17-نوفمبر-2016

صور أرشيفية

منذ ساعات الصباح الأولى لليوم الخميس (17 تشرين ثاني/نوفمبر)، كانت ما تُعرف بـ "مشاحر الفحم" في بلدة يعبد جنوب غرب جنين، على موعد مع هجمة إسرائيلية تستهدف إنتاج الفحم النباتيّ، الذي تنفرد به البلدة منذ ستينيّات القرن الماضي، على مستوى فلسطين والمنطقة.

الاحتلال استولى صباحًا على معدّات تستخدم في إنتاج الفحم النباتيّ، وهدد بإغلاق المفاحم، بذرائع بيئية

وأعلنت قوّات الاحتلال فجر اليوم، الشارع الذي يربط بلدة يعبد بالقرى الغربية في جنين، منطقة عسكرية مغلقة، واستولت على أطنان من الحطب النباتيّ، وجرارات زراعية، وصهاريج مياه، ورافعات، ومعدات كبيرة، بسبب شكاوى تقدّم بها مستوطنون، زعموا أنّ هذه الصناعة تلوّث هواء المنطقة.

الاستهداف الإسرائيليّ لـ "المشاحر" هذا الصباح، سبقته حملة تحريض قادها المنسق الإسرائيلي "يؤاف موردخاي"، منذ أيّام، مُحرّضًا خلالها على صناعة الفحم المتوارثة في جنين منذ عقود، بقوله إنّها تهدد بـ"مجزرة بيئية وصحية". وذكر المنسق عبر صفحته، أنّه تمّ اليوم، ولأول مرة "اتخاذ الإجراءات اللازمة وتطبيق القانون ضد المشاحر غير القانونية".

وبالطبع، ينسى "المنسق الإسرائيلي"، التلوث الذي تسببه المصانع الإسرائيلية المقامة على آلاف الدونمات الفلسطينية المصادرة لإقامة مناطق صناعية في الضفة الغربية، حيث يوجد ما لا يقل عن 7 مناطق صناعية في المستوطنات، تحوي 300 مصنع، معظمها ينتج صناعات شديدة الخطر على البيئة والصحة العامة، ناهيك عن النفايات الإسرائيلية الخطرة، التي يتم التخلّص منها، بإلقائها في مناطق الضفة.

اقرأ/ي أيضًا: نفايات "ديمونا".. قاتل صامت في الخليل

كايد أبو بكر، بدأ عمله في "المشاحر"، قبل 33 عامًا، حين كان في سنّ 12 عامًا، وهو اليوم أحد أصحاب هذه المفاحم، ويقول في حديثه لـ "ألترا فلسطين" إن عمله شبه متوقف هذه الأيّام، بسبب الملاحقة الإسرائيلية لعمل المفاحم مؤخرًا، من خلال مصادرة ومنع وصول حطب أشجار البرتقال القادمة من الداخل الفلسطيني، والذي يستعمل في إنتاج الفحم النباتيّ.  

المفاحم كانت في منطقة سهل يعبد، ثم لاحقها الاحتلال وضيّق على أصحابها إلى أن انتقلوا إلى منطقة زبدة/يعبد 

هذه المفاحم كانت تتخذ سابقًا من سهل يعبد مكانًا لإنتاج الفحم، لكن أصحابها قاموا بنقلها إلى منطقة تقع بين زبدة ويعبد، جنوب غرب جنين، عام 2013، جرّاء مضايقات الاحتلال المستمرة، حيث يصل عددها اليوم إلى نحو 50، تُشغّل 100 عامل بشكل مباشر، بالإضافة للعمال الذين يعملون في جمع الحطب وتقطيعه، وتوريده.

ضابط الارتباط العسكري الإسرائيلي هدد أصحاب المفاحم بأنه سيتم خلال أيّام، إزالة كافة وُرش إنتاج الفحم، بالجرافات، بعد شكاوى قدّمها مستوطنون، في حال لوحظ تسرب للأدخنة في المكان.

الإجراءات الإسرائيلية بذريعة التلوث البيئي في المنطقة، يرى أصحاب المفاحم، أنّها ليست سوى حجّة لإبعادهم عن المكان، مشيرين إلى وجود مخطط لتحويل مستوطنة "حريش" الواقعة في وادي عارة بالداخل المحتل، إلى مدينة يهودية في قلب التجمع السكاني العربي، تتسع لمئات الآلاف من الإسرائيليين.

ويرى أبو بكر أنّ الخطوة الإسرائيلية هدفها حرف الأنظار عن التلوّث المخيف الذي تسببه المصانع الإسرائيلية "مصانعهم بتلوّث قد مفاحمنا ع ميت مرّة"، لافتًا إلى مظاهرات نُظّمت مؤخرًا في إسرائيل، احتجاجًا على الخطر الذي تشكله المصانع، خاصّة تلك التي في حيفا.

واستنكر محافظ جنين اللواء إبراهيم رمضان، "إجراءات الاحتلال بملاحقة لقمة عيش المواطنين في بلدة يعبد ومنطقتها، والتي تعتمد بالدرجة الأولى في اقتصادها المحلي على صناعة الفحم".

وتعتمد بلدة يعبد والقرى المجاورة لها، في اقتصادها على صناعة الفحم التي يلاحقها الاحتلال، وكذلك "الدخّان العربي" الذي تُضيّق السلطة الخناق على زراعته وتجارته، وبات العاملون فيه من المهربين والخارجين عن القانون.

تزامن العمل ضدّ المفاحم، مع انعقاد مؤتمر المناخ الدولي والذي شهد مشادة كلامية بين رئيس الوزراء رامي الحمد الله، ووزير حماية البيئة الإسرائيلي

وتزامن العمل ضدّ المفاحم، مع انعقاد مؤتمر المناخ الدولي في مدينة مراكش المغربيّة، والذي شهد مشادة كلامية بين رئيس الوزراء رامي الحمد الله، ووزير حماية البيئة الإسرائيلي زئيف إلكين، بعد أن ادّعى الأخير أنّ سكان أحد التجمعات البدوية قدموا شكوى لدى إسرائيل بسبب قيام أفراد عائلة الرئيس محمود عباس ببناء مصنع للاسمنت، ما يؤدي إلى تلوث المنطقة المصنفة على أنها محمية طبيعية. وردّ الحمد الله بأن الصناعات الإسرائيلية في المستوطنات تسبب مكاره بيئية خطيرة.

الجدير ذكره أنّ إنتاج الفحم في فلسطين، ينتشر بالإضافة لمفاحم منطقة يعبد في جنين، في المناطق الشرقيّة على لحدود قطاع غزة، لكنّ هذه الصناعة تأثرت بسبب التجريف الإسرائيلي المتكرر لمساحات شاسعة من الأراضي المخصصة لإنتاج الفحم، وأيضًا بسبب غزو "الفحم المصري" المستورد، لأسواق غزة. 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الضفة الغربية: زراعة الدخان "عادي" وتجارته ممنوعة

كاتب فلسطيني يقرر حرق كتابه علنا بعد تهديده بالقتل

مستوطنات جنين.. هل هذا ما سنفعله بعد التحرير؟