواصل عمله.

وفي كل التجارب الواردة  في التقرير، لم يسأل صاحب/ـة المشروع، شركة التوصيل، إن كانت تمتلك شهادة الترخيص التي تصدرها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، كما لم يطلبوا عقدًا ببنود واضحة يوضح حقوقهم وحقوق شركات التوصيل، ولا حتى اتفاقًا شفويًا أو ضمنيًا. وتجدر الإشارة إلى أن الاحتيال لا يقتصر على الشركات غير المرخصة وإنما المرخصة منها أيضًا.

وتنقسم شركات التوصيل التي تعمل في الضفة الغربية إلى ثلاثة أقسام: شركات التوصيل الفوري (الديلفري) التي تعمل داخل نطاق مدينة واحدة، وشركات التوصيل التي تعمل بين مدن الضفة الغربية فقط، وثالثة يمتد عملها إلى مناطق القدس والداخل، إما عن طريق مندوبين تابعين لها، أو عن طريق شركة أخرى في القدس والداخل. ومنها ما هو مرخص والجزء الأكبر بدون ترخيص.

مسؤول ترخيص شركات البريد في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، باسل عنتر، قال لـ الترا فلسطين، إنه يوجد 72 شركة توصيل مرخصة في الضفة الغربية، خمسة منها دولي والباقي محلي.

يوجد 72 شركة توصيل مرخصة في الضفة الغربية، خمسة منها دولي والباقي محلي. ووزارة الاتصالات تعاملت مع حالة واحدة كانت فيها شركة مرخصة تمتهن الاحتيال على الزبائن

وأوضح باسل عنتر، أن وزارة الاتصالات لا علاقة لها بأي خلاف متعلق بالمبلغ الإجمالي للتحصيل المالي في حال تراكمه،  فهو خارج إطار عملها، مضيفًا أن الشركة ملزمة بتسليم التحصيل خلال 48 ساعة، ولو تم الاتفاق بين الزبون وصاحب الشركة على التأخير فهذا يعتبر مخالفًا لإجراءات الترخيص، ويتم حل هكذا قضايا عبر المحاكم. 

ولا تشترط وزارة الاتصالات توفر شهادة عدم محكومية لإتمام رخصة شركة التوصيل، رغم أهمية مثل هذه الشهادة في التخفيف من مشكلات التحصيلات المالية. يؤكد باسل عنتر عدم وجود مثل هذا الشرط، لكنه استدرك بأن الوزارة ستدرج هذا الشرط في الفترة القادمة.

وبين، أن وزارة الاتصالات تجري تعديلات على بنود الرخصة سيتم مباشرة العمل عليها العام القادم، أبرزها وضع رقم الشكاوي 131 بشكل إجباري على سيارة الشركة المعتمدة لتوزيع الطرود.

وأفاد باسل عنتر، أن الوزارة تعاملت مع حالة واحدة كانت فيها شركة مرخصة تمتهن الاحتيال على الزبائن، "وكان واضحًا الهدف من عملها" وفق قوله، مؤكدًا أنه تم حل هذه الحالة.