احتجّ العشرات من ذوي الإعاقة البصرية، الخميس، أمام ديوان الموظفين العام في غزة، رفضًا لاستبعاد عدد منهم من الوظيفة العمومية في بعض الوزارات، وتصنيفهم تحت مسمى "غير لائق" من قبل الديوان.
يقول ذوو إعاقة بصرية إن ديوان الموظفين في غزة استثنى عددًا منهم من التوظيف رغم أنّهم حصلوا على درجات عالية في الاختبارات
الشاب مهند السعدوني من ذوي الإعاقة البصرية كان من بين المشاركين في الوقفة، يقول إنه تقدم لوظيفة معلم لغة عربية بعد تخرّجه من الجامعة بدرجة امتياز، وقد اجتاز الاختبارات والمقابلات التي نظّمها الديوان، وحصل على دور وظيفي متقدّم (الثامن على محافظة خان يونس، والثامن والثلاثين على مستوى قطاع غزة).
ويضيف السعدوني في حديثه لـ الترا فلسطين "كان من المقرر أن أعمل في الدفعة الأولى من المعلمين، ولكن تفاجأت بوجود ملاحظة على ملفي تتمثل بأني غير لائق للعمل وفق تصنيف لجنة تحديد درجة الإعاقة".
ويشتكي السعدوني من أن اللجنة مارست بحقه جميع أنواع العنف النفسي والإحراج عبر طرح الكثير من الأسئلة التي لا تمت للوظائف التي تقدمنا لأجلها، فمثلاً تم سؤاله عن كيف سيتصرف إذا تعرض لحادث سير؟ وكيف سيسير في طريق لا يعرفه؟ وتساءل: ما علاقة هذه الأسئلة بالوظيفة التي تقدمت لها وهي مدرس لغة عربية؟
وطالب السعدوني الحكومة بإنصاف فئة ذوي الإعاقة البصرية والتي تعاني من التهميش والظلم على حد تعبيره، واستيفاء جميع حقوقها وفي المقدمة الحق في العمل.
اقرأ/ي أيضًا: ماذا لو كنت كفيفًا في فلسطين؟
الشاب رائد اللوح (35 عامًا) تخرج هو الآخر قبل أعوام من كلية الشريعة والقانون، إلا أنه لم يتمكن من الحصول على وظيفة عمومية.
ويشير إلى أنه تقدم لوظيفة في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية نافس خلالها آلاف الأشخاص من غير ذوي الإعاقة، واجتاز المقابلة بالحصول على درجة متقدمة، لكن ديوان الموظفين استثناه من الحصول على الوظيفة.
ويقول لـ الترا فلسطين، إنه سمع الكثير من الوعود والتأكيدات على حفظ حقّهم في التوظيف، لكن هذه الوعود لا يوجد لها أي تطبيق فعلي على أرض الواقع، كما يقول.
ويشير رائد، الأب لطفلة، إلى أنه بحاجة ماسة للوظيفة لتدبر أمور طفلته وعائلته، مضيفًا: إذا كان الأشخاص من غير ذوي الإعاقة يعانون من ضيق صعوبة الظروف المعيشية، فما بالنا نحن؟
حق قانوني
من جانبه يؤكد رئيس رابطة الخريجين المعاقين بصريًا نادر بشير على حق الأشخاص من ذوي الإعاقة في الحصول على فرص عمل ووظيفة عمومية، مشيرًا إلى أن هذا الحق كفله القانون الفلسطيني.
ويشير بشير إلى أن ديوان الموظفين في غزة شكّل لجنة لتحديد درجة الإعاقة لدى عدد من المتقدمين للوظيفة العمومية، وقد قامت اللجنة بعد مقابلة الأشخاص ذوي الإعاقة بإصدار توصية بأنهم "غير لائقين للعمل" من خلال إرسال رسائل نصية لهم.
تلقى عدد من ذوي الإعاقة البصرية رسائل نصّية تشير إلى أنهم "غير لائقين للعمل"
ويتابع: "صدمنا من هذا القرار الجائر والمجحف بحق الخريجين من أصحاب الإعاقة البصرية، وتوجهنا للمسؤولين في ديوان الموظفين، والأمانة العامة، والمجلس التشريعي، وسمعنا عدة وعود وحتى هذه اللحظة لا يوجد أي تطبيق على أرض الواقع".
ويضيف أنهم طلبوا مجددًا الجلوس مع المسؤولين في الديوان لوضع عدة خيارات يتم بموجبها فتح فرص جديدة لعمل ذوي الإعاقة في مختلف الوزارات، لكن "للأسف لم يستمعوا إلينا ولم نصل حتى اللحظة لأي حل".
ويشدد رئيس رابطة الخريجين المعاقين بصريًا على أن الرابطة ستستمر في فعالياتها دون توقف حتى الحصول على كامل حقوق أفرادها.
غير لائق للوظيفة
بدوره يؤكد رئيس لجنة تحديد درجة الإعاقة في ديوان الموظفين د. عبد الله حمدونة أن المقصود بمصطلح "غير لائق" أي أنه غير لائق للوظيفة، مشيرًا إلى أن هذا مصطلح علمي ودولي تم اشتقاقه من الدول المحيطة كمصر والأردن، وهو يؤكد على عدم أهلية هذه الشخص للوظيفة.
ويشير حمدونة إلى أن هناك الكثير من الوظائف المتاح لذوي الإعاقة التقدم لها، لافتًا إلى أن عددًا من الوظائف التي أعلن عنها ديوان الموظفين تنطبق شروطها مع ذوي الإعاقة، وأنّ عددًا منهم حصلوا على وظائف تنطبق عليهم شروطها، فيما بعض الأشخاص الآخرين من ذوي الإعاقة لم تنطبق عليهم الشروط، شأنهم شأن الموظفين الأسوياء الذين لم تنطبق عليهم الشروط أيضًا.
رئيس لجنة تحديد درجة الإعاقة في ديوان الموظفين: مصطلح "غير لائق" للوظيفة مصطلح علمي، ويتم التعامل معه على مستوى العالم
ويبين حمدونة أن الوظائف التي تم الإعلان عنها، واحدة منها وظيفة معلم، وهي وظيفة لم يسبق أن تم فيها توظيف مدرسين من ذوي الإعاقة البصرية، نظرًا لصعوبة ذلك وفق قوله.
وأضاف، حاولنا موائمة المدرسة والفصل والطلبة من أجل توظيف مدرسين من ذوي الإعاقة البصرية، لكن المختصين حتى من ذوي الإعاقة أقروا بصعوبة ذلك.
وقال حمدونة إن باقي الوزارات كالأوقاف يتاح التوظيف فيها، وقد تم توظيف عدد من الأشخاص داخل الوزارات المختلفة بعيدًا عن وزارة التربية والتعليم.
وعن استيعاب المعلمين من ذوي الإعاقة في مدرسة النور الخاصة بالطلبة ذوي الإعاقة، أشار حمدونة إلى وجود زيادة في عدد المدرّسين في هذه المدرسة بواقع مدرس لكل طالبين، وقد أوعزت وزارة التربية والتعليم إلى ديوان الموظفين بوقف استقبال طلبات المعلمين بسبب ذلك.
اقرأ/ي أيضًا: فيديو | إبراهيم يُترجم الأغاني والقصائد إلى لغة الإشارة
من جانبه أكد مدير الإدارة العامة للتخطيط ورسم السياسات في ديوان الموظفين العام إياد أبو صفية أن الديوان عمل منذ مطلع العام 2021 على تنفيذ ما نص عليه القانون بتخصيص ما لا يقل عن 5% من الوظائف لصالح ذوي الإعاقة.
وأشار أبو صفية لـ الترا فلسطين إلى أن حصة الأشخاص ذوي الإعاقة عدا عن الإعاقة البصرية كانت أكثر من الإعاقات البصرية. واعتبر أن من غير السهل توظيف أصحاب الإعاقة البصرية، كون التحديات التي يواجهونها أكبر مقارنة بأصحاب الإعاقات الأخرى.
اقرأ/ي أيضًا:
علي حنون.. يُبصر ما لا يُبصرون!