11-أبريل-2017

قرية "عبد الله اليونس"

على هضبة عالية، شرق قرية برطعة غرب مدينة جنين، وتحديدًا بين أعوام 1910-1912 كما تقول الروايات، اختار رجل أن يبني أوّل بيت في المكان الذي كان يُسمّى "خربة"، كناية عن الخراب والإهمال، وصار اليوم قرية صغيرة تُسمّى باسم الجدّ المؤسس "عبد الله اليونس".

قرية "عبد الله اليونس" الصغيرة مقارنة بمحيطها، يعود أصل مؤسسها لقرية برطعة، ويزيد عدد سكّانها اليوم عن 200 نسمة

يعزل الجدار الفاصل الذي أقامه الاحتلال، القرية إلى جانب ست قرى أخرى، ويمنع سُكّانها من التنقّل بين المدن الأخرى عبر حاجز "ريحان" العسكري الذي لا يبعد أكثر من خمس كيلومترات عن القرية. وتصنّف أراضيها ضمن ما يسمى مناطق "ج" وفق اتفاق أوسلو، لكن السلطة الفلسطينية تتولى القضايا المدنيّة والأمنيّة فيها، بينما يمنع الاحتلال البناء، ويرفض منح التراخيص لأهالي القرية، ويهددهم بالهدم بحجّة عدم الترخيص.

لا مجلس قرويّ هُنا، ولا مكاتب، ولا موظفين، فسلطات الاحتلال كانت تُعيق بناء مقرّ للمجلس في كلّ مرّة، ما اضطر رئيس المجلس القرويّ زياد كبحة، للاستغناء عن غرفة واحدة في منزله، وتخصيصها لإدارة أمور قريته، قبل أن تتداعى مؤسسات مانحة وتقدّم دعمًا لتوفير مبنى لا يزال ينتظر الانتهاء من تجهيزه، لبدء العمل فيه.

اقرأ/ي أيضًا: سوق الرابش.. ليست ذاكرتنا وحدنا!

وبعد أن لاحظت سلطات الاحتلال أنّ مشروع مبنىً جديد يقام في القرية سيستعمل كمقرّ للمجلس، حاولوا منع البناء المموّل أوروبيًا، إلّا أنّهم وبعد أن رأوا المخطط الهيكليّ، لم يكن أمامهم إلّا التسليم للأمر، والانسحاب من المكان، كما يقول كبحة.

أطفال القرية، كان عليهم أن يسيروا أربع كيلومترات يوميًا للوصول إلى روضة في قرية برطعة المجاورة، أما العيادة الطبيّة للقرية فلم تكن متوفرة، وإذا باغتك المرض في لحظة ما فعليك أن تقطع مسافة 25 كيلومترًا، ووجهتك مدينة جنين، لتتلقّى العلاج المناسب.

يقول كبحة إنّ التخطيط الهيكليّ للقرية ساعد الأهالي على البناء بطريقة منظّمة بعيدة عن العشوائية التي كانت سائدة، وشجّع على عدم الخوف من قرارات سلطات الاحتلال، فيما يتعلّق بهدم المباني ومنع البناء، مضيفًا: "هذه أرضنا ولن نتنازل عنها".

اقرأ/ي أيضًا: "مفاحم يعبد" تُلاحق إسرائيليًا.. لماذا؟

"البناء في هذه المنطقة كان مستحيلًا"، يقول جهاد ربايعة من وزراة الحكم المحلي في جنين، لكنّه يشير إلى أنّ إصرار أهل القرية والجهات المختلفة، حقق ما كُنّا نرغب به، فتمّ منذ عام 2008 وضع الخطط الهيكلية بمساعدة عدة جهات محليّة ودولية مثل الاتحاد الأوروبي، وتمكنا من التخطيط في 13 منطقة واقعة ضمن ما يسمى مناطق "ج" في الضفة الغربية.

تتذرّع سلطات الاحتلال بعدم تخطيط القرى التي تقع في مناطق "ج" بأنّها مناطق عشوائية، رغم أن هذه القرية أقيمت قبل المستوطنات التي تحيطها بكثير

نيفين نسايبة من صندوق تطوير البلديات، توضح أنّ الهيئات المحلية الصغيرة في المناطق المُصنّفة "ج"، لا تمتلك قدرات تؤهلهاعلى التخطيط في ظل سياسات سلطات الاحتلال في مثل هذه المناطق، مبيّنة أنّ ما يتم تنفيذه في هذه الهيئات يساعدها على النهوض بنفسها وإثبات وجودها.

ويقول رئيس المجلس القرويّ، إنّ المستوطنين الذين يحيطون القرية من ثلاث جهات، يُفلتون قطعان الخنازير البرية والكلاب، في ساعات الليل المتأخرة على أراضي قرية "عبد الله اليونس"، ما يمنع المزارعين الذين يشكلون 40% من استخدام أرضيهم، ما يُفسد المحاصيل المختلفة مثل البصل والبامية والفول والقمح.


 اقرأ/ي أيضًا:

مستوطنات جنين.. هل هذا ما سنفعله بعد التحرير؟

هكذا أتذكر الأستاذ نزيه

صور | شوقية.. مرأة في وجه الاحتلال